دردشة يكتبها الأستاذ الطاهر بوسمة /” يرق الذهب وما يفناشي “

كتب الطاهر بوسمة :

الحمد لله الذي هداني للعودة للإذاعة الوطنية في هذه الايام العصيبة التي يمر بها العالم كله بهذه المصيبة المسماة بوباء كورونا التي لم تفرق بين غني او فقير، او عظيم او وضيع، وأوجبت علينا الإقامة بمنازلنا توقيا من العدوى الأكيدة، وذلك لمصلحتنا المنشودة.

لقد بت مواظبا كل صباح على الاستماع للإذاعة الوطنية، وخاصة برنامج يديره ذلك القدير حاتم بن عمارة الذي اكتشفت من خلاله قيمة المثل الذي اخترته لهذه الدردشة الصباحية، وذلك للتدليل بان الخير يبقى دائما في الدنيا، بمن قرأوا وتدربوا على القواعد السليمة التي كنا في أيامنا الخوالي نقتصر على الاستماع لإذاعة وحيدة، ونتابع برامجها كلها تقريبا بشغف واهتمام وعلى اساسها تربينا وتعلمنا.

لقد تألق فيها ذلك الإعلامي في التنشيط وخاصة في الثقافة والترفيه الذي ذكراه والذي رأته منذ مدة قد حاول التحول لبرامج تلفزية جربها ولم يكن اقل شهرة فيها ونجاحًا ولكنه بعودته هذه القوية للبرمجة الصباحية الإذاعية الهادفة، أعاد لذلك المرفق العمومي قيمته الاعتبارية التي عرفناها على مر العقود والسنين وكنا دائما نثق فيها.

كان ذلك خاصة لما استمعت اليه من دعوته لوزراء لهم علاقة بما نمر به من مخاوف انصبت علينا، ولم يكن لأحد منا لها أي تفسير يمكن أن نرتاح اليه.

لقد استمعت هذه الأيام صدفة في البداية إلى وزير أملاك الدولة غازي الشواشي وبعده وزير الاتصالات محمد فاضل كريم ثم لوزير الدولة محمد عبو وأخيرا لعبد اللطيف المكي وزير الصحة العمومية الذي يعد في هذه الأيام المسؤول الأول عن صحتنا المهددة رسميا بذلك الوباء الذي لم يكن له أي دواء او لقاح يحمي المعترضين له إلى اليوم وقد ألجأنا للتوقي كما ألجأ غيرنا من الدول القوية التي كانت تعتبر نفسها في حصانة، ولكنها أدركت اخيرا بان القوة الربانية وحدها كانت الأقوى ولا خلاص لنا الا بالدعاء لله كي يرفعه علينا.

لم يكن ذلك المحاور الذي وجدته يهتم بإعداد أسئلته بجدية وكأنه المعبر عما بات يحيرنا جميعًا لبسطها على ضيوفه بذكاء وبدون مجاملة او افراط ليصل للحقيقة التي تريح المستمعين.

قلت وأنا اكتب هذه الدردشة القصيرة ما لنا وتلك الإذاعات والتلفزات العامة والخاصة التي بات البعض منها يبحث عن الإثارة وعن رقم المشاهدين والمستمعين وذلك لجمع المال على حساب الأخلاق والحقيقة أو تهذيب للذوق السليم لبناء مجتمع متوازن يطيب لنا العيش فيه بوئام ومحبة،

وأخيرا أقول وأتمنى العاقبة للتلفزة الوطنية التي لم تقدر على الخروج من الرتابة والعودة بنا لما بات تراثا يصلح للحفظ في الخزينة.

                                        تونس في 14 أفريل 2020

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!