رجال الظل الذين صنعوا رؤساء وعاشوا متخفين: من الحبيب عمار الى الهادي البكوش الى كمال اللطيف … وغيرهم
الجرأة نيوز: محمد عبد المؤمن
سننطلق من تساؤل: هل كل ما يحصل في السياسة وكواليسها ينشر ويكشف ويعرف ؟
بالتأكيد هذا ليس صحيحا لان ما يتم الاعلان عنه وترويجه اعلاميا ما هو الا النزر القليل مما هو كائن اما ما يحدث في الكواليس و تحت الطاولات فيبقى مخفيا او متخفيا ولا تعلم به الا القلة بل القلة القليلة لان عالم السياسة والحكم والسلطة محكوم بثنائية ما يقال وما لا يقال .ما يكشف وما لا يكشف.
من بين الملفات التي لا يتم فتحها كثيرا ولا يتعرض لها كثير من الاعلاميين ووسائل الاعلام هو ملف رجال الظل في تونس والمقصود به الشخصيات التي اثرت في السياسة بطريقة ما لكنها اما انها لم تظهر في الصورة او انها ظهرت لفترة ثم غادرت واختفت.
الحبيب عمار
هذه الشخصية كانت مرتبطة بالرئيس الاسبق زين العابدين بن علي الذي طردته الثورة بعد ان اجبر على ترك السلطة وقد كان الرجل الثاني في الانقلاب الامني الذي حصل.
وفق ما رواه لنا في حوار سابق اجريناه معه فانه كان العقل المدبر لإزاحة الزعيم الحبيب بورقيبة عن السلطة وانه كان على قناعة كون ما سيفعله هو لصالح تونس أي انه ليس انقلابا بالمعنى الشائع للكلمة والذي يحصل في بلدان العالم الثالث.
هذه الشخصية كانت معروفة بشدتها في التعاطي الامني بل انه هدد مدير الامن الرئاسي في 1987 رفيق الشلي بالسلاح ان هو حاول التصدي للفرقة التي حضرت وهي من الحرس الوطني لتستولي على قصر قرطاج.
في هذا الخضم حصل اجتماع هام في وزارة الداخلية جمع اهم الرؤوس التي نفذت الانقلاب من بن علي الى الحبيب عمار الى رفيق الشلي الذي فرض عليه الامر مع العلم ان هذه الشخصية عادت للأحداث بعد الثورة وتقلدت منصبا هاما في وزارة الداخلية ونشط ضمن جمعية تهتم بإصلاح المنظومة الامنية والامن القومي لكنه في نهاية المطاف مشارك في الانقلاب على بورقيبة وحصل على مناصب هامة عندما تولى بن علي السلطة.
نعود للحبيب عمار فالرجل يرى نفسه هو من صنع بن علي وهو من اوصله الى السلطة لكن التركيز لم يكن عليه بعد ذلك فسريعا ما انقلب عليه من كان يعتبره صديقة وازاحه من كل المناصب وحوله الى مناصب شرفية ديبلوماسية والهدف تغييبه عن المشهد .
هذه الشخصية تولت وزارة الداخلية أي الملف الامني في اهم فترة بعد ازاحة الزعيم بورقيبة وخلالها فرضت الجديدة أي انه كان رجل ظل فعل ما اريد له ان يفعله ثم ازيح تماما .
كمال اللطيف
مثلما يرى الحبيب عمار بانه هو من صنع بن علي فان هناك شخصية اخرى ترى ايضا انها هي من صنعته بل ترى نفسها مهندسة كل السيناريو الذي نفذ في 7 نوفمبر 1987.
هنا نتحدث عن كمال اللطيف وهي شخصية لم تختفي بعد الثورة بل عادت للأحداث بأكثر زخم وصخب بل هناك من ربط اسمه بالرئيس الراحل الباجي قائد السبسي وقيل كونه هو من اختاره.
للحقيقة لم نجد ما يثبت ذلك لكن الاتهامات التي تطاله تتجه كونه كان صاحب دور بعد الثورة وقبلها.
هذه الشخصية هي رجل الظل بامتياز فإلى الآن لا يعلم عنه الشيء الكثير فالبعض يعطيه دورا ايجابيا كونه اراد تغيير الوضع التونسي بالمساهمة في ايصال بن علي الى السلطة والبعض الآخر يراه شخصية تحكم من وراء الستار .
العلاقة بينه وبين بن علي كانت انسانية قبل ان تكون سياسية أي انهما كان صديقين وقد تكون الظروف او المصالح جمعتهما لكن الاكيد ان له دورا مهما فيما حصل في 7 نوفمبر 1987.
كلا الشخصيتين أي الحبيب عمار وكمال اللطيف يرون ان التحول مثلما ينظران لما حصل كان استباقا لانقلاب الاسلاميين الذي حدد له يوم 8 نوفمبر 1987 بالتالي نظرتهما لما ساهما فيه هو انقاذ تونس من الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي كانت تمر به وهو موقف ليس دقيقا بالمرة .
بعدما حصل الانقلاب بفترة حصلت القطيعة بين بن علي واللطيف والسبب مثلما يقول خلاف حول علاقته بليلى الطرابلسي فقد كانت هناك عداوة كبيرة بينهما انتهت في اخر الامر الى اختيار بن علي لليلى الطرابلسي والتخلي عن كمال اللطيف ليصل الامر الى القطيعة وحتى العداوة.
بعد الثورة عادت هذه الشخصية للواجهة في فترة حكم الترويكا وصدر امر بإيقافه لكن لم يتم هذا الامر وتوقف هناك دون معرفة الاسباب الحقيقية.
الهادي البكوش
يعتبر الهادي البكوش المنظر الحقيقي لانقلاب 7 نوفمبر أي انه وسط هذا الفريق كان السياسي الوحيد فاغلبهم امنيين لا معرفة كبيرة لهم بالسياسة بل يذهب البعض كونه خط بيان 7 نوفمبر بيده وهو من اعطى الغطاء السياسي لبن علي وقدمه في الحزب الذي تغير من الدستوري الى التجمع أي تجميع العائلة الدستورية وتطعيمها بيساريين تخلوا عن القضية بحجة الاصلاح من الداخل .
هذا التوجه قد يكون مقنعا في البداية لكن بعد 1989 لم يعد كذلك حيث بان واضحا كون ما حصل هو انقلاب واستحواذ على السلطة والتحول الى ديكتاتورية جديدة لكن بأسلوب آخر .
ليلى بن علي
هذه الشخصية لعبت دورا مهما هي ايضا في فترة حكم بن علي قبل 2011 فرغم كونها شخصية تتسم بالجهل الا انها استطاعت السيطرة على صاحب السلطة الجديد ولم تكتفي بذلك بل حولت دائرة القرار والسلطة من سياسي الى العائلة أي حولتها الى مزرعة محكومة بالمصالح والصفقات وتصفية الحسابات حتى ان اعضاء حكومة ومسؤولين صاروا يتلقون الاوامر والتعليمات منها.
وفي هذا فتحت قضايا كثيرة لفساد وتجاوز سلطات وسوء تصرف بعد 14 جانفي 2011.