رغم أن موعدها الرسمي لم يحن: الحملات الانتخابية الرئاسية تنطلق والمواقع الالكترونية و”الفيسبوك” حاضرة بقوة
الجرأة نيوز” محمد عبد المؤمن
رغم أن موعد انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية لم ينطلق وفق الرزنامة التي وضعتها الهيئة المستقلة للانتخابات الا ان الواقع خلاف هذا تماما.
فالجميع يلاحظ ان المنافسة اشتدت بين المنافسين الى أقصى حد خاصة في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة وايضا المواقع الاخبارية الالكترونية والفيسبوك في مقابل غياب يكاد يكون شبه تام لوسائل الاعلام المكتوبة والسبب ظاهر وهو تراجعها بشكل كبير أمام “غزو” الاعلام الالكتروني .
منافسة شرسة
في انتخابات 2014 اشتغلت “الماكينات” الانتخابية وكان التنافس محصورا تقريبا بين الباجي قائد السبسي والمنصف المرزوقي لكن في انتخابات 2019 تغيرت الكثير من الامور حيث ان وسائل الحملات السابقة لأوانها وهذا سينعكس على الحملات الرسمية لم يعد يخضع للطرق والوسائل التقليدية المعروفة بل جدت اشياء كثيرة منها الدور الكبير للإعلام الإلكتروني الذي صار ركيزة اساسية في توضيح الصورة العامة للمشهد السياسي وبالتالي صار وسيلة المترشحين والمتنافسين في حملاتهم.
المال والسلطة
لا يمكن الفصل بين معطيين في أي انتخابات خاصة في الانظمة الديمقراطية وهما المال والسلطة فحتى في أعتى الديمقراطيات واقدمها وأعرقها فان الحملات الكبرى والمؤثرة هي التي تستقطب المساهمين فيها وهذا الامر يعد من سلبيات الديمقراطية فالمرشح الذي يمتلك الوسائل والامكانيات ليس كمن لا يملكها لذلك نجد مترشحين اختاروا وسائل أخرى وهي :
الاحتكاك الميداني بالمواطنين خاصة في الاحياء الشعبية والمدن والقرى والأرياف والمناطق الداخلية .
الثاني التعويل على الترويج للحملات على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك وايضا الاستفادة من المتابعة الكبيرة للمواقع الاخبارية الالكترونية التي صارت مصدر الأخبار لسرعتها في نقلها ومتابعاتها المكثفة.
لكن رغم هذا فهناك عوامل أخرى تؤثر على الانتخابات ومنها التوجهات المسبقة ان كان ايديولوجيا او سياسيا فمثلا النهضة تعول بدرجة أولى واساسية على خزانها الانتخابي الثابت لكنها مع ذلك تريد استقطاب أكبر عدد ممكن من المحايدين أي غير المتحزبين والمتأدلجين لذلك فهي رشحت شخصية تقترب منهم وقادرة على استمالتهم وهو عبد الفتاح مورو .
بالنسبة للجبهة الشعبية الممثل الاساسي والرئيسي لليسار فهي مشتتة حاليا وبالتالي فان أصوات اليسار ستتشتت وتتوزع بين حمة الهمامي والمنجي الرحوي وغيره.
في مقابل هذا هناك مرشحون يعولون على امكانيتهم المادية باعتبارهم رجال أعمال أو مدعومين منهم.
قسم آخر يستثمر الارث البورقيبي وارث الدساترة .
القسم الموالي هم من يمتلكون قنوات تلفزية وهؤلاء تنتظرهم مهمة صعبة باعتبار ان الهيئة المستقلة للانتخابات تراقبهم وتسجل التجاوزات.
ما صار ثابتا اليوم هو ان انتخابات 2019 ستختلف كثيرا عن انتخابات 2014 السابقة فالمعطيات والظروف تغيرت كثيرا فهناك اسماء غابت واسماء ظهرت والمنافسة ستكون شديدة جدا ويصعب التكهن بمن سينتقل الى الدور الثاني من الانتخابات وهو امر يكاد يكون ثابتا باعتبار انه لا وجود لمترشح قادر على فصل الامور من الدور الاول أي شخصية كاريزمية يجمع حولها الشعب.
امر آخر يمكن الاشارة اليه وهو احتمالية المقاطعة او عدم التصويت بكثافة في هذا الاستحقاق الانتخابي وهو امر ممكن الحصول لكن ليس مؤكدا فالرئاسة تبقى لها رمزية عند التونسيين حتى وان كانت صلاحيات الرئيس محدودة في مقابل صلاحيات اوسع بكثير لرئيس الحكومة وهو ما يحيلنا الى كون الانتخابات التشريعية التي ستعقب الرئاسية ستكون اكثر شراسة لأنها الاهم والتي يعول عليها الجميع خاصة الاحزاب الكبرى وهي التي ستحدد شكل التحالفات المستقبلية للسنوات الخمس القادمة والتي يعد الجميع كونها ستشهد الانطلاقة الحقيقية لتونس ما بعد الثورة.