تنصيب الولاة : توحدّت الازياء … و اختلفت الاحذية : هل اصبحت هيبة الدولة تحت النعال؟
كتب : ح.عرفاوي
شاع مصطلح «هيبة الدولة» بعد الثورة وأصبح جزءا من خطاب “النخبة” والأحزاب السياسية وبعض منظمات المجتمع المدني التي كانت آخذة في التبلور، ولاحقاً أصبح جزءاً لا يتجزأ من الخطاب الرسمي للحكومات المتعاقبة، ودار وحسبما أذكر مع بدايات صعود المصطلح إلى قمة استخدامه جدلاً هو ماهيته، وأثيرت أسئلة متبادلة بين قوى محافظة من جهة وأخرى معاكسة لها من ليبرالية وتقدمية وثورية وفوضوية مشاغبة من جهة أخرى، وكان أبرز تلك الأسئلة ما معنى هيبة الدولة؟
وفي الجواب كانت القوى المحافظة والتقليدية ترى أن هيبة الدولة هي قوة الدولة ومدى قدرتها على استخدام تلك القوة بلا رقابة أو محاسبة عندما ترى في ذلك ضرورة وهو ما يعني «بطش الدولة وليس هيبتها»، فيما كانت الأطراف الأخرى ترى أن هيبة الدولة هي في إعمال القانون وتنفيذه على الجميع عملاً بشعار «لا أحد فوق القانون»، وعندما تستدعي الحاجة للتعامل مع من يرفض تنفيذ القانون، هنا تكون الهيبة أمنية مائة بالمائة مع مراعاة حقوق الطرف الآخر المستنكف عن تنفيذ القانون.
منذ قدوم الرئيس قيس سعيد تركز اختيار مسؤولي الدولة على التثبت من نظافة اليد وحسن السلوك وسلامة الماضي السياسي، وغير ذلك من المتطلبات الدستورية، و لكن تم تغييب ان تكون الشخصية المسؤولة قوية ، ذا مهابة ذاتية، وقدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة في الاطار الديمقراطي، و ان يكون المسؤول مبدعا، ملهما، شجاعا، ذا رؤية متقدمة لادارة الدولة وتوظيف الموارد لبناء البلد، وصاحب علم ومعرفة وثقافة.
و هيبة الدولة لا تقتصر على الجانب الباطني فقط بل تتعداها الى الجانب الظاهري فشكل المسؤول و لباسه و حضوره و ادق تفصيلات حياته جزءا مهما من هيبة الدولة … و الدولة لابد لها من ان تكون دقيقة في كل شيء و لا شيء يغيب عنها حتى فيما يهم ربطة العنق الخاصة بالمسؤول و ساعته و جزمته وووو… و من هنا عبرت صورة الولاة الاخيرة عن الدولة وحيث غيبت الشكل و البرستيج و حرصت على نظافة اليد … فلا اليد و لا النظافة تكفي لتحقيق الرخاء و الازدهار على اهمية هذه القيم … و رمزية اختلاف الاحذية تتعدى بعدها البسيط وربما قد تحيلنا الى معنى اعمق تباين للعيان بعد الثورة مفاده ان هيبة الدولة اصبحت تحت النعال .