بخصوص الفساد المتمثل في الإبقاء على الاحكام القانونية والجبائية الفاسدة
13/04/2021
تفرز الوضعية الجبائية للمطالبين بالاداء فوائض اداء (crédits d’impôt) نتيجة لدفع مبالغ زائدة عن الاداء المطلوب قانونا. ويبقى من حق المطالبين بالاداء حسب شروط فاسدة وغير دستورية نص عليها التشريع الجبائي الجاري به العمل تقديم مطالب لاسترجاع فوائض الاداء او المبالغ الزائدة التي تم دفعها لفائدة الخزينة العامة. وعوض ان ينص التشريع الجبائي على اجراءات موحدة لاسترجاع فوائض الاداء، كرس دون مبرر حالة من التمييز بين المطالبين بالاداء في خرق صارخ للفصول 10 و15 و20 و21 و41 و49 و58 و65 و76 و89 من الدستور الجديد. كما نص الفصل 28 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية على ان المطالب بالاداء لا يمكنه استرجاع فائض الاداء الذي لم يقدم مطلبا في استرجاعه في اجل اربع سنوات من التاريخ الذي اصبح فيه ذاك الفائض قابلا للاسترجاع وذلك في خرق صارخ للفصل 41 من الدستور الجديد الذي نص على ضمان حق الملكية. وللدلالة على حالة التمييز الصارخ بين المطالبين بالاداء، يكفي الاطلاع على الاجراءات المعمول بها في مادة استرجاع فوائض الاداء. طبقا للتشريع الجاري به العمل، يمكن الحصول على تسبقة من فائض الأداء على القيمة المضافة أو فائض الضريبة على الدخل أو فائض الضريبة على الشركات تدفع دون مراقبة مسبقة تتراوح نسبها بين 15 و100 % وفي اجل يتراوح بين 7 ايام و120 يوما وفي هذا عبث بالمال العام وتمييز بين المطالبين بالاداء ودوس مفضوح وسافر على الفصلين 10 و21 من الدستور. فقد تم تمرير احكام فاسدة تمييزية وغير دستورية بالتشريع الجبائي بغاية خدمة مصالح خاصة ونهب المؤسسات وحلبها وكذلك تكريس حالة من التمييز بين المطالبين بالاداء لا مبرر لها من خلال اشتراط الانتفاع بحق بالمصادقة على القوائم المالية لصنف من المؤسسات دون ان يتضمن تلك المصادقة تحفظات لها مساس باساس الاداء مثلما هو الشان بالنسبة للفصل 15 من مجلة الاداء على القيمة المضافة والفصل 48 سابعا من مجلة الضريبة على دخل الاشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات الذي نص على ان الخسارة المتاتية من التخلي عن دين لفائدة مؤسسة تمر بصعوبات لا تقبل للطرح الا اذا كانت حسابات المؤسسة المتخلية والمؤسسة المنتفعة بالتخلي خاضعة لمراجعة مراقب حسابات والفصل 49 ثالثا من نفس المجلة الذي منح للمجامع امكانية التصريح بنتيجة مجمعة شريطة ان تكون حسابات الشركات المكونة لتلك المجامع خاضعة لمراجعة مراقب حسابات والفصل 49 من نفس المجلة الذي لم يمنح امتيازا إلا للشركات المدمجة التي صادق مراقبو حسابات على قوائمها المالية والفصل 23 من مجلة التسجيل والطابع الجبائي الذي لم يمنح امتيازا الا للشركات المدمجة التي تمت المصادقة على قوائمها المالية من قبل مراقب حسابات.
تتمثل مهمة التدقيق الجبائي في تشخيص وضعية المطالب بالاداء بالنظر للتشريع الجبائي الجاري به العمل وتقديم النصح له عند الاقتضاء أي عند وجود اخلالات او عندما يتفطن المستشار الجبائي او المحامي الى ان المطالب بالاداء لم ينتفع بامتياز او بحق. هذه المهمة تدخل في اطار الاستشارات الجبائية التي يقدمها المستشار الجبائي او المحامي وقد تمت الاشارة اليها بصفة ضمنية صلب احكام الفصل الاول من القانون عدد 34 لسنة 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين وكذلك صلب المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة. تمت الاشارة بصفة صريحة لاول مرة للتدقيق الجبائي بالفصل الاول من الامر عدد 764 لسنة 2014 المتعلق باجراءات تكليف المحامين بنيابة الهياكل العمومية باعتبار ان المحامي مؤهل قانونا للقيام بمهام التدقيق القانوني والجبائي :» يضبط هذا الأمر شروط وإجراءات إبرام عقود صفقات تكليف المحامين وشركات المحامين بنيابة الهياكل العمومية لدى المحاكم والهيئات القضائية والإدارية والعسكرية والتعديلية والتحكيمية. وتستثنى من تطبيق أحكام هذا الأمر الأعمال التي تكتسي صبغة الدراسات القانونية ومهام التدقيق القانوني والجبائي والاستشارات وتحرير العقود والتي تخضع للإجراءات المقررة للصفقات العمومية المتعلقة بالدراسات». ايضا، يقوم اعوان ادارة الجباية بالتدقيق الجبائي بصفة جزئية لانهم ليس لهم الحق في تقديم النصح للمطالب بالاداء حيث تقتصر مهامهم على تشخيص الاخلالات بالنظر للتشريع الجبائي الجاري به العمل. ان التدقيق الجبائي الذي هو نوع من انواع التدقيق القانوني وشكل من اشكال الاستشارة الجبائية يختلف جذريا عن التدقيق المحاسبي او المالي الذي تمت الاشارة اليه بصفة اساسية بالفصل 2 من القانون عدد 108 لسنة 88 المتعلق بمهنة الخبير المحاسب وعلى سبيل التذكير لا غير بالفصل 258 من مجلة الشركات التجارية :» يحقق مراقب الحسابات و تحت مسؤوليته في سلامة حسابات الشركة ويضمن نزاهتها طبق الاحكام القانونية و الترتيبية الجاري بها العمل . ويسهر على احترام الاحكام المنصوص عليها بالفصول من 12 الى 16 من هذه المجلة، ويجب عليه ابلاغ الجلسة العامة السنوية بواسطة تقرير كل خرق لاحكام هذه الفصول ويجب اختياره من ضمن مراقبي الحسابات المرسمين بجداول هيئة الخبراء المحاسبين. غير انه يمكن للشركات التي يكون رقم معاملاتها اقل من مبلغ يقع تحديده بقرار من الوزير المكلف بالمالية ان تختار مراقبا او عدة مراقبي حساباتت سواء من بين المرسمين بجدول الهيئة او من بين احد المختصين في الحسابية». فالتدقيق المحاسبي المشار اليه بالفصل 258 من مجلة الشركات التجارية الذي يرمي الى ابداء راي بخصوص صحة المحاسبة والذي يعتمد على تقنية السبر والانتقاء لا يمكنه باي حال من الاحوال ان يضمن صحة فائض الاداء. اذا، فمراقب الحسابات الذي يمكن ان يكون خبيرا محاسبا او محاسبا تتمثل مهمته في ابداء الراي حول صحة المحاسبة وشفافيتها، علما ان المحكمة الادارية اكدت من خلال قرارها التعقيبي عدد 35770 المؤرخ في 19 جوان 2006 ان مصادقة مراقب الحسابات لا تضمن صحة المحاسبة وشفافيتها، دون الحديث عن المؤسسات التي طالبتها ادارة الجباية بدفع مبالغ ضخمة تقدر في بعض الاحيان بعشرات ملايين الدينرات رغم المصادقة على محاسبتها دون تحفظ من قبل مراقب حسابات، وادارة الجباية على علم تام بتلك الملفات. كما ان المحاكم الفرنسية اكدت من خلال العديد من قراراتها ان الخبير المحاسب لا يمكنه القيام بمهام تدقيق جبائي او اجتماعي او قانوني وبالاخص في القضية التي انتحل فيها مكتب التدقيق المالي «الما كونسلتنق» صفة المحامي من خلال قيامه بمهام تدقيق اجتماعي وكذلك القرار عدد 13/06016 الصادر بتاريخ 18 سبتمبر 2014 عن محكمة الاستئناف بفرساي بخصوص بطلان اتفاقية تدقيق جبائي مبرمة مع مكتب تدقيق مالي ومحاسبي وذلك لعدم الاختصاص باعتبار أن التدقيق الجبائي يدخل حصرا ضمن مهام المحامي والمحامي المستشار الجبائي. تجدر الاشارة الى ان مهام الخبير المحاسب التونسي لا تختلف جوهريا عن مهام الخبير المحاسب الفرنسي باعتبار التشابه المميز للقانونين فيما يتعلق بالمهام وهذا ما جعلنا نستشهد بفقه القضاء الفرنسي. لا ننسى ايضا الاحكام الفاسدة التي تم تمريرها بالفصل 13 وما بعده من مجلة الشركات التجارية والامر 1546 عدد لسنة 2006 لنهب المؤسسات واثقال كاهلها من خلال الزام المؤسسات الصغرى بتعيين مراقب حسابات. ان قمة الفساد ان يتم اجبار المؤسسات على تعيين مراقبين اثنين للحسابات (2) دون فائدة تذكر وقد اثقل ذلك كاهل المؤسسات المهددة اليوم بالاندثار نتيجة لتعفن محيط الاستثمار. ان تلك الاحكام الفاسدة التي الحقت اضرارا جسيمة بالخزينة العامة والمؤسسات والمهنيين الذين تم اغتصاب مجال تدخلهم جاءت مخالفة بصفة صارخة للفصول 10 و15 و20 و21 و41 و65 من الدستور وكان على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والبرلمان الاسراع بحذفها في اطار مشاريع قوانين المالية قبل الطعن في دستوريتها امام المحكمة الدستورية. فقد اتضح ان ادارة الجباية لم تجد اثرا لبعض المؤسسات التي منحتها تسبقات بعنوان فوائض اداء وان بعض المؤسسات التي تحصلت على كامل الفائض تبين انها مدينة للخزينة العامة ولهاته الاسباب تم التنصيص على خطية بما قدره 100 بالمائة من المبلغ المسترجع دون وجه حق في اطار الفصل 35 من قانون المالية لسنة 2017.