في تونس اليوم : الفساد صار محميا من أحزاب و”متنفذين” …وكل ملف يفتح يتم غلقه من أياد خفية

تونس – الجرأة نيوز : محمد عبد المؤمن

في اطار الحملات المتواصلة  على التهريب والتجارة الموازية التي التهمت اكثر من 50 بالمائة من قيمة الاقتصاد الرسمي فان اجهزة الدولة ان كانت تابعة لوزارة التجارة او الداخلية او المالية ممثلة في الديوانة تتجه نحو” الصغار” أي شاحنات صغيرة تنقل بعض السلع او باعة هامشيين ويتم حجز بعض البضائع .

هذه الإجراءات لا تتجاوز كونها مسكنات وذر للرماد على العيون و لن تغير في الوضع شيئا لان المعضلة الحقيقية ليست هنا وليست ايضا عند هؤلاء بل هي في اتجاه آخر مغاير تماما.

ما نتحدث عنه هنا هو الرؤوس الكبيرة المتخفية والتي لا يعرفها احد لكن بالتأكيد قد نكون نراها في المشهد العام ان كان السياسي او الاعلامي لكن لا احد يعرف عنهم شيء.

 

الفساد الكبير

 

بل اكثر من هذا فهناك سياسيون ونواب سابقون وربما صاروا حاليين وجددوا عهدتهم هم ضمن هذه الدائرة فالفساد الكبير لا يمكن ان ينمو دون اطراف نافذة تحميه وتغطي عليه وتوفر له حرية النقل.

السؤال هنا: كيف تدخل تلك السلع المهولة مجهولة المصدر .

وكيف تدخل تلك الكميات الكبيرة من المخدرات والتي صار جزء كبير منها يروج حول المدارس والعاهد.

كيف يقبض على مهربين كبار ثم يطلق سراحهم.

 

هذه هي الاسئلة المهمة والحقيقية.

فالحرب على الفساد لا تكون بتوجيه ضربات للفروع والتفاصيل بل بالتوجه نحو المراكز لان الفساد يريد ان يكون دولة داخل الدولة بل هذا ما قاله منذ فترة رئيس هيئة مكافحة الفساد شوقي طبيب وقاله ايضا رئيس الحكومة يوسف الشاهد.

الوهم الثاني الذي يحمله الكثيرون عن حسن نية كون الكميات الاكبر من المواد والسلع المهربة تدخل عبر الحدود والطرق الوعرة لكن هذا الحكم ليس دقيقا جدا لان الكميات الأكبر تدخل عبر الموانئ وفي حاويات يمكن ان يسجل كونها تحمل أي سلعة لكن في داخلها قد يكون شيء آخر مغاير تماما.

 

 

مؤشرات عالمية

 

الغريب في الامر ان حجم الفساد ما بعد الثورة تزايد كثيرا عما كان عليه قبلها رغم اتخاذ اجراءات كثيرة لمحاربته من حكومات وهيئة مستقلة وتركيز الاعلام عليه كل هذا لم يمنع توسعه وتزايده حتى بات الوضع خطيرا جدا.

هذا الوضع عبرت عنه تقارير كثيرة دولية ووطنية بل ان تقريرا حذر من عائلات واشخاص قليلة باتت تتحكم في هذه الدائرة وتنهب خيرات وموارد البلاد لكن لا احد قدم لمحاكمة او كشف امره بل كل ما يحصل حملات هي اشبه بالانفعالات سريعا ما تنتهي ولا ينطبق عليها مصطلح حرب على الفساد بل هي مجرد مشاكسة .

الامر الاخر الخطير بل لا يقل خطورة عن السابق هو ان كثرة الحديث عن الفساد ومقاومته الصورية حول الموضوع الى طرح روتيني ممل بل لم يعد هناك اكتراث من الراي العام الذي صار ينظر للأمر كون الفساد غلب وان القضاء عليه بات مستحيلا او على الاقل شبه مستحيل .

يمكن الرجوع هنا الى استطلاعات الرأي الذي تجرى والتي تظهر تعكس انعدام ثقة التونسيين في الكثير من الشخصيات السياسية او اغلبهم وايضا في الكثير من اجهزة الدولة من ادارات وحكومة ومسؤولين .

اضافة الى هذا فان طرح ملفات فساد كبيرة ثم تترك ليعمها النسيان كل هذا يزيد في انعدام ثقة التونسي ويأسه بالتالي فان الحكومة الجديدة لن يكتب لها النجاح ان لم تحقق تقدما في هذا الملف والمقصود اجراءات ملموسة وعملية يراها المواطن لا مجرد خطابات فضفاضة وشعارات مملة وجوفاء .

 

السياسة والفساد

هناك ظاهرة باتت تقلق الرأي العام في بلادنا وهي ان الفساد صار مجرد شعارات الى درجة ان الفاسدين وان كانوا معروفين وملفاتهم مكشوفة فانهم يفلتون من العقاب والمحاسبة وحتى ان فتحت ملفاتهم سريعا ما يتم اغلاقها حيث تتدخل ايد خفية لتقوم بهذه المهمة .

كل هذا يحصل بصفقات سياسية وحزبية فهذا الحزب او ذاك الشخص فاسد خلال الحملات الانتخابية لكن بعدها يتحول الى شريك سياسي وللأسف فان هناك من يقتنع لأنه سريعا ما ينسى ما يقال له او يرمى اليه من تعهدات .

 

محمد عبد المؤمن

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى