سيناريو الشاهد والباجي قائد السبسي يتكرر: المشيشي يزيح وزراء قيس سعيد واحدا واحدا

تونس – الجرأة الأسبوعية : محمد عبد المؤمن

هل كان قرار اقالة توفيق شرف الدين من الاشراف على وازرة الداخلية مفاجئا؟

بالتأكيد لم يكن كذلك بل كان متوقعا لكن المفاجأة هو التوقيت والاسلوب فقد كان متوقعا او مرجحا ان تتم هذه الخطوة ضمن تحوير وزاري شامل اما ان يقدم رئيس الحكومة هشام المشيشي على هذه الخطوة وبهذه الطريقة فمعناه ان له اسبابا.

لكن ليس مهما هل هي وجيهة ام لا لكنه اقدم على الخطوة الصعبة التي ستجعله في خلاف مع رئيس الجمهورية قيس سعيد ان لم نقل صراع واضح وجلي.

المشيشي اختار الانحياز لصف ما يسمى بالحزام السياسي أي النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس حيث جاءت خطوته وكأنها رد على ايقاف نبيل القروي من قبل القضاء .

وفق ما سرب من معطيات ومعلومات فان المشيشي غضب من شرف الدين بسبب التعيينات التي قررها في مناصب امنية كبرى دون اذنه ورغم ان هذا الاجراء هو من صلاحيات وزير الداخلية الا ان المشيشي ووفق ما يظهر لا يريد وزارء خاصة في الوزارات السيادية يصدرون تعليمات دون الرجوع اليه.

هذا نفهمه عندما قرر ان تكون وزارة الداخلية تحت اشرافه أي انه وفي سابقة لم نعرفها منذ 2011  يجمع بين رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية وهي صورة قد تتعارض مع الوضع الطبيعي العام في بلد ديمقراطي حيث ان وارة الداخلية يلزمها شخصية متفرغة تماما .

حضور قيس سعيد

لكن بغض النظر عن كل هذه المعطيات فان هناك سببا اهم لعزل او اعفاء لان المصطلحات هنا ليست مهمة كثيرا وهو ان شرف الدين محسوب على رئيس الجمهورية قيس سعيد .

ما صرح به سعيد مؤخرا من كونه القائد الأعلى للقوات العسكرية والامنية هو من بين الاسباب المباشرة لإعفاء شرف الدين أي ان المشيشي يقول لرئيس الجمهورية انا القائد الأعلى للقوات الامنية وليس انت.

ما حصل أي اعفاء شرف الدين ستكون له تبعات أي ان ما قبل عزل وزير الداخلية ليس كما بعده خاصة وان الرجل استطاع ان يكسب شعبية جماهيرية وايضا احتراما لدى المنتسبين للوزارة .

فشخص وزير الداخلية دائما ما يرتبط بالصرامة والانغلاق على الذات ولم تكسر هذه القاعدة الا شخصيات قليلة منهم توفيق شرف الدين  لذلك فهناك من يرى ان عزله هو بسبب نجاحه وشعبيته حيث ان هناك عقلية قديمة او جديدة في بلادنا مفادها ان رئيس الحكومة او الرئيس يجب ان يكون الاكثر شعبية من بين كل الوزراء واعضاء الحكومة والا طرد وهمش.

السؤال هنا: من هي الشخصية التي سيأتي بها المشيشي لتملأ مكان شرف الدين؟

الواضح ان الخيار ليس على شخصية مثله بل هناكم رغبة في شخصية تكون تابعة لرئيس الحكومة حصرا وليست لها أي علاقة بالرئيس لكن مع هذا هناك شرط آخر وهو ان تكون النهضة راضية عنها.

فحركة النهضة لها خطوط حمراء منذ 2011 وهي الوزارات السيادية وتحديدا الداخلية والعدل ولا تقبل بأن تخرج من بين يديها والمشيشي يدرك ان دعم النهضة له سيكون دائما مشروطا والشروط لن تنتهي ابدا .

ما حصل يعود بنا الى سيناريو حصل سابقا وكانت النهضة مرة اخرى طرفا فيه وما نقصده هو الصراع الذي دار بين رئيس الحكومة الاسبق يوسف الشاهد والرئيس الراحل الباجي قائد السبسي حيث تمرد رئيس الحكومة على الرئيس الذي اختاره وقد حقق ذلك بدعم النهضة له لكن هناك اختلافات حاليا.

فالشاهد دعمته النهضة  وهو ما جعله يستغني عن الرئيس لكنه عمل على اجتذاب جزء من حزبه الاصلي أي نداء تونس لكن المشيشي بلا دعم حزبي حقيقي أي ليس له حزب ينتمي اليه ودعم النهضة له لن يكون شيكا على بياض وفي مرحلة ما سيجد نفسه لم يعد قادرا على تلبية شروطها.

نشر هذا المقال في الجراة الأسبوعية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!