تونس تعاني من/ ثالوث مسيطر : سياسيون انتهازيون ونافذون فاسدون ومسؤولون مرتشون
تونس – الجرأة نيوز : محمد عبد المؤمن
وفق تقارير دولية ووطنية فان الفساد المستشري في تونس اليوم فاق كل الحدود وشمل كل القطاعات بلا استثناء .ورغم ان لكل قطاع شرفاؤه ووطنيوه الا ان السائد صار التجاوزات وعقلية “كول ووكل مشي اموروك” وهي ثقافة تكرست بسبب التسيب وضعف اجهزة الدولة في الرقابة وأيضا في تتبع الملفات التي تكشف منها خاصة تقارير دائرة المحاسبات التي تصدر فتفجر فضائح كبيرة لكنها تقبر وتنتهي وكأنها لم تكن.
الوضع قبل 25 جويلية كان اشبه بفترة أواخر 1986 فهو يتسم بالغموض والتأزم وهذا بات ظاهرا حتى في تعامل الناس فينا بينهم.
الفساد عقلية والفساد استشرى وتكاثر وتناسل .
هذا الكلام يقوله أي مواطنو لم يعد خفيا ولا مخفيا بل ان السياسيين انفسهم صاروا يستخدمونه كشعارات لكن كثير منهم متورط حتى العنكوش ولا احد يحاسب بسبب ان بعضهم له حصانة وآخرون لهم نفوذ.
وفق التقرير فان اهم القطاعات المتهمة هي القضاء والديوانة وعندما نتحدث عن هذا فلا يعني ان الجميع فاسدون بل ان الفساد تفشى اكثر فيهما بسبب انهم أي القضاة والاطارات الديوانية عرضة للإغراء وباعبتار ان مواقعهم حساسة .
تقرير الهيئة العامة للرقابة المالية
تحدثت منظمة ” انا يقظ عن الفساد في الديوانة حيث اكدت ان
الهيئة العامة للرقابة المالية الراجعة بالنظر الى وزارة المالية، أنجزت تفقدا معمقا صلب الديوانة التونسية وفق إذن بمأمورية عدد 2 بتاريخ 8 فيفري 2011 تضمن تفصيلا لكافة المخالفات التي قام بها عديد الإطارات في الديوانة، مخالفات تضمنت فسادا ماليا وإداريا حصيلته بالمليارات تم قبره وظل على رفوف وزارة المالية والقطب القضائي المالي الى حين كتابة هذه السطور.
التقرير المذكور تضمن أسماء لأشخاص نجدهم في لجنة مكافحة الفساد التي شكلها رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد في البحيرة، لجنة موازية ظاهرها مكافحة الفساد وباطنها الابتزاز وترسيخ مصالح أفراد وجماعات في حرب وهمية على الفساد الذي نخر كافة مؤسسات الدولة.
اذ تضمنت هذه اللجنة وزيرين سابقين تواترت حولهما عديد الشبهات , و إطارات من الديوانة أسماءها موجودة في تقرير هيئة الرقابة المالية مثل “و.س” الذي يعرف بالنطار و “م.ق” المكنى بالجنرال و القاضي “ب. ب ع” الذي و بالرغم من وجود ملفات فساد ضده الا أنه تمت ترقيته في شهر فيفري الفارط بقرار من المجلس الأعلى للقضاء وسط معارضة عديد القضاة التونسيين و تضمنت اللجنة عدة أسماء أخرى خيرها يوسف الشاهد على هيئة موجودة فعلا و هي هيئة مكافحة الفساد و على جهاز قضائي مختص في قضايا الفساد المالي و هو القطب القضائي المالي.
الفساد في الديوانة له اوجه كثيرة لكنه ليس معزولا عن ثالوث هو السياسيين الفاسدين والمسؤولين المرتشين أي من يوفرون الحماية ثم رجال المال الذين يدفعون ليستفيدوا و”امشو امورهم”.
“تمشية” الامور تكون دائما بمخالفة القانون أي التمتع بامتيازات غير قانونية منها اسقاط الخطايا وتمر رالحاويات دون مراقبة ولا اداءات وكل هذا يصب في بيع الذمة من أجل المال والثراء .
السؤال هنا:
اليس المفروض تطبيق قانون من اين لك هذا على الديوانيين لنكشف كل الخفايا والخبايا ام هناك خوف من تكشف خيوط اللعبة مع مسؤولين وسياسيين ؟
القضاء
دارت قبل فترة معركة اعلامية بين قاضيين يحتلان مناصب عليا والغريب ان كل طرف يتهم الاخر بالفساد وكل له ادلته وفي نهاية المطاف فان كليهما بات متهما.
ورغم إيقاف القاضيين فان هذا كان مؤشرا على استفحال الفساد داخل اجهزة الدولة.
معضلة القضاء اليوم لا تتعلق بشخصين او اكثر بل الحديث هنا عن منظومة كاملة ويمكن هنا اخذ مثال بسيط وهو :
لماذا تبقى ملفات الفساد الكبرى في مكاتب المحكمة لسنوات وبعضها وصل سباته لعقد كامل بينما القضايا العادية يفصل فيها في فترة وجيزة.
هذا الامر يحيلنا الى ممارسات مقصودة ومدروسة لخدمة اصحاب النفوذ والفاسدين من النافذين الذين يحمون انفسهم بعلاقاتهم واموالهم .
في 2018 اطلق رئيس الحكومة يوسف الشاهد ما سماه حربا على الفساد وحصلت جعحعة كبرى لكن في نهاية المطاف ظهر كون الامر لم يكن الا مسرحية طويلة لأننا لم نر لا خربا على الفساد ولا حتى مجرد لكمة للفساد.
ثم جاء بعده رئيس حكومة لم يتحدث مطلقا عن الفساد بل ان همه كان ارضاء حزامه السياسي ليرحل ويرحل هو معه يوم 25 جويلية.
فتحرك رئيس الجمهورية قيس سعيد لم يكن كما يروج انقلابا بل ان كان كذلك فهو انقلاب على الفساد والمنظمة التي تحميه