بمشاركة عديد الباحثين : ندوة حول “القدس بين الواقع والتحديات”

تونس – الجرأة نيوز :

أحيا المركز الثقافي لسفارة الجمهورية الاسلامية الايرانية بتونس  بتاريخ 6 ماي 2021 يوم القدس العالمي عبر ندوة ثقافية علمية افتراضية تحت عنوان “القدس بين الواقع و التحديات “.

هذه الندوة كانت بحضور سفير الجمهورية الإسلامية الايرانية بتونس و كذلك مدير المركز الثقافي الايراني و عدد من الممثلين عن البرلمان التونسي كما شارك فيها مجموعة من الأساتذة من إيران و فلسطين و تونس و الجزائر.

أدار هذه الندوة الدكتور فوزي العلوي مدير مركز مسارات للدراسات الفلسفية و الانسانيات حيث أشاد بجهود الجمهورية الاسلامية الايرانية تاريخيا في فضل إحياء يوم القدس و جعلها القضية المركزية للأمة الاسلامية من خلال الصيحة التي أطلقها مفجر الثورة الإسلامية الإمام الخميني.

أفْتُتحت الندوة بكلمة ألقاها مدير المركز الثقافي الإيراني بتونس السيد ميثم فرهاني حيث أكد على امتنانه و شكره للحضور الكرام و تلبيتهم هذه الدعوة للمشاركة في هذه الندوة الفكرية الهامة على رأسهم سعادة سفير الجمهورية الاسلامية الايرانية بتونس.

و قد أشار السيد فرهاني في كلمته في هذه المناسبة الى الركائز المهمة لنجاح الثورة الإسلامية الإيرانية المباركة و التي تتمثل :

 أولاً في دور الشعب و النخبة التي تمثل المحرك الفاعل في مكافحة الاستبداد و الإستعمار، ثانيا التمسك بمبادئ الوحدة الإسلامية و تفعيل أسسها منها تحقيق انتصارات كبرى في ميادين المقاومة التي أختتمت بشهادة قائد فيلق القدس للحرس الثوري الحاج قاسم سليماني، ثالثا إعطاء القضية الفلسطنية أهمية كبرى عبر دعمها ماديا و معنويا و إعادة إرساء دعائم الوحدة الإسلامية بين الشعوب للأمة الإسلامية.

كما أكد مدير المركز الثقافي الإيراني بتونس أن القضية الفلسطنية تستوجب منا الوقوف معها بمختلف أبعاد المقاومة و ذلك لإسترجاع هذه الأرض المباركة من أيدي الغزاة الصهاينة و المستكبرين كما أشار إلى الدور الذي يلعبه أي خلاف سياسي أو طائفي و حتي عرقي بين الدول و انعكاساته السلبية على القضية المركزية و هي القضية الفلسطنية، حيث يؤدي إلى ضياع البوصلة و صرف النظر عن العدو الحقيقي لهذه الأمة و لفلسطين ألا و هي الصهيونية العالمية. و قد ذكر السيد فرهاني في كلمته إلى أنواع التطبيع الثقافي و الإقتصادي و السياسي و الدور الذي يلعبه في تفكيك الوحدة بين الشعوب الإسلامية. و في مقابل هذه الحركة من التطبيع التي تسعي إليها بعض الدول هناك خط المقاومة الذي بدوره يؤكد على أهمية الدفاع و الحفاظ على هذه القضية المركزية من خلال دعم الخط الثوري للمقاومة و مقاطعة الشركات و المنتوجات الإسرائلية و الوقوف بشكل عام أمام الثقافة الصهيونية التي بدأت تتوسع في العالم  العربي. أيضا دعا مدير المركز الثقافي الايراني بتونس إلى الدفاع عن القدس بإعتباره واجب إنساني و تجاوز كل التحديات لنيل شرف النصر.

هذه الندوة تخللتها كلمة للسفير الإيراني بتونس السيد محمد رضا رؤوف الشيباني أشاد فيها بمساعي الإمام الخميني الراحل لتأسيس مثل هذا اليوم العالمي نصرة للقضية الفلسطنية و القدس.

كما أكد على مكانة القدس لدى المسلمين و الأمم الاسلامية و من بينهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية. فالقدس لديها مكانة مهمة في الهوية و التراث الإسلامي، سلمها و استقرارها و ازدهارها هي دلالة على صحة الأمة و قوتها، أما احتلالها فيدل على ضعف الأمة و تخلُفها. من الأهداف التي أشار إليها سعادة سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتونس والتي سعت الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة الإمام الخميني الراحل تحقيقها من خلال إرساء يوم القدس العالمي في آخر جمعة من شهر رمضان مبارك أولا للفت أنظار المجتمع الدولي إلى السلوك الإجرامي للصهاينة ضد الشعب الفلسطيني المظلوم، ثانيا إرساء الأسس لتضامن المسلمين و شعوب العالم الحرة قصد دعم الحقوق القانونية لهذا الشعب المظلوم،ثالثا إعلان عن وقوف ايران ثوريا كدولة قوية في المنطقة إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى التحرير الكامل للأراضي المحتلة، فضلا عن بث روح المقاومة في الساحة الفلسطينية و دعوتهم لتركيز جهودهم. في هذه المناسبة طرح سعادة السفير مسألة ضرورية و هي: لماذا رغم كل هذه التضحيات و صمود الشعب الفلسطيني و شعوب المنطقة إلا أننا مازلنا نرى أن فلسطين مازالت تحت وطأة الإحتلال منذ سبعين عامًا؟ أين نقف في تاريخ فلسطين من يوم إحتلالها حتى أفق تحريرها ؟ هل ظروف هذه الأمة باتت صعبة حتى تعوقنا عن تحقيق هدف تحرير فلسطين و القدس؟

وقد بيّن السفير ايراني في تونس ثنائية سلوك كل من النهج الفلسطيني و الإحتلال  الصهيوني خلال هذه الجلسة أولا: المنهج الصهيوني اتبع سياسة موحدة و ثابة نحو مزيد من الإحتلال، إذ إلى الآن مازال الاحتلال الصهيوني يواصل حركته الإستعمارية لفلسطين بالقمع و القوة بداية من احتلال القدس وصولا إلى تهويد البلديات القديمة و التوسع الإستيطاني و بناء الجدار العازل ثم تهجير سكان القدس و فلسطين و أخيرا عدم السماح بعدم إجراء انتخابات فلسطينية في القدس. ثانيا سلوك النهج الفلسطيني الذي انقسم بدوره إلى قسمين و هما: نهج المساومة الذي انتهجه بعض الفلسطينيين و العرب حيث انهم يعتقدون من خلال المفاوضات من أجل تحرير الأرض و لم تكن انجازات هذا النهج سواء تقديم المزيد من التنازلات لصهاينة و الآخر هو نهج المقاومة و التصدي و هو النهج الذي أثبت جدواه و الذي انطلق منذ احتلال فلسطين على شكل العمليات مسلحة و تحول بعد الثورة الإسلامية في ايران إلى نهج المقاومة و الصمود في فلسطين و المنطقة. خلال كلمته أدان سعادة السفير المحترم سياسة الاحتلال الصهيوني من قتل المدنين و الأطفال الفسطينيين كما دعا إلى إلى ضرورة الإسراع في اطلاق سراح المعتقلين في السجون الاسرائلية و عودة اللاجئين إلى وطنهم و قد أدان سياسة الإحتلال الصهيوني في تهويد القدس. و على نفس المنوال تدين الجمهورية الإسلامية الإيرانية المنهج الذي سلكته بعض الدول العربية في إقامة بعض العلاقات مع الإحتلال الصهيوني و التطبيع معهم دون استشارة الفلسطينيين هذا ما صرح به سفير ايران بتونس.

من الجانب التونسي تقدم النائب والناشط الحقوقي زهير مخلوف بكلمة شكر فيها جهود الجمهورية الإسلامية الإيرانية لإحياء يوم القدس العالمي و التركيز على تطوير هذا اليوم ليصبح يومًا كونيًا عالميًا من أجل استعادة القدس.

و أشار مخلوف إلى الحركة التي قام بها الإمام الخميني لتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية في شعوب الإسلامية منها تأسيس فيلق القدس للحرس الثوري الذي له الكثير من الآثار في المنطقة كلها ثم تليها فكاك السفارة الصهيونية و اعطائها كهدية إلى منظمة التحرير الفلسطينية و دعم المقاومة في فلسطين و المنطقة و هذا إن دل على شيء إنما يدل على أن هذا اليوم إنما هو مبدأ متأصل و عميق ضمن رؤى و أفكار الإمام الخميني في الجمهورية الاسلامية الايرانية. ذكر السيد مخلوف التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية و القدس و هي تحديات كبيرة جدًا من بينها تحدي ديمغرافي حيث أن الكيان الصهيوني يريد أن يغير ديمغرافية سكان القدس من أجل أن يستتب له الوضع و يقول الآن بأنه أكثر عدد سكاني وبالتالي المساعدة على المزيد من الإحتلال لذلك لابد من دعم كل ما يمكن لديمغرافيا في القدس و فلسطين حتى تنمو إضافة إلى ذلك، فإن التحدي الجغرافي الذي يريد به الكيان الصهيوني تقسيم الأرض من خلال بناء الحائط العازل و اقتضام الأرض من أجل أن يتوسع في هذه المناطق السكانية و هناك تحد هواوي  يُراد منه اجتثاث الهوية الفلسطينية و هي الهوية العربية في تلك الأرض من خلال محاولة اجتثاث الهوية للمعمار الفلسطيني الأصيل و هو ما يدعو إلى دعم المعمار و البنية التحتية التي تمثل الهوية الاسلامية للقدس و فلسطين و كذك هناك تحد اقتصادي و تعليمي و اجتماعي يحتاج كل الدعم و الاهتمام. أضاف ضمن كلمته أن أهم التحديات التي تواجهها فلسطين هو تحد دولي الذي يتمثل في توسيع دائرة التطبيع على الساحة العربية و يراد من هذا التحدي اختراق الجماهير حتى يصبح التطبيع نوعا ينساب داخل الشعوب و في مواجهته لابد من مراكمة النضال من أجل فضح هذه السياسيات التي يقوم بها بعض المتصهينة الجدد. إلى جانب هذا هناك تحد قانوني أممي يتمثل في عدم إعطاء القضية الفلسطينية حيزا من الإهتمام على مستوى القضايا الدولية و في المجالس الأممية و هو ما يدعوا كل القوى و المناصرين للقضية الفلسطينية من رفع منسوب الإهتمام على هذا المستوى.

أما من الجانب الفلسطيني فقد أدلى الدكتور عابد الزريعي و هو مدير مركز دراسات أرض فلسطين للتنمية و الإنتماء بكلمته في هذا الخصوص و في بداية كلمته توجه الدكتور عابد الزريعي بتحيته و دعمه الكامل لأهله في فلسطين و بالخصوص في حي الشيخ جراح جراء الاعتداءات الأخيرة عليه و قد أراد العدو من خلال الهجوم على هذا الحي تحقيق أهداف عدة منها ملاحقة الإنسان الفلسطيني بشكل عام و اللاجئ الفلسطيني بشكل خاص و ذلك يعني استمرار و وجود حق العودة ثاني هدف مواصلة سياسة العدو في مصادرة الأراضي الفلسطينية و الثالث يتمثل في طمس الذاكرة الوطنية و القومية و الإسلامية من خلال الهجوم على هذا الحي الذي له ارتباط كبير بكل من هذه الأبعاد المذكورة . أما فيما يتعلق بموضوع الندوة أشار مدير مركز دراسات أرض فلسطين للتنمية و الإنتماء إلى التحديات التي تواجهها فلسطين و هي ثلاثة من بينها: تحدي التطهير الحضاري من خلال: أولا التطهير العرقي داخل القدس من أجل حسم مسألة الديمغرافية الفلسطينية و ثانيا من خلال الجانب الإقتصادي عبر فرض قوانين مالية أو ضرائب كبيرة على السكان في القدس و بالتالي فرض روح اليأس فيهم و هو ما يشجع على مشروع التطهير الحضاري. كما أشار إلى عملية الإستهداف الثقافي من خلال طمس الهوية الفلسطينية العربية و الإسلامية. أما التحدي الثاني فهو ما يُسمي بالإختلاق الحضاري بمعني أن العدو الصهيوني بعد أن يُنجز عملية التطهير الحضاري بالنسبة لشعب الفلسطيني فسيتولى إثر ذلك تأسيس عملية مضادة التي تأسست من خلال الإحتلال و ذلك ليؤكد وجوده من خلالها في القدس. أما التحدي الثالث فهو مرتبط بالأساس بالتحديين السابقين من خلال تعزيز الصمود من أجل افشال عملية التطهير الحضاري و تعزيز مقوماته من أجل منع عملية الإختلاق الحضاري. في هذا الإطار طرح الدكتور عابد الزريعي منهجية واضحة و دقيقة لمواجهة هذه التحديات من خلال طرح رؤية سياسية و الفكرية للمهام التي بدورها تحدد موقعية القضية الفلسطينية في الوجدان العربي و الإسلامي للأمة و بالتالي فإن معركة فلسطين هي معركة الأمة بكل أبعادها، و ضمن نفس إطار هذه الرؤية أكد على ضرورة تثبيت المعنى الاستراتيجي للثورة الإيرانية في المنطقة بعد خروج مصر من الصراع نتيجة لإتفاقيات كام دايفيد. أما الهدف المباشر من كل هذه المناهج هو تعزيز صمود أهل القدس و توفير كل الأدوات التي تمكنهم من المقاومة بالاضافة إلى دور كل الفاعلين الدوليين و على مستوى المنطقة في تحقيق هذا الهدف.

تلت هذه الكلمة مداخلة من الجزائر المناصرة للقضية الفلسطينية ألقاها الدكتور نور الدين أبو لحية و هو أستاذ جامعي و كاتب حيث تناول موضوع التطبيع مع العدو الصهيوني، إذ بيّن أن التطبيع السياسي لا قيمة له لذلك فإن الإحتلال الإسرائلي أصبح يعتمد نوعا جديدا من التطبيع و هو استقطاب كل العلماء من له دور في تحويل التعامل مع اسرائيل أمر عادي و بل و يستدلون بالمراجع الدينية اعتمادا للكتاب و السنة و السيرة و أيضا بالمفكرين لإعطاء صورة منمقة لإسرائيل من حيث الإعتدال و السلام و هذا ما تم مع الدول الخليجية المطبعة. قدم الدكتور أبو لحية بعض الأمثلة عن هذا المنهج التطبيعي الجديد لعديد من الدول منها تونس نظرا لتمجيد الذي يكرسه بعض مفكريها مثل أبو يعرب المرزوقي الذي يدعو إلى ما يسمى بالسياسة الواقعية من حيث التعامل مع إسرائيل و هذا ما نشهده واضحا من خلال شن حملة على الرئيس التونسي قيس سعيّد بسبب مواقفه من الصهيونية. بالإضافة إلى المنهج الذي أصبحت تسلكه حركت الإخوان المسلمين في تبييض صورة الإحتلال الإسرائيلي و الموافقة على ربط علاقات معه من خلال نموذج تركيا الذي يمثل المرجعية الفكرية لديهم و بالتالي لا إشكال في التعامل مع إسرائيل في كل المجالات. كما اعتبر أن أغلب الحركات الإسلامية سواء كان في دول الخليج أو بعض الدول الأخرى قد سلكت منهج الحيادة فيما يتعلق بالمسألة الصهيونية بل أصبحت تقدم الفتوى في تبرير التعامل مع إسرائيل. أما المنهج الإيديولوجي الذي لعب عليه هؤلاء الفاعلين للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي بداية بتغيب القضية الفلسطينية، ثانيا عدم ربطها بالإسلام. أما ثالثا اعتبار أن الشخص الذي يطبع يمثل السماحة الإسلامية و الإعتدال الإسلامي و هذا المنهج هو الأخطر في المواجهة السياسية للكيان الصهيوني. إضافةإلى، ذلك طرح الدكتور أبو لحية بعض الآليات لمواجهة الكيان الصهيوني و جعله العدو الأكبر لكل الأمة الإسلامية و كذلك لمزيد من التركيز على القضية المركزية و الأم ألا و هي القدس الشريفة عبر الوسائل التكنولوجية المتاحة الآن منها مواقع التواصل الإجتماعي للكشف للرأي العام الزيف و الخداع اللذان تمارسهما إسرائيل و من معها من المطبعين لصرف النظر عن هذه القضية.

في السياق ذاته و في نفس المحور تناول الدكتور مازن الشريف و هو مؤسس و رئيس الإتحاد العالمي للتصوف الإسلامي بتونس طرح رؤيته فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. و قد تناول موضوع الذاكرة في علاقة بالقضية الفلسطينية قضية الأمة بحكم أن اليوم هناك هجمة من قبل العدو بكل أنواعه، الذي يعمل على طمس الذاكرة و منها طمس القضية المركزية، فعندما تتحول حركة التطبيع إلى حركة حكامية ألبسوها حلة الدين و أعطوها مصاديق واهية من خلال علاقة رسول الله باليهود و تحويلها إلى واقعية و التعامل معها بشكل طبيعي وبتسامح،  و كل هذا يرجع إلى قصر الذاكرة الشعبية للأمة جمعاء و بالأخص فئة الشباب نظرا للهجمة الموجهة لطمس هذه الذاكرة عبر تعدد و تكاثر المشاهد اليومية و في كل آن على الذاكرة. و أشار من جانبه أن هذه الهجمة هي المفسر الوحيد عن تقصير الأمة الجدي و الصارم في الدفاع عن القدس و فلسطين واعتبر أن يوم القدس هو في الحقيقة يومٌ لذاكرة الذي يحييها و يحيي معها مظلومية فلسطين، و أن الدفاع عنها واجب على كل طالب للحرية، فالقضية الفلسطينية ليست مجرد قضية قوم أو دين بل هي قضية مبدأ إنساني بشكل عام. وقد استدل بالدور الذي لعبه كل من الطرق الفكرية منها التصوف في الدفاع عن القضية الفلسطنية لما لها من قيمة منغرسة في الذاكرة العربية و الإسلامية منذ عهود. و في كلمته أشار الدكتور مازن الشريف إلى عدم السماح بتجزئة القضية الفلسطينية كما يسعى ورائها الكيان الصهيوني من أجل تغييبها عن الذاكرة  بل يجب الحديث في جميع المناسبات أن فلسطين واحدة، و كل ما يقع في كل شبر من شبر أراضيها يمثل القضية كلها و لا يمثل منطقة أو جزء واحد. بالإضافة إلى ما واجهته المنطقة و الدول العربية بفعل هذه التجزئة في مشروع الإرهاب بهدف إشغال الرأي العام عن هذه القضية المركزية. اختتم  الدكتور مازن الشريف كلمته بالتأكيد على ضرورة التركيز على موضوع الذاكرة في علاقتها بالقضية الفلسطنية و أن لا يسمح بمحوها من ذاكرة الأجيال و التركيز على إحياها بكل الأساليب الممكنة.

الكلمة التي تلتها للأستاذة مباركة عواينية البراهمي الحقوقية و البرلمانية الفاعلة و رئيسة مركز محمد البراهمي للسلم و التضامن بتونس،حيث قدمت رؤيتها كإمرأة مناضلة و تعبر عن رؤية نساء تونس الحرائر، الداعيات للدفاع عن فلسطين. واعتبرت أن ذكرى إحياء يوم القدس العالمي هي مبادرة وفاء من الجمهورية الإسلامية الإيرانية من أجل فلسطين، أشارت النائبة السابقة مباركة البراهمي إلى عملية التهويد القدس التي انطلقت منذ احتلال فلسطين و تغير ملامحها في اتجاه تثبيت أسس أسطورتهم المزعومة من الشروع في الحفريات تحت المدينة و حول مسجد الأقصى. كل هذه العمليات من أجل طمس المعالم الإسلامية العميقة و إحداث تاريخ عبري و تثبيت السيطرة على الأرض و تحويلها إلى مستوطنات اسرائيلية تخدم المشروع الصهيوني. إن الصمود الذي قدمه الشعب الفلسطيني أمام هذا الإحتلال الغاصب من أجل عدم التفريط في قضيتهم و دولتهم قد انتصر له جميع أحرار العالم إلا أن الحماية الدولية لكيان الإحتلال كانت أكبر و أقوى. إن القدس الشريف تعاني اليوم من تحديات عديدة هذا ما صرحت به الأستاذة مباركة البراهمي منها: انتهاك المقدسات الإسلامية و حتى المسيحية التي تعتبر من الممارسات الإجرامية و تستدعي الوقوف في وجهها من كل الفئات. كما سلكت قوات الإحتلال منهج إفراغ المدينة من أهلها عبر هدم المنازل و طرد العائلات المقديسية و استبدالها بصهاينة و بالتالي جر الأهالي إلى اليأس و الخروج من موطنهم. أشارت كذلك إلى خطورة هذه العملية التي جعلت العديد من السكان بالانخراط في سوق العمالة الصهيونية بسبب الخصاصة و النقص و التجويع التي يمارسها الكيان الصهيوني على شعب تلك المنطقة. أما التحدي الثاني الذي تواجهه فلسطين هو تحد في المؤسسة التعليمية حيث أن الإحتلال لا يسمح بتوسيع المدارس أو البناء و هناك نقص حاد في المراجع التدريسية و هو ما زاد من معضلة التسرب المدرسي و ما يترتب عليها من مشاكل للشباب و للشعب ككل. كما هناك تحد على مستوى المنظومة الصحية و هذا نتيجة التخلي العربي عن هذه القضية و مسار التطبيع الذي سلكته بعض الدول العربية و الاسلامية. دعت السيدة مباركة البراهمي إلى الوقوف إلى جانب القدس وقفة صارمة و موضوعية لأنها مدينة مقدسة و شأنها شأن مكة و المدينة، فهذه القضية هي مسؤولية كل دول و شعوب العالم الإسلامي، و من المفروض أن تكون هذه القضية مسؤولية الجامعة العربية و منظمة التعاون الإسلامي. لم تنس الأستاذة مباركة البراهمي خيار المقاومة الذي هو الحل الوحيد لتحرير القدس و فلسطين من أيادي الغزاة التي انخرطت فيها كل الفئات العمرية لشعوب الأمة نظرا لجدواها في حل هذه المعضلة. و هذه المقاومة تعكس الثنائية المتقابلة بين شعب صامد مصر على طرد العدو بكل ما أتيح له من امكانيات و بين عدو مستكبر لديه كل الامكانيات.

و في ختام هذه الندوة قدمت الكاتبة و الإعلامية الدكتورة هناء سعادة من الجزائر رؤيتها حول القضية الفلسطينية، حيث أشادت بالدور الذي لعبه الإمام الخميني في غرس هذا اليوم في الذاكرة الشعبية للأمة الإسلامية حيث ربط الإمام هذا اليوم بقدسية شهر رمضان الفضيل و هذا إن دل على شيء إنما يدل على قدسية هذه القضية و ضرورة الدفاع عليها . فالمشروع الذي دعت إليه القوى الإستكبارية يهدف لمحاصرة الشعب الفلسطيني. أما من خلال المقاومة التي دعا إليها الإمام الراحل الذي أسس لمشروع نهضوي و تربوي أحيا من خلاله الوظيفة الأساسية للإسلام. حيث بيّنت مكانة هذا اليوم الذي يجتمع فيه كل الشرفاء لتنديد بجرائم العدو الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!