خطير : عملاء لشركات اجنبية يخترقون المصانع التونسية لتدميرها

ادركت الشركات الاوروبية ان الدولة التونسية لا تحرك ساكنا تجاه الاعمال الاجرامية التي تقوم بها الشركات الاجنبية بتونس وبالأخص التابعة لبلدان الاتحاد الاوروبي وانه بإمكانها القيام بما هو محجر عليها القيام به داخل الاتحاد الاوروبي.

تلك الشركات رسمت استراتيجية مفضوحة لتخريب النسيج الصناعي التونسي بواسطة اسعار الاغراق والأعمال المخلة بقواعد المنافسة عند التوريد والأسعار المدعومة. تتمثل الخطة في انتداب عميل تونسي يمدهم بمعلومات حول المصانع التونسية الناشطة في مجال ما ليشرعوا فيما بعد عن طريقه في عرض منتوجاتهم المنافسة بأسعار لا تغطي جزء من ثمن التكلفة الى ان يتم القضاء على المصانع التونسية وبعد ذلك يتولون مباشرة مضاعفة الاسعار.

وقد نص الفصل 3 من القانون عدد 9 لسنة 1999 المتعلق بالحماية ضد الممارسات غير الشرعية عند التوريد على انه “يعتبر المنتوج محل اغراق أي كأنه ادخل الى السوق التونسية بسعر دون القيمة العادية اذا كان سعر تصدير هذا المنتوج دون القيمة المقارنة المتداولة خلال عمليات تجارية عادية بالنسبة لمنتوج مماثل موجه للاستهلاك في البلد المصدر”.

ورغم ان هذه الاعمال الاجرامية تدخل في خانة الارهاب الاقتصادي او قتلوا اغتيال المؤسسات التونسية ونحرها بدم بارد إلا ان وزير المالية من خلال الديوانة التونسية يغط في سبات عميق ولا يحرك ساكنا. كما ان وزير التجارة والصناعة دخل في غيبوبة منذ زمن بعيد دون الحديث عن عصابات الفساد الاداري التي تستميت في تعطيل احكام القانون عدد 106 لسنة 1998 المتعلق بالإجراءات الوقائية عند التوريد والقانون عدد 9 لسنة 1999 المتعلق بالممارسات غير المشروعة عند التوريد خدمة للشركات الاجنبية التي هي بصدد ادخال البلد في نفق مظلم. هنا تجدر الاشارة الى ان هذين القانونين تم نقلهما عن اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة التي خصصت احكاما من شانها حماية اقتصاديات البلدان الضعيفة والفقيرة. هل يعقل ان تصبح المنظمة العالمية للتجارة اكثر وطنية من الماسكين بالسلطة ببلادنا.

ورغم الكم الهائل من الشكايات الصادرة بهذا الخصوص عن اصحاب المؤسسات المنكوبة منذ سنة 1994 إلا ان وزراء التجارة الذين يغطون في سبات عميق رفضوا تفعيل الاجراءات المتعلقة بالتحقيق وبتوظيف المعاليم الخاصة بالحماية ضد الاغراق المشار اليها بالفصول 7 وما بعد من القانون عدد 9 لسنة 1999 خدمة للشركات الاجنبية ونكالة في اصحاب المؤسسات التونسية الذين تتم دعوتهم نفاقا وسخرية منهم وتحيلا عليهم للاستثمار وتوفير مواطن الشغل وتنمية الصادرات. كان من المفروض فتح تحقيق ومحاكمة هؤلاء من اجل خيانة اليمين التي ادوها حسب احكام الدستور بالنظر للإضرار  الجسيمة التي الحقوها بالاقتصاد التونسي.

فعلى سبيل المثال اندثرت اخيرا شركة مختصة في صناعة الخشب الليفي متوسط الكثافة لا لشيء الا لان شركة نمساوية اغرقت السوق التونسية بنفس المنتوج بأسعار لا تغطي جزء من تكلفتها أي باعت بالخسارة لكي تتمكن اخيرا من القضاء على عدد هام من مواطن الشغل وتحيل التونسيين على الفقر والبطالة واليأس الذي له علاقة وطيدة بالإرهاب دون ان تحرك وزارة المالية ووزارة الصناعة ووزارة التجارة ورئاسة الحكومة ساكنا. تلك الشركة المجرمة قامت الان بالترفيع في اسعارها. كما ان احدى الشركات المختصة في صناعة اللصق اندثرت اخيرا لا لشيء الا لان احدى الشركات المصرية تولت بيع نفس المنتوج بالخسارة وتمكنت من القضاء عليها لتحيل عمالها على الفقر والبطالة وتبادر الان بالترفيع في اسعار البيع.

لا ننسى قطاع الجلود والأحذية الذي تم القضاء عليه بالتوريد المكثف والإغراق والأعمال المخلة بقواعد المنافسة عند التوريد لنخسر بذلك عشرات ألاف مواطن الشغل دون ان يحرك وزير التشغيل او بالأحرى البطالة ساكنا.كما علينا ان لا ننسى قطاع الخزف الذي يتعرض اليوم الى القصف من اجل القضاء عليه شانه في ذلك شان الصناعات التقليدية.

ايضا علينا ان لا ننسى قطاع الاثاث الذي يتعرض الان الى عملية تخريب ممنهج عن طريق اغراق السوق بالأثاث القديم الذي يتم استيراده من اوروبا والأثاث المهرب من مصر والاثاث المستورد من الصين والعلامة التجارية التي تقوم بالإشهار لمنتوجاتها احدى المساحات الكبرى وهذه الاعمال التدميرية التي تتفرج عليها وزارة الصناعة والتجارة ووزير المالية ورئيس الحكومة سوف تكلفنا عشرات الاف مواطن الشغل واندثار المؤسسات الاخرى المرتبطة بتلك المصانع.

من لا يعرف ان اكثر من 300 شركة ناشطة في قطاع النسيج اغلقت اخيرا ابوابها لتحيل اكثر من 40 الف اجير على الفقر والبطالة والياس الذي هو وقود الارهاب نتيجة للتوريد الوحشي والمكثف والسماح للعلامات الاجنبية ببيع فضلاتها بتونس عن طريق بعض العملاء الذين لا هم لهم سوى ملا جيوبهم بكل الطرق والوسائل وخدمة اسيادهم من الاروبيين في الوقت الذي كسر فيه رؤوسنا كل وزراء الغلبة بضرورة تعزيز صادراتنا اذا ما رغبنا في التخفيف من الكارثة التي يشرفون على تنميتها من خلال خدمة اسيادهم الاروبيين الذين جعلوا منهم حكاما بالوكالة. عن أي صادرات يتحدث هؤلاء في الوقت الذي يساهمون فيه في تدمير النسيج الصناعي التونسي بلا شفقة ولا رحمة. اين هي الاحزاب الكارتونية التي لا تختلف عن احزاب المخلوع لكي تمدنا برايها بخصوص هذه المصيبة التي قد تجعل عدد العاطلين عن العمل يفوق المليون فردا خلال الاشهر القادمة. اين هو اعلام المؤامرة والرشوة والارتزاق والنهب والسلب والقمار لكي يمدنا باطروحاته حول اعمال الدمار التي يقوم بها اولياء نعمته من الداخل والخارج.  هل يعقل ان لا ينص القانونين المشار اليهما على عقوبات جزائية لا تقل عن عشر سنوات سجنا باعتبار ان الامر يتعلق بعملية ارهاب اقتصادي قد تساهم في تنمية الارهاب والجريمة واحداث حرب اهلية.

هذه الكارثة حلت بالاقتصاد التونسي نتيجة لاطلاق العنان للفاسدين الذين يصرون على تعطيل الاجراءات المتعلقة بالتحقيق والوقاية من التوريد المكثف والوحشي المشار اليها بالفصول 8 وما بعد من القانون عدد 106 لسنة 1998 المتعلق بالاجراءات الوقائية عند التوريد. اخيرا، ادركت السلطات المصرية الخطورة الكبيرة المتاتية من التوريد المكثف للمنتوجات الاجنبية فاتخذت اجراءات بمعية البنك المركزي للتصدي لتلك الجريمة الارهابية. كما ان السلطات المغربية اتخذت اخيرا اجراءات لوقاية صناعاتها المحلية وايقاف التفاوض بخصوص اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق مع الاتحاد الاروبي الذي يرمي الى تخريب النسيج الفلاحي والخدماتي داخل المغرب وتنمية الفقر والبطالة والياس تحت غطاء اكذوبة كبرى اسمها “الشراكة”.

الان هناك شركة من الاتحاد الاروبي عرضت منتوجها بالسوق التونسية المتمثل في لوحات الخشب المضغوط باسعار تقل عن نصف السعر المعمول به داخل الاتحاد الاروبي وهذا بالامكان التثبت منه من خلال معهد الاحصاء الفرنسي مخططة للقضاء على مصنعين تونسيين وتعرض فيما بعد منتوجاتها باضعاف مضاعفة ولا ندري ان تفطنت الديوانة التونسية لهذه الشركة الارهابية وغيرها من الشركات الاروبية التي هي بصدد تخريب الاقتصاد التونسي دون حسيب او رقيب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى