حالة غليان في النهضة : مساع لكسر وضعية التراجع وحالة “استنفار” للخزان الانتخابي

بعد الصدمة التي تعرضت لها النهضة لم تبق كبعض الاحزاب تندب حظها وتتحسر على اللبن المسكوب بل ان ميزة هذا الحزب ذو الجذور الاسلامية انه يمتص صدماته بسرعة ويعمل على معالجتها.

السؤال هنا: هل ستنجح النهضة في انقاذ سفينتها من الغرق؟

الغرق هنا له معنى خاص ويتجلى في خسارتها في الانتخابات التشريعية أي نزول عدد مقاعدها دون ما تحقق لها عام 2014 على الرغم من انها اعتبرته حينها فشلا لكن نسبيا.

المقياس اليوم تغير وبات عدد 69 او بأكثر دقة بين 60 و 70 مقعدا نتيجة مرضية لكن هذا الامر ليس سهلا.

 

مكانة الشيخ

 

منذ 2011 أي بعد الثورة مباشرة حققت حركة النهضة رصيدا شعبيا هاما لكنه بقي في تنازل مع كل موعد واستحقاق انتخابي .

الى ان وصلت الى سنة 2019 في البلدية ثم الرئاسية حيث حققت نتائج لم تتوقعها حتى هي بل انها”خدعت” بما قدم لها من نتائج سبر آراء .

اليوم تعمل الحركة جاهدة لتلافي الوضع وما يحصل الان داخلها هو حالة غليان كبيرة بدأت عقب اعلان النتائج مباشرة بردة فعل ضد رئيسها فالبعض عدد اخطاءه وقدم ذلك اعلاميا بل وانتقد الغنوشي وصهره رفيق عبد السلام.

ما قاله زبير الشهودي ومحمد بن سالم مثل ضربة موجعة لا للشيخ فقط بل وايضا لمن يحيطون به في مؤسسات الحركة ويستمدون قوتهم منه.

ورغم ان الوضع لم يصل الى درجة مس مكانة الشيخ الا ان ذلك يبقى مؤجلا الى حين اجراء الانتخابات التشريعية فأي نكسة جديدة ستحكم على مكانة الغنوشي بالتراجع بل وبفقدان سلطته في الحزب او الحركة.

 

الخزان الانتخابي

 

تدرك النهضة انها لم تنجح في حشد كامل خزانها الانتخابي للخروج والتصويت في الانتخابات الرئاسية وهي لا تريد ان يتكرر الامر مجددا في التشريعية لذلك فهي تعمل ميدانيا بأقصى سرعتها وقوتها لاسترجاع ناخبيها وعدم تحويلهم اما للقائمات المستقلة او العزوف عن الاقتراع.

هذا الامر تحاول متابعته من مراكز سبر الآراء لكنها رغم ذلك غير مطمئنة كليا .

الامر الاخر الذي تتحرك فيه النهضة هو مراجعة خطابها ونوعية ما تقدمه للناخب حيث ادركت ان صورتها صارت لدى الكثيرين كونها تخلت عن مبادئ الثورة لصالح الحسابات الحزبية والصفقات للبقاء في السلطة لذلك فهي تعمل على تلافي هذا والتركيز على مشاغل المواطن العادي أي قفته ومعيشته والأفكار الثورية عموما.

ما يحصل اليوم هو “تكتيتك” جديد من الشيخ لكنه قد يكون الاخير ان فشل هذه المرة.

لكن هنا علينا ان نستوعب كون التحالف والتوافق مع نداء تونس والاتفاق بين الغنوشي وقائد السبسي وان نجح في ضمان بقائها في السلطة في الخمس سنوات الاخيرة الا انها تدفع ثمنه اليوم أي انها تسدد فاتورة متأخرة .

فاليوم تغير الوضع كليا ولم يعد هناك شريك بحنكة الباجي قائد السبسي ولا قوة نداء تونس كما في عام 2014.

وهي تدرك ايضا انها خسرت تحالفاتها القديم مع شركائها ف الترويكا بل لم تعد لهم القوة لصنع تحالف باستثناء التيار الديمقراطي .

من الجانب الاخر فان الأحزاب المرشحة للتقدم مثل قلب تونس وتحيا تونس ليست مستعدة للتحالف مها بل تبني برنامجها على رفضها وهو ما يستدعي البحث عن شركاء آخرين.

السؤال هنا: هل ستجد هذا التحالف مع المستقلين؟

هذه مغامرة ستكون خطيرة لان توحيد المستقلين صعب ان لم يكن مستحيلا .

محمد عبد المؤمن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى