تونس تعيش أخطر مرحلة في تاريخها : السيناريو المرعب

تونس – الجرأة الأسبوعية :

قال رئيس الجمهورية قيس سعيد في بحر هذا الاسبوع في تعليق له على ما شهده مجلس نواب الشعب من تبادل للعنف بين نواب من المفترض انهم قدوة في الوطنية والتسامح وادارة الاختلاف بأن تونس تمر اليوم بأخطر مرحلة  منذ الاستقلال.

ما قاله سعيد ليس بالجديد من ناحية التحذير من خطورة الوضع لكنه جديد من كونه صدر عن اعلى هرم السلطة أي من بين يديه كل المعطيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمخابراتية.

فتونس اليوم دخلت نفقا مظلما لا يعرف الى الان الى ماذا سيؤدي أي ان حالة الاحتقان وصلت الى درجة خطيرة جدا بات معها التعامل العادي والتقليدي مع المعضلات ضربا من اضاعة الوقت بل هو ادخال للبلاد في وضعية منغلقة تماما.

المواطن المسكين

في خضم كل هذا فان المعاناة الكبرى يتعرض لها المواطن البسيط الذي وجد نفسه محاصرا بوباء يفتك ولا يرحم ان كان صحيا او ماديا حيث ان موارد الرزق شحت والعجلة الاقتصادية تعطلت ما اثر بشكل كبير وخطير على مقدرته الشرائية.

اليوم لم يعد الحديث عن ضرب المقدرة الشرائية وتضررها بل عن قتلها ونسفها .

الطبقة المتوسطة تندثر

تعتبر الطبقة المتوسطة او الوسطى صمام الامان في أي مجتمع باعتبارها ركيزة الاستقرار الاجتماعي من جهة ولأنها ايضا القوة النشطة والاستهلاكية في نفس الوقت.

تقلص هذه الشريحة في أي مجتمع معناه ان هناك خللا كبيرا حصل والاخطر من كل هذا ان يتعامل صناع القرار مع الامر وكأنه طبيعي وعادي وغير مقلق .

مثل هذا التعامل تعودنا عليه في بلادنا لان الاهمال واللامباة انتشر بشكل كبير وبتنا ننتظر المصيبة حتى تحصل وبعدها يتم التحرك لكن بعد فوات الاوان.

اثرياء على حساب الفقراء

ما تمر به تونس اليوم لا تقتصر تبعاته على تضرر الاقتصاد فقط لان هذه النتيجة هي في حد ذاتها تتحول الى سبب لمعضلة جديدة اخطر بكثير وهي التوترات الاجتماعية وما يعقبه من تحركات احتجاجية وهو ما بتنا نراه اليوم.

وبغض النظر ان كانت هذه التحركات مدعومة من جهات سياسية واحزب ام لا فان المهم هنا هو ان الظروف الموضوعية لها باتت مواتية ومتوفرة والمواطن غير ملام ان دافع عن حقوقه امام سياسيين يثبتون كل يوم كونهم ليسوا اصحاب مسؤولية وان المواطن هو آخر همومهم و مشاغلهم.

هنا ايضا انتقل التوتر والتأزم  الى دائرة جديدة فالاحتجاج لم يعد مقتصرا على التحركات في الجهات بل ان المطالب تصاعدت بشكل خطير وينذر بأيام صعبة.

حيث ان الكثيرين اليوم صاروا يطالبون رئيس الجمهورية بالتدخل لا للم الفرقاء للحوار كما كان يحصل سابقا بل لحل المؤسسات الدستورية ونعني البرلمان والحكومة لانهم يرون انهم صاروا جزء ا من المشكلة ولا يمكن ان يأتوا بالحل.

بل ان الامر وصل الى حد الحديث عن انقلاب عسكري ينقذ البلاد وهو موقف يعكس حالة يأس واحباط كبيرة بين  الشعب بسبب ما يراه ويعاينه ويعيشه.

السؤال هنا:

هل ان الوضع قابل للاصلاح؟

سؤال دائما ما يطرح وفي كل مرة يجيب عنه السياسيون لكن للأسف اجاباتهم في ضفة وتصرفاتهم في ضفة اخرى .

الامر الاخر الذي يطرح هو:

هل ان رئيس الجمهورية سيقرر التدخل في لحظة ما ام انه مازال به نفس لتحمل السياسيين والاحزاب وتحمل ممارساتهم غير المسؤولة؟

كل هذا مطروح حاليا وان كانت مبادرة اتحاد الشغل مهمة الا انها قد تكون الفرصة الاخيرة امام الاحزاب لتعي كون رصيدها قد انتهى.

نشر هذا المقال في الجرأة الأسبوعية:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى