قطاع المقاطع: نهب واستحواذ على ملك الدولة والمراقبة غائبة

تونس – الجرأة الأسبوعية:

يعد قطاع المقاطع من اهم بين الانشطة التي تشوبها معضلات كثيرة .

هذه التجاوزات متعددة فهي بين الاستحواذ على ملك الدولة والاستغلال العشوائي غير القانوني وايضا الاضرار بالبيئة.

المشكل الاكبر في عدم تطبيق القانون في حالات كثيرة على المتجاوزين فرغم ان القانون واضح وصريح الا انه في احيان كثيرة يكون في ضفة والواقع في ضفة اخرى.

السؤال هنا: هل ان اجهزة الدولة غير قادرة على التحكم في هذا القطاع وتنظيمه وفرض كلمة الدولة ومحاسبة المخالفين بالقانون ام انه قطاع غرق كغيره من القطاعات في الفساد وبات الاصلاح صعبا؟

الحل لا يتعلق بقطاع دون آخر بل المعضلة عامة أي هي منظومة كاملة من الفساد استفحلت في بلادنا فقبل 2011 كان العائق وجود نافذين مقربين من السلطة اما اليوم فالمستفيدون والمخالفون تضاعفوا كثيرا أي اننا لم نعد نجابه قلة معروفة بل منظومة كاملة.

وفق الأرقام الرسمية فانه ببلادنا 873مقطعا مع الاشارة هنا أن هذا العدد يشمل المقاطع المعلن عنها أي التي منحت ترخيصا من الدولة في حين أن هناك مقاطع أخرى تستغل بعيدا عن المراقبة .

هذا العدد ينقسم بين مقاطع تقليدية وعددها 321ومقاطع تسمى صناعية وعددها 522 منها  322تصنف كونها في حالة نشاط وهذا يعني أن العدد المتبقي هي مقاطع انتهت المحددة لاستغلالها وفق الترخيص الذي منح لها والذي لا يتجاوز خمس سنوات قبل إعادة دراسة المكان والتثبت من إمكانية مزيد استغلاله ام لا لكن حقيقة الوضع ان اغلب المقاطع التي من المفترض أنها توقفت هي أيضا في حالة نشاط لكن بشكل غير قانوني.

 

قطاع هام

 

هذا القطاع له أهمية كبرى فهو من ناحية يشغل ما لا يقل عن 35ألفا من اليد العاملة بصفة مباشرة وعشرات الآلاف بصورة غير مباشرة .

ينشط قطاع المقاطع منذ عقود وفق قانون 1989الذي حدد كل الشروط للحصول على الترخيص وأيضا تفصيل الإجراءات والعقوبات في حالات حصول تجاوزات عند الاستغلال أو بعده وهو نظريا قانون جيد ومدروس بعناية لكن المشكل لم يكن نظريا بل إجرائيا .

هذا القانون يفصل في أدق الأشياء المتعلقة بهذا النشاط بما فيها تقسيمها إلى مقاطع سطحية وأخرى جوفية وكل لها نصوصها القانونية التي تنظمها حيث ان هناك لجنة استشرافية تراقب وتعاقب وتقرر تتبعها لجان جهوية بمعنى أوضح فان هذا القطاع حظي باهتمام المشرع وضبطه بمنتهى الدقة.

لكن الإشكال ليس هنا.

الإشكال الأول والذي توسع خاصة بعد 2011 رغم التنقيح التشريعي في عام 2016 هو أن القانون في ضفة والواقع في ضفة أخرى فبعد الثورة خاصة ضغطت التجاوزات على هذا القطاع وهي تجاوزات واضحة وجلية ولا يمكن إخفاؤها منها استغلال مقاطع بشكل غير قانوني أي بدون ترخيص وهذا يشمل خاصة المقاطع التي تصنف تقليدية وهنا علينا أن نركز على مصطلح تصنف كونها تقليدية لان هناك عشرات المقاطع قامت بتغيير صنفها من قبل مالكيها او من يكترونها من مقطع صناعي إلى مقطع تقليدي والهدف التمتع بامتيازات في الأصل ليست من حقهم .

 

تجاوزات كثيرة

 

التجاوز الآخر وهو الأكثر انتشارا هو تجاوز المساحة المحددة برخصة أي أن أصحاب مقاطع أو بالأصح كثير منهم يعمدون إلى الزحف على مساحات خارج نطاق نشاطهم ويستولون عليهم ومع الوقت بتحول التجاوز إلى أمر واقع مستغلين حالة الفوضى وعدم الاستقرار الذي حصل بعد الثورة.

التجاوز الآخر وهو منتشر بكثرة أيضا يتمثل في أن المقاطع التي انتهى استغلالها تترك كما هي اي على حالتها في حين أن القانون يلزم مستغليها السابقين بإصلاح كل الأضرار التي حصلت بما في ذلك البيئية لكن عمليا هذا البند غير مفعّل مطلقا .

هذا المقال نشر في الجرأة الأسبوعية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!