محمد الرصافي المقداد يكتب:العد العكسي لأفول نجم القوة العسكرية الأمريكية

بقلم: محمد الرصافي المقداد

قبل الضربة الصاروخية، على التواجد الامريكي، في قاعدة عين الاسد العراقية، ردا على عملية الاغتيال الجبانة، التي استهدفت مركبة الشهيد اللواء قاسم سليماني، ورفاقه من مقاومي الارهاب الداعشي، والتي نفذتها قوات امريكية، كانت وسائل الاعلام الغربية والعربية تبعا لها، تتناول  مسألة القدرات العسكرية الاسلامية الايرانية، بكثير من الاستغراب والتعجب، وفي اغلب الاحيان بشيء من الاستخفاف والاستهانة، وتخلص في اغلب تقاريرها، الى انها قدرات بدائية، ما تزال بعيدة عن التطور التقني، الذي وصلته الدول الغربية وفي مقدمتها امريكا، وتحتاج الى سنين طويلة من اجل تطويرها، وبالتالي، فهي الى حد الان، غير قادرة على الوقوف بندية، امام القوة العسكرية الامريكية، التي عدها الخبراء العسكريون، الاولى في العالم على جميع المستويات.بل ان اغلب هؤلاء، لم يكن متوقعا ردا ايرانيا مؤثرا، بعد العهد الذي قطعته القيادة الايرانية، بالثأر لدم الشهيد المغدور قاسم سليماني ورفاقه، ومنهم من ذهب الى الاعتقاد بانه لن يكون هناك رد حقيقي بعقلية ترسخت في  الناس تقول: من يجرؤ على أمريكا، ويرد عليها في هذا الزمن، ولو بالتهديد اللفظي.

لقد كان على الامريكيبن أن يستخلصوا الدرس من عمليات القصف الصاروخي، الذي نفذه حرس الثورة الايراني، ضد داعش في دير الزور، وضد مواقع صهيونية في الجولان المحتل، بعدما عاينوا بادوات رقابتهم من اقمار صناعية واجهزة مخابرات، دقة الاصابات التي لحقت الاهداف المنتخبة، وحجم الاضرار التي لحقتها، وقد دل تهديد ترامب على ضرب52 هدف ايرانيا، من بينه مواقع اثرية وثقافية- محاولة منه لاخافة الايرانيين من مغبة الرد – على مدى خشيته التي لم تتكون من فراغ، واذا بالرد الايراني يرغم انفه بتراب الذل، ويفتح بابا لسقوط المهابة المزيفة، التي لبسها النظام الامريكي ما يزيد على قرن من الزمان، ويختم بالنهاية على زمن هيمنة القوة التي تخشاها الدول كلها،  ويفتح الباب امام زمن أفولها واندثارها، وهذا ما سنشهده بعد اي حماقة  قد ترتكبها مجددا.

لقد كشف انشغال امريكا ودول الغرب بتطور البرامج الصاروخية الايرانية، وسعيهم بكل الطرق والجهود التي ملكوها، بالمكر والاحتيال لاخضاع ايران،  وإنزالها عند رغبتهم، في تحديد مداها وقدرتها التدميرية، وقد باءت جميع محاولاتهم بالفشل الى حد الان، وتقدم ايران وتطوير اسلحتها مستمر، وليس بمقدور احد ان يوقفه، وان اجتمعوا عليه.

اما بعد ان نفذت ايران وعدها، واصابت صواريخها بدقة متتاهية اهدافها، في قاعدة عين الاسد، مخلفة خسائر بشرية ومادية هامة، تكتم عليها الامريكيون في البداية، تقليلا من شأنها، فان الصراع الداخلي، الذي تشهده الساحة السياسية الامريكية، بين الديمقراطيبن من جهة والجمهوريين من جهة اخرى، افاض كاس التستر على واقعهم الهش الذي اصبحوا عليه، وبدأ الاعتراف بالخسائر يتتابع، مناقضا   تغريدة ترامب على صفحته بتويتر، كتب فيها ان كل شيء على ما يرام، فاذا باعترافات البانتغون، تفند ما طمأن به ترامب الشعب الامريكي، وتصرح تباعا وباسلوب ركيك، كشف للعالم مدى الارتباك الذي وقعت فيه السياسة الأمريكية بتوريط قواتها، في مازق تبعات العملية الاجرامية التي نفذتها.

التفوق الامريكي قبل الضربة الايرانية، كان هاجسا مخيفا لاغلب دول العالم، فلم يكن احد يفكر حتى مجرد التفكير في الوقوف في وجه أمريكا، وجاءت عملية الاغتيال الامريكية الغبية التي اقترفها ترامب، لتتيح لايران شرف فتح النار على غول الوهم، وتكذيب اسطورته.

قاعدة عين الاسد العسكرية بالعراق، ذات الاهمية العسكرية البالغة، تتواجد في قسم منها قوات أمريكية،   تصاب بثلاثة عشرة صاروخا من طراز فاتح 313، دون ان تتمكن دفاعاتها الجوية، من التصدي لصاروخ واحد واسقاطه، تدعونا الى التساؤل: اين منظومة الدفاع الجوي الباتريوت، التي طالما افتخر بها الامريكيون، وجعلوا منها مفخرة دفاعاتهم الجوية؟ واين رادارات كشف الاهداف المعادية، ومنظومتها الالكترونية المتطورة؟ واين طارات الدرون المسيرة، التي تحرس ليلا سماء القاعدة وما حولها؟ لقد شلت كل تلك المنظومات شللا كاملا، اخرجها من نطاق الفاعلية والمواجهة الى جمود يحاول الامريكيون اخفاء خيبته، لانه في الميزان العسكري يعبر عن فشل ذريع، وينذر بعواقب وخيمة، في صورة تكرار الخطأ في قلة تقدير القوة الايرانية.

نتائج الخسائر الامريكية التي قال ترامب ان ادارته بصدد احصائها، وان تاخر الاعلام ببعضها تخفيفا لوطأتها، قرابة الاسبوعين، بدات تظهر محتشمة، تحاول في تقسيط ذكر خسائرها، مداراة العار الذي لحق بامريكا، حكومة وجيشا.

لقد كانت إمامة قائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي، لجمعة طهران، حدثا استثنائيا في حد ذاته، خطب فيها متحدثا عن المستجدات التي بدأت من عملية الاغتيال الجبانة، الى الرد المناسب عليها، من طرف الحرس الثوري، الذي يعتبر امريكا شيطانا اكبر، ويتعامل معها كقوة ارهابية، وكان من بين ما عبر عنه للشعب الايراني والشعوب الاسلامية قوله :

(ان هذه الأيام تعتبر نقطة انعطاف تاريخية ، ليست أياما عادية،حيث وجهنا صفعة بوجه القوة العالمية المتغطرسة.)

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!