في جرد للقروض و الهبات : تونس تحصلت على 325 قرضا و 113 هبة و تجاوزات بالجملة
اثارت تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد الاخيرة حول وجود عدد من الاخلالات في صرف القروض والهبات الخارجية المسندة إلى الدولة والمؤسسات العمومية خلال السنوات العشر الأخيرة ، تسائلات التونسيين حول ماهية هذه التجاوزات و قيمتها .
و حيث قامت وزارة المالية بمد رئاسة الجمهورية بتقرير مفصل حول الهبات والقروض التي حصلت عليها تونس في السنوات الماضية ,و يأتي ذلك على اثر طلب سعيّد القيام بعمليات جرد شامل لهذه القروض السنة المنقضية .
اخلالات و تجاوزات
وأفاد بيان للرئاسة التونسية حول هذا التقرير بأنه ” قد كشف عن العديد من الإخلالات مما تسبب في تحمل ميزانية الدولة لفوائد وخسائر صرف دون موجب في عديد الحالات”.
كما دعا رئيس الجمهورية قيس سعيّد في هذا السياق إلى ترتيب الآثار القانونية عن التجاوزات التي أظهرها التقرير الخاص بجرد وضبط وضعية القروض والهبات المسندة لفائدة الدولة التونسية والمؤسسات العمومية خلال العشر سنوات الأخيرة والذي أعدّته وزارة المالية.
وأوضح سعيد خلال لقاءه بقصر قرطاج وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي أنّ الأرقام الواردة بهذا التقرير ضخمة وخاصة بالنسبة إلى الهبات التي كان من المفترض أن ينتفع بها مستحقها الطبيعي وهو الشعب التونسي، علما وأن بعض الهبات استفاد منها أشخاص ولم تطالهم بعد يد القضاء، وفق ما جاء في بيان لرئاسة الجمهورية.
وأضاف “إذا كان البعض مازال يشكك في الوصول إلى الحقيقة فإما أنه متورط ومستفيد واما أنه يسعى إلى إحباط العزائم حتى لا تعود أموال الشعب إلى الدولة التونسية، فطرق التوصل إلى الحقيقة كثيرة والقضاء العادل سيبت في هذه الملفات بالنسبة إلى من يسعى إلى إخفائها أو بالنسبة إلى من استفاد منها.”
هذا و قد دأب الرئيس التونسي عن ذكر وجود فساد مالي و اداري في كيفية التصرف في الهبات و القروض الممنوحين الى الدولة ، الا انه و بعد حصوله على هذا التقرير اكتفى بذكر “الاخلالات ” و لم يقدم تفاصيل اضافية .
جرد شامل
و بحسب وثيقة تحصلت عليها افريكان مانجر ، فان الهيئة العامة للرقابة المالية ، و الذي اعدت التقرير المذكور سابقا ، تمكنت من حصر تحصل الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2011 على 325 قرضا ، بما في ذلك 43 قرضا لم يدخلوا حيز النفاذ و التي تتعلق بالاساس بمشاريع ملغاة أو معطلة .
و وفقا لمعطيات من طرف وزارة الاقتصاد و التخطيط فقد تحصلت الدولة التونسية على 113 هبة ، بالاضافة الى 99 هبة تم منحها للمؤسسات و المنشات العمومية .
و افضى تقرير هيئة الرقابة ، الى وجود عدد من النقائص و الاخلالات في مرحلة تنفيذ و استغلال اموال هذه القروض و الهبات ، تم على اثرها احالة البعض منها على القضاء على غرار الهبة الصينية و التي اشار لها بيان رئاسة الجمهورية الاخير .
تفاصيل الهبة الصينية
وتعود اطوار قضية”الهبة المذكورة ” الى سنة 2012 اثر شكاية تقدمت بها المدونة الفة الرياحي ضد القيادي بحركة النهضة ووزير الخارجية في عهد الترويكا ، رفيق عبد السلام ، بعد الاشتباه في استيلائه على هبة صينية الى تونس قدّرت قيمتها بمليون دولار.
يذكر ان رفيق بوشلاكة يواجه تهمة استغلال موظف عمومي لصفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه او لغيره والاضرار بالادارة ومخالفة التراتيب المعمول بها، كما يواجه ايضا تهمة تصرف موظف عمومي بدون وجه في اموال وضعت تحت يده.
و جاءت الهبة في اطار التعاون الثنائي بين تونس والصين حيث تم تكليف الجهة التونسية بتنظيم المنتدى العربي الصيني الخامس . وفي اطار الاعداد لتنظيم المنتدى المذكور عبرت الصين عن استعدادها لمنح تونس هبة مالية كمساعدة قدرها مليون دولار امريكي وذلك طبق المراسلة الموجهة من سفارة الصين الشعبية بتونس الى وزارة الخارجية.
وتولت الصين في اطار تلك المراسلة مطالبة الجهة التونسية مدّها بتفاصيل ومعلومات تخصّ من سيتم تمتيعه بالهبة المذكورة وتيبن من خلال كشف الحساب بالشركة التونسية للبنك انه تم ايداع المبلغ المقدر بمليون دولار امريكي لفائدة وزارة الخارجية.
كما تبين ايضا انه قد تم تنزيل مبلغ الهبة بحساب خاص مفتوح باسم وزير الخارجية الاسبق (رفيق عبد السلام ) لدى الشركة التونسية للبنك مخالف للقانون وانه عليه تحويل مبلغ مليون دينار فقط بميزانية الدولة وذلك بالحساب الجاري للخزينة العامة.
للاشارة ، فانه لم يتم الى حد اليوم و بعد مرور 10 سنوات عن القضية اصدار حكم نهائي و بات فيها .
تفاصيل النتائج
كما لاحظت هيئة الرقابة وجود نقائص تهم عدم الاستغلال الجيد للموارد الخارجية المتاحة لتونس ، مع عدم التحكم في الاجال مما ساهم في تعثر انجاز المشاريع و ارتفاع تكلفتها مقارنة ببداية انجاز المشروع.
و افضى التقريرالرقابي عن ان فعل التمديد المتكرر لتاريخ انتهاء حق سحب “القروض ” اتنجر عنه ارتفاع لكلفة المشروع مقارنة بكلفته الاصلية و تحمل اعباء اضافية تتعلق بالترفيع في نسبة الفائدة أو توظيف عموملات يتم خصمها مباشرة من اصل القرض مما يسبب عدم توازن في موارد الدولة .
كما خلصت المهمة الرقابية الى وجود ضعف في بعض السحوبات المنجزة في تاريخ ختم القروض أو الهبات مما يترتب عنه الغاء لجزء منها ، و يجعل ميزانية الجدولة تتحمل ذلك الفارق أو ما تبقى من تكلفة المشروع ، بالاضافة الى تسجيل ضعف في استهلاك الموارد الخارجية نتيجة المشاكل العقارية في بعض الاحيان أو عدم القدرة على استعمالها ..
جدير بالذكر بان تونس قد تحصلت على عدد كبير من القروض و الهبات مقارنة بسنوات ما قبل “الثورة ” وذلك بسبب الازمة الاقتصادية و الاجتماعية التي مرت بها البلاد .