تضحيات خالدة: شهداء التفجير الارهابي لمقرّ حزب جمهوري إسلامي

بقلم: محمد الرصافي المقداد

بذلت الإدارة الأمريكية بأجهزة استخباراتها وأدواتها قصارى جهودهم، من أجل إفشال الثورة الإسلامية وهي في مهد تفاعلها لكن الزخم الثوري بقيادته الحكيمة كان الغالب في الامساك بزمام السلطة ودواليب الحكم، وسحن توجيه الجماهير نحو السيطرة على الأماكن الحساسة في البلاد من ادارات مختلفة ومواقع هامة كمبنى الاذاعة والتلفزيون، ووزارتي الدفاع والداخلية، والاستيلاء على مبنيي السفارة الامريكية والصهيونية، لتفادي أي تدخّل منهما في إفشال مسار الثورة الإسلامية.

لذلك – وبعدما قطع دابر وكر الجاسوسية – لم تجد أمريكا وحلفاؤها طريقا، لزعزعة استقرار الثورة الإيرانية على نظامها الإسلامي من سبيل، غير مساعدة جماعات التطرّف والإرهاب على الأراضي الإيرانية، واستغلال حقدهم على الإسلام المحمّديّ عموما، وتجربة حكمه الرائدة، التي أرسى قواعدها الإمام الخميني رضوان الله عليه، وأعطاها بعدها التشريعي والقانوني، الشهيد آية الله محمد حسين بهشتي رضوان الله عليه، الذي عرف بمهندس الدستور الإسلامي.

ومن أجل احتواء مشروع النظام الاسلامي الذي اقامه الامام الخميني رضوان الله عليه، أوعز الأمريكان إلى الرئيس العراقي صدّام، بشنّ عدوان عسكري شامل على الثّورة الفتيّة في إيران في (في 22أيلول 1980م) على طول الحدود المشتركة البالغة 1280 كم، ومن اقصى نقطة في الشمال الايراني الى ادنى نقطة ـ ميناء خرمشهرـ في جنوبها. وتزامن الهجوم البري مع هجوم جوي طال مطار طهران ـ الساعة الثانية بعد ظهر ذلك اليوم ـ ومطارات المدن الايرانية المهمة الاخرى.(1)

اختراق عسكري حدودي غادر لم ينجح في مهمته الاساسية باسقاط النظام الاسلامي، فتوقف في سنته الأولى بعزم شباب الثورة الاسلامية وصبرهم في مواجهة العدوان، وبمرور الوقت انقلب سحر قادسية صدّام على نظام حكمه العميل، وبالتزامن مع ذلك العدوان وسنوات دفاع الشعب الايراني المقدسة ارتفعت دعوات انفصالية في كردستان، والهدف التحريضي الذي وحشرت فيه امريكا انفها، لم يكتب له أن ينجح، بفضل الله وهمة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

ولم يكن صعبا على أدوات الشر والفساد في الأرض، أن تخطط وتحرّك بيادقها وعملاءها، لاستهداف رموز وقادة الثورة الاسلامية، فقدمت إيران على مدى سنوات تأسيس نظامها، المئات منهم شهداء بتفجيرات غادرة، نقف اليوم إكبارا وإجلالا لأكبر حادثة وقعت في طهران يوم 28/6/1981، بتفجير مقر حزب جمهوري إسلامي، الذي أسفر عن ارتقاء 72 شخصية قيادية ثورية إسلامية رفيعة المستوى، في مقدّمتهم الشهيد آية الله السيد محمد حسين بهشتي، رئيس السلطة القضائية حينها، والأمين العام لحزب جمهوري إسلامي (2)

لقد استغل زمرة منافقي خلق، على أثر خرق أمني، اجتماعا وطنيا كبيرا، ضم كبار مسؤولي البلاد، فقاموا بزرع مواد شديدة الإنفجار في قاعة الإجتماعات، ثم عمدوا إلى تفجيرها أثناء الإجتماع، فأسفر عن استشهاد 73 شخصية إسلامية في ذلك المقرّ، ولمعرفة حجم الكارثة التي حلّت بالنظام الإسلامي وهو يخطو خطواته الأولى، على طريق تأكيد جدارته بقيادة البلاد، فإن من بين الشهداء وزراء الصحة، والنقل، والإتصالات، والطاقة، بالإضافة إلى 17 نائبا في مجلس الشورى الإسلامي، والعديد من المسؤولين الحكوميين.

الحادث الذي حصل يومها، بالرغم من الحزن البالغ الذي تركه في قلب قائد الثورة الإمام الخميني رضوان الله عليه، والأسى والحسرة في قلوب الشعب الإيراني الثائر في وجه الظلم والاستبداد والعمالة، إلا أنه كشف لعامة الشعب أعداء ثورته من زمر النفاق من أدعياء الثورة، فقبض على من تورط بسبب في التفجير الغادر وفرّ من فرّ هربا بأرواحهم من الطّلب القضائي بحقهم، وهكذا بدأ طيّ دفتر المنافقين في إيران.

وكانت نتائج التفجيرات والإغتيالات، التي استهدفت قيادات مهمة في الثورة والنظام الإسلامي، التي أقدم على تنفيذها المتآمرون، عكس ما كانت تنتظره أمريكا وحلفها المعادي، فازدادت التفاف الإيرانيين بنظام حكمهم، الذي اختاروه طوعا وبمحض إرادتهم، وتنامت شعبيته بينهم، فهبّوا للدفاع عنه بكل طاقاتهم، وأفشلوا مؤامرات أعدائه، وأسقطوها في الماء.

مسيرة شعب أثقلت موازينها بالشهادة، ففاحت من أرجاء إيران عطر إيمان خالص لله ودينه، ونمت شجرة بركتها خيرا عميما، ليس لإيران وحسب، بل للإسلام والمسلمين عامة بنصرة دينهم وقضاياهم، وقد أبتْ دماء أوفياء هذه المسيرة الولائية الرائعة، إلا ان تصطبغ بمناطق أخرى خارج ايران، لتؤكد على مدى ارتباطها بأواصر الأخوّة الاسلامية، والمصير المشترك الذي يجمع المسلمين في مواجهة أعدائهم، ونيل استحقاقاتهم المشروعة.

ويبقى تفجير مقر حزب جمهوري إسلامي في طهران، علامة فارقة بين قوى الحق والثورة الإسلامية ونظامها، وقوى الباطل ودعاة الليبرالية والعمالة للغرب ومخططاتهم المعادية للإسلام الشمولي، نسأل الله سبحانه أن يرفع درجات شهداء الثورة الإسلامية والدفاع المقدس، وشهداء الحق وقضايا شعوبه أينما كانوا، وتحت اي عقيدة كانوا، والشهداء على هذا الدّرب أمميون خالدون بأعمالهم وانجازاتهم.

المصادر

1 – الإمام الخميني وقيادة الدفاع المقدس

https://alwelayah.net/post/38721

2 – حادثة تفجير مقر الحزب الجمهوري الاسلامي فضح تيار النفاق

http://www.taghribnews.com/ar/report/338863

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!