بعد سنوات من الجفاف : عودة الحياة إلى حقول وجبال الكاف
بعد أربع سنوات متتالية من الجفاف القاسي الذي ضرب البلاد التونسية، يرى سكان ولاية الكاف الشمالية اليوم مشهدًا مختلفًا تمامًا. فالمناظر القاحلة التي كانت تمتد على مسافات طويلة قد تحولت فجأة إلى بساتين خضراء وحقول ملونة بألوان الزهور. هذا المشهد الطبيعي الساحر ليس فقط مؤشرًا على عودة الحياة إلى هذه الأراضي، بل يعتبر أيضًا بمثابة رمز للأمل والصمود في وجه الصعوبات.
عندما تحدث الجفاف الشديد، كانت الآمال تتلاشى، والمزارعون يواجهون مصاعب جمة في إيجاد مصادر المياه والحفاظ على محاصيلهم. ومع ذلك، بدا وكأن الطبيعة قد تلقت دعوة لإظهار عظمتها وقوتها في هذه الأراضي القاحلة. فبعد نزول كميات كبيرة من الأمطار، بدأت النباتات تتفتح وتزدهر، وظهرت مجموعة متنوعة من النباتات التي كانت مهددة بالانقراض.
في جبال دير الكاف، يمكن للزوار اليوم رؤية الطبيعة تستعيد جمالها ورونقها السابق. حيث تمتد الحقول الملونة وتزهو بأنواع مختلفة من الزهور والنباتات الطبيعية. هذا المنظر لا يعد مجرد جمال بصري، بل يحمل في طياته رسالة قوية عن قدرة الطبيعة على البقاء والتجدد، حتى في وجه أصعب التحديات.
يقول الدكتور أحمد المرواني، المختص في علم النباتات، إن رؤية الحياة تعود إلى الكاف بعد فترة طويلة من الجفاف تعكس إصرار الطبيعة على البقاء. ويشير المرواني إلى أن هذه النباتات الجديدة التي تزهر في الكاف تمثل استجابة طبيعية لتغيرات المناخ، مشيرًا إلى أنها تعكس أيضًا قدرة الطبيعة على التكيف والبقاء في ظل ظروف قاسية.
من بين النباتات التي شهدت عودة قوية في الكاف، تجد البرسم والبرواق من الفصيلة الزنبقية، والخبيزة البرية التي تستخدم في الطب الشعبي لعلاج الالتهابات. وليس هذا فقط، بل انتشرت أنواع أخرى مثل البسانة الصفراء والداد وبعض أنواع الزعفران بشكل لافت في الحقول والجبال.
تعتبر هذه الظاهرة عودة الحياة إلى الكاف بعد فترة طويلة من الجفاف مثالًا على قدرة الطبيعة على التجدد والتكيف. وفي وقت يعاني فيه العالم بأسره من تغيرات المناخ وتدهور البيئة، تأتي هذه الرسالة الإيجابية من الكاف كتذكير بأن الأمل ما زال قائمًا وأن الطبيعة قادرة على التغلب على أصعب التحديات.