بخصوص الفساد المتمثل في تعطيل مشروع القانون المتعلق بمهنة المستشار الجبائي
اصدر مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة بيانا وصلت الجرأة نيوز نسخة منه حول ما اعتبره الفساد المتمثل في تعطيل مشروع القانون المتعلق بمهنة المستشار الجبائي.
وجاء في البيان:
لا يخفى على رئيس الحكومة ووزير الاقتصاد والمالية ودفع الاستثمار ووزير العدل ووزير التشغيل ان مشروع القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي يرجع الى سنة 1994، علما ان اول عريضة مطالبة باعادة هيكلة المهنة المحكومة بالقانون عدد 34 لسنة 1960 الذي تجاوزه الزمن بالنظر للمعايير الاروبية ترجع الى سنة 1986. كما لا يخفى عليهم ان وزير المالية اطلق وعدا بخصوص تاهيل المهنة مثلما يتضح ذلك من خلال الصفحة 566 لمداولات مجلس النواب المؤرخة في 10 ديسمبر 2001. كما اطلق مرة ثانية وعدا بتاهيل المهنة مثلما يتضح ذلك من خلال الصفحة 400 من مداولات مجلس النواب المؤرخة في 17 ديسمبر 2003 : “تأهيل مهنة المستشار الجبائي، بكل عجالة أقول أن لنا مشروع قانون جاهز سنحيله على هذا المجلس الموقر في بحر الأيام القليلة القادمة”. ايضا، لا يخفى عليهم ان مشروع القانون، الذي من شانه الحد من الفساد ومن بطالة الالاف من حاملي الشهادات العليا في الجباية وحماية المطالبين بالاداء الذين يتعرضون للتحيل والابتزاز، استكمل كل مراحل الاعداد خلال سنة 2012 وقد تم عرضه خلال جلسة العمل الوزارية المنعقدة بتاريخ 24 جوان 2013 التي اوصت بعرضه في اقرب وقت على مجلس الوزراء دون ان يتم ذلك الى حد الا بتدخل من المناشدين والمعادين للمهنة. ويبدو ان مهنا في وضعية تضارب مصالح ومعادية لمهنة المستشار الجبائي بعثت بعرائض تضليلية الى وزارة المالية ورئاسة الحكومة لتعطيل ذاك المشروع الذي لم يمس بمجال تدخل المهن الاخرى واكتفى بنقل محتوى الفصل الأول من قانون 1960 بصياغة جديدة ومتطورة. وللتاكد من المحتوى التضليلي لتلك العرائض المغرضة التي ليس لها من هدف سوى تهميش مهنة المستشار الجبائي والتنكيل باصحابها، كان على رئيس الحكومة استشارة المحكمة الادارية. هل يعقل ان يتم تعطيل مشروع القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي منذ سنة 1994 والموعود بعرضه خلال سنة 2003 على البرلمان بتدخل من اعداء المهنة والمناشدين؟
وعلى اثر السؤال الذي توجه به احد اعضاء مجلس نواب الشعب لوزير المالية بخصوص التعطيل غير المبرر لمشروع القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي، اكد من خلال جوابه المؤرخ في 18 اكتوبر 2018 ان الحكومة تلقت العديد من العرائض الصادرة حسب قوله عن المهن ذات العلاقة بالاستشارة الجبائية وان الوزارة بصدد دراسة الملاحظات والمقترحات التي تضمنتها تلك العرائض. خلافا لما ورد برد وزير المالية، فان المحاسب لا يسمح له الفصل الاول من القانون عدد 16 لسنة 2002 المتعلق بمهنته بالقيام بمهام ترجع بالنظر للمستشار الجبائي. كما ان الفصل 2 من القانون عدد 108 لسنة 1988 لا يسمح للخبير المحاسب بالقيام بمهام ترجع بالنظر للمستشار الجبائي. اما مراقب الحسابات الذي يمكن ان يكون خبيرا محاسبا او محاسبا وعلى عكس ما يروج له بعض الجهلة من الخارجين عن القانون ومنتحلو صفة المستشار الجبائي والمحامي، فتتمثل مهمته في ابداء الراي حول صحة المحاسبة وشفافيتها، علما ان المحكمة الادارية اكدت من خلال قرارها التعقيبي عدد 35770 المؤرخ في 19 جوان 2006 ان مصادقة مراقب الحسابات لا تضمن صحة المحاسبة وشفافيتها. ان مهام الخبير المحاسب او المحاسب تم ضبطها بدقة بنص تشريعي (قانون اساسي) ولا يمكن التوسيع فيها بمقتضى قوانين المالية على عكس ما نلاحظه في خرق للفصل 65 من الدستور والقانون عدد 34 لسنة 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين والمرسوم عدد 79 لسنة 2011 والفصل 2 من القانون عدد 108 لسنة 1988 المتعلق بتنظيم مهنة الخبير المحاسب والفصل الاول من القانون عدد 16 لسنة 2002 المتعلق بمهنة المحاسب. خلافا لذلك، تم تقنين الرشوة والابتزاز من خلال اشتراط الانتفاع بحق من قبل صنف من المؤسسات دون سواها بمصادقة مراقب حسابات دون تحفظ على قوائمها المالية. الاخطر من ذلك، ان تستقيل ادارة الجباية ويتم العبث بالمال العام من خلال احكام الفصل 19 من قانون المالية لسنة 2015 دون الحديث عن مال المال العام الذي تم صرفه في اطار الفصل 47 من قانون المالية لسنة 2016. كما ان الخبير المحاسب لا يجوز له قانونا القيام بمهمة تدقيق جبائي مثلما يتضح ذلك من خلال الفصل 2 من قانون مهنته باعتبار ان التدقيق الجبائي، الذي تم التعرض اليه لاول مرة بصفة صريحة بالفصل الاول من الامر عدد 764 لسنة 2014 المتعلق باجراءات تكليف المحامين بنيابة الهياكل العمومية، يتمثل في تشخيص وضعية المطالب بالاداء بالنظر للتشريع الجبائي الجاري به العمل وتقديم النصح له عند الاقتضاء أي عند وجود اخلالات او عندما يتفطن المستشار الجبائي الى ان المطالب بالاداء لم ينتفع بامتياز او بحق وهذه المهمة تعد شكلا متطورا من اشكال الاستشارة الجبائية التي تمت الاشارة اليها بالفصل الاول من القانون عدد 34 لسنة 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين.
فقد اكدت المحاكم الفرنسية بما في ذلك محكمة التعقيب من خلال العديد من قراراتها ان الخبير المحاسب لا يمكنه القيام بمهام تدقيق جبائي او اجتماعي او قانوني وبالاخص في القضية التي انتحل فيها مكتب التدقيق المالي “الما كونسلتنق” صفة المحامي من خلال قيامه بمهام تدقيق اجتماعي وكذلك من خلال القرار عدد 06016/13 الصادر بتاريخ 18 سبتمبر 2014 عن محكمة الاستئناف بفرساي على اثر احالة من محكمة التعقيب الذي قضى ببطلان اتفاقية تدقيق جبائي ابرمها خبير محاسب مع مؤسسة وذلك لعدم الاختصاص باعتبار أن التدقيق الجبائي يدخل حصرا ضمن مهام المحامي والمحامي المستشار الجبائي. اما بالنسبة للمحامي، فيجوز له قانونا القيام بمهام المستشار الجبائي ولكن لا يجوز له استعمال قانون الغاب لتعطيل مشروع قانون مهنة اخرى اكتفى بنقل محتوى الفصل الاول من القانون عدد 34 لسنة 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين الذي اكدت المحكمة الادارية من خلال رايها الاستشاري عدد 495 لسنة 2012 انه لا زال ساري المفعول بعدما زعم بعض المرضى والجهلة ان مرسوم الخزي والعار عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بالمحاماة نسخ قانون المستشارين الجبائيين. ان التعلل بعرائض مغرضة ومضللة وفاسدة لمزيد تعطيل مشروع القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي الذي يرجع الى سنة 1994 بتعلة دراسة المحتوى الفاسد لتلك العرائض يعد من اشنع مظاهر الفساد ويؤسس لدولة قانون الغاب والعصابات والمافيات وكذلك عملا بالمثل الشعبي “حوت ياكل حوت قليل الجهد يموت”. ولمعرفة النوايا السيئة والمغرضة للاطراف المعادية والمتخلفة التي بعثت بالعرائض التضليلية الفاسدة لرئاسة الحكومة، يكفي ان يتم عرض مشروع القانون عليها لابداء الراي بعد تعويض الفصل 2 من المشروع بالفصل الاول من القانون عدد 34 لسنة 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين الساري المفعول لتعبر عن رفضها وتصديها للمشروع لان غايتها القضاء على المهنة وتهميشها والابقاء عليها محكومة بقانون فاسد ومتخلف حتى تبقى عجلة خامسة للسماسرة ومنتحلي الصفة والفاسدين والسماسرة. الغريب في الامر ان مشاريع القوانين الفاسدة وغير الدستورية التي تم سنها في ظروف مشبوهة خاصة بعد 14 جانفي 2011 لفائدة المهن المعادية والتي تم من خلالها مغالطة المستهلك واغتصاب مجال تدخل المستشار الجبائي ونهب المؤسسات في خرق على الاقل للفصول 10 و15 و21 و41 و89 من الدستور لم يتم عرضها على الهياكل المهنية للمستشارين الجبائيين لابداء الراي. الجريمة الكبرى ان يكلف يوسف الشاهد خبيرا محاسبا معروف بعدائه الشديد للمهنة وفي وضعية تضارب مصالح مفضوحة بملف المستشارين الجبائيين لكي يواصل التنكيل بالمهنة وباصحابها وتعطيل مشروع قانون المهنة وهذا يعد ايضا من ابشع مظاهر الفساد التي لم يتم التحقيق فيها الى حد الان.
تبعا لما تقدم، هل سيبادر رئيس الحكومة بفتح تحقيق بخصوص هذا الفساد وبإحالة مشروع القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي الذي استكمل كل مراحل الإعداد إلى مجلس نواب الشعب وكذلك بفتح تحقيق بخصوص الفساد الجبائي والجرائم المرتكبة يوميا في حق المهنة من قبل السماسرة والمتواطئين معهم من الفاسدين الذين يكلفون الخزينة العامة خسارة سنويا تقدر بالاف ملايين الدينارات؟ وهل سيبادر رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بالتعهد بهذا الملف؟
العربي الباجي
رئيس مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة