عروض العمل بالخارج.. فخّ يُصطاد به الشباب التونسي في شبكات الاحتيال
تحوّلت أحلام عشرات الشباب التونسي والعربي في الحصول على فرصة عمل بالخارج إلى كابوس قضائي، بعد أن وجدوا أنفسهم متهمين بالانتماء إلى تنظيم إجرامي دولي خلال أيام فقط من التحاقهم بوظائف في مراكز اتصالات بأثينا. جاء ذلك في أعقاب مداهمة مزلزلة شنتها السلطات اليونانية على مركز نداء في منطقتي وسط العاصمة وأجيوس ديميتريوس، كشفت النقاب عن شبكة احتيال منظمة تختبئ خلف ستار شركات توظيف وهمية.
بدأت القصة عندما نجا موظف مصري سابق من براثن هذه الشبكة، ليتقدم بشكوى تفصيلية كشفت تعرّضه لاستغلال ممنهج، ما دفع السلطات اليونانية إلى تحريك تحقيق سريع كشف أن “مركز النداء” كان واجهة لعصابة دولية متخصصة في الاحتيال الهاتفي. استهدفت الشبكة – التي تعمل تحت غطاء استثمارات خليجية مزعومة – ضحايا في دول الخليج عبر اتصالات مُمنهجة على مدى عامين، مختلسة ما يزيد عن 800 ألف يورو قبل أن تفرّ عقول التنظيم قبيل المداهمة بلمح البصر.
لم يكن يعلم الموقوفون الـ100 – بينهم 35 شاباً تونسياً – أنهم وقعوا في فخّ قانوني شائك، حيث وُجهت إليهم تهم خطيرة تشمل “الانتماء لتنظيم إجرامي” و”تبييض الأموال”، رغم أن التحقيقات الأولية أكدت أن معظمهم موظفون تنفيذيون انضموا حديثاً، وبعضهم لم يمضِ على تواجده في المركز سوى أيام. هنا تدخلت السفارة التونسية بأثينا على الفور، مشكلة خلية أزمة مع وزارة الخارجية التونسية لتتبع الملف، ما أسفر عن تحول جذري في القضية خلال جلسات الاستماع التي انطلقت في 20 مايو أمام النيابة العامة اليونانية، حيث أثبتت الأدلة براءة التونسيين من العلم بالأنشطة غير القانونية، مما أدى إلى إطلاق سراحهم جميعاً.
على وقع هذه التفاصيل المروّعة، تتصاعد تحذيرات مؤسسة “دار القانون” التي تناشد الشباب العربي بضرورة التشكيك في عروض العمل الواعدة بالخارج، خاصة في قطاعات مراكز الاتصال التي أصبحت بيئة خصبة لتستر العصابات على جرائمها. وتؤكد المؤسسة أن هذه الحوادث ليست سوى قمة جبل جليد في منظومة استغلال تعتمد على استدراج اليائسين بحثاً عن فرصة، محذّرةً: “القبول بعمل دون التحقق من شرعية الشركة قد يودي بكم إلى السجن بتهم أنتم أبرياء منها”.