عمليتي باردو وسوسة الإرهابية.. الصيد يتّهم الأمن بالتقصير
في كتابه «في حديث الذّاكرة»، كشف رئيس الحكومة الأسبق الحبيب الصيد، عن تفاصيل وخفايا عملية باردو الإرهابية يوم 18 مارس 2015 في متحف باردو والتي خلفت 23 قتيلا غالبيتهم من السياح الأجانب و50 جريحا بالاضافة الى احتجاز العشرات من السياح لساعات قبل تحريرهم من قبل قوات الامن، إضافة إلى عملية سوسة الإرهابية، التي استهدفت يوم 26 جوان 2015 فندق بالمنطقة السياحية سوسة والتي خلفت 40 قتيلا بما فيهم منفذ الهجوم وكان أغلبهم من السياح البريطانيين.
وقال الصيد عن عملية باردو «كانت هذه العملية بمثابة الصاعقة التي ضربت قلب العاصمة بسبب ما اتسم به العمل الأمني في بعض المستويات من تراخ ونوع من اللامبالاة وسوء التنسيق بين الهياكل الأمنية وربما كان ضعف التنسيق يرجع أيضا لغياب خطة المدير العام للأمن الوطني التي حذفت عند تسمية رفيق الشلي كاتب دولة لدى وزير الداخلية مكلفا بالامن حيث كان من المؤمل آنذاك التقليص من الوظائف وتركيز سلطة القرار بما يضمن تجنب تشتت المسؤوليات ولكن مع الأسف ومع مرور الوقت تراجع التنسيق بل وربما حصل مزيد من التنافر خاصة بين هيكلي الأمن والحرس الوطني».
وتابع رئيس الحكومة الأسبق «لقد استاء الجميع من ذلك وأذكر أن اليابان التي فقدت اثنين من مواطنيها في العملية عبرت بدورها عن غضبها الشديد لما بلغتها معلومة تفيد بأن حراس المكان كانوا في المقهى وأن بعض الأعوان لم يتورعوا عن سلب الضحايا وسرقة بعض المتاع من الجثث الملقاة على الارض».
وأضاف انه «تبين من جهة أخرى وبالملموس مدى التسيب الأمني بمنطقة باردو عندما قمت بزيارتي الثانية لمستشفى شارل نيكول حوالي منتصف الليل بعد الواقعة بهدف الاطلاع على سير العناية بالمصابين ومدى الرعاية التي يلقونها في المستشفى ووجدت عندئذ في الرواق احدى الموظفات بسفارة اسبانيا بصدد البحث عن مفقودين من السياج الاسبان فأسديت التعليمات لمدير الاقليم بالتوجه مع فرقة الأنياب للبحث عنهما في كافة أرجاء متحف باردو وقد ساءني جدا عندما عاد لي المسؤول الأمني بعد انتهاء مهمته ليعلمني بأنه ليس هناك أثر لهما وبأن البحث عن المفقدوين لم يؤد الى أية نتيجة مما يرجح انهما غادرا مكان الواقعة منذ مدة بينما فوجئت من الغد صباحا بوسائل الاعلام وهي بصدد بث خبر خروج المفقودين آنذاك من مسرح الجريمة واللذين كانا مختبئين بأحد اجنجة المتحف طيلة العملية الارهابية وبقيا في المخبأ كامل الليل ولذلك بادرت بتسليط عقوبات شديدة على المسؤولين الامنيين المعنيين في الجهة وفي مقدمتهم مدير الاقليم».
أما بخصوص عملية سوسة الإرهابية، فذكر الصيد في كتابه أنه بعد عملية باردو الارهابية «أذنت الحكومة بالعديد من الإجراءات التي من المفروض أن تنفذها الهياكل والمؤسسات السياحية لتعزيز الوقاية غير أن تلك التعليمات لم تؤخذ بما يكفي من الاعتبار والجدية بينما كان في المقابل أخطبوط الإرهاب واذرعه تقطر غدرا ولم يترك فرصة لنهوض البلاد دون كيل مزيد من الضربات للاقتصاد الوطني فكان الهجوم الارهابي الفظيع والوحشي الذي استهدف يوم 26 جوان 2015 فندق بالمنطقة السياحية سوسة والذي خلف 40 قتيلا بما فيهم منفذ الهجوم وكان اغلببهم من السياح البريطانيين».
وأضاف الصيد: «كانت هذه العملية قاسية جدا بل بمثابة الكارثة على البلاد من حيث ملابساتها وخاصة من حيث عدم جدية رد الفعل الأمني والبطء الكبير الذي تم به التدخل…وقد كنت اشعر بحنق شديد جراء ما حصل في سوسة الى درجة اني فكرت آنذاك جديا في الاستقالة من رئاسة الحكومة».
كما تطرق في كتابه إلى العملية الارهابية بشارع المحمد الخامس قائلا: «عندما وقعت العملية الارهابية الثالثة يوم 24 نوفمبر 2015 وكانت هذه المرة على مسافة أمتار من وزارة الداخلية أي في شارع محمد الخامس، لم يكن هناك تردد في اقالة وزير الداخلية ناجم الغرسلي ضمن تحوير وزاري موسع … لقد وصل الارهاب آنذاك إلى مرحلة متقدمة جدا من الخطورة من حيث تغلغله في قلب العاصمة مما انجر عن استشهاد 12 عونا من الأمن الرئاسي وجرح 20 آخرين من بينهم 4 مدنيين بعد ان اقدم الارهابي حسام العبدلي على استعمال حزام ناسف وتفجير نفسه في مدخل الحافلة المخصصة لنقل أعوان الأمن الرئاسي من شارع محمد الخامس إلى مقر عملهم بقصر قرطاج».
وتابع الحبيب الصيد قائلا: «ولكن كان من الواضح ان هناك تقصيرا أمنيا فادحا أدى إلى هذه العملية على غرار الحفاظ على المأوى نفسه لسنوات عدة لركن الحافلة في موقع مكشوف دون حراسة جدية حيث كان المكلف بها مبتدئا من المنتدبين الجدد. ولما حصل المكروه، لم يعد الرأي العام يحتمل مثل هذه العمليات البشعة..»