الى حكومة المشيشي : المواطن محاصر بكورونا من جهة والغلاء من الأخرى…ماذا أنتم فاعلون…
تونس – الجرأة الأسبوعية:
ينصب كل تركيز الحكومة اليوم على مواجهة جائحة كورونا .
هذا التوجه محمود ومطلوب من الحكومة لكنه غير كاف او بالأصح ليس هذا هم المواطن الوحيد.
على حكومة المشيشي التي مازالت ” مسخنتش بلاصتها” في القصبة وغيرها من الوزارات ان تدرك ان المواطن قبل كورونا كان يعاني الامرين من الغلاء وضرب مقدرته الشرائية فما بالك اليوم والاقتصاد شبه منهار واغلب القطاعات في كساد والغلاء ضرب بأطنابه
امام المشيشي اليوم رهان مهم وهو التغلب على الفيروس والوباء وايضا التغلب على الغلاء
فكورونا ليست فيروسا فقط بل هي ازمة اقتصادية واجتماعية خانقة واغلب القطاعات والمجالات تضررت ومنها ما انهار كليا
الوجه الاخر للازمة هو تفاقم ظاهرة البطالة والفقر فمن كانوا فقراء نزلوا الى الفقر المدقع ومن كانت وضعياتهم متوسطة نزلوا الى الفقر .
هذا التقسيم الجديد لم يعد يستثني اي شريحة فقبل سنوات كانت الطبقة المتوسطة هي الطاغية وكانت لا تتأثر بالمتغيرات فاغلبهم موظفون أي ” مسمار في حيط” وتجار وحرفيون صغار
لكن اليوم ينطبق الحكم كون الازمة عامة وشاملة ولم تعد تستثنى منها الا اقلية ثرية ضررها في مشاريعها فقط .
قفة المواطن هي الرهان
امام المشيشي وحكومته اليوم رهان صعب ولكنه مصيري لان هذا الرهان هو من سيقرر هل ستبقى هذه الحكومة ويكتب لها النجاح ام انها ستفشل مثل غيرها وتغادر تجر اذيال الخيبة.
ما نعنيه هو قفة المواطن فبدون مقدرة شرائية محمية ومتوازنة فلا مجال لمواجهة الجائحة ولا مجال للسيطرة على التحركات الاجتماعية وما سيخلفه من تعطيل للانتاج وتوقف لأنشطة ومجالات حيوية مثل الفسفاط والبترول وغيره ولو ان لهذين الملفين ابعادا اخرى.
المحافظة على المقدرة الشرائية للمواطن يعني السيطرة على الاسعار وكبح جموحها لأنه المقياس الوحيد والضمان للمحافظة على الاستقرار الاجتماعي والسلم الوطني فلا مجال لدعوة المواطن للعمل والإنتاج و مقدرته الشرائية قد نسفت .
هذا الامر تم التعامل معه من قبل الحكومات السابقة التي اطلقت حملات انفعالية مثل حملات الحرب على الفساد لكنها كانت كلها فاشلة بسبب انعدام رؤية واضحة للمعالجة وايجاد الحل وايضا لغياب الارادة السياسية وانشغال الأحزاب بمعارك جانبية وهامشية حول التموقع والسلطة والغنيمة.
اليوم مع وجود حكومة كفاءات مستقلة يمكن ان تكون هناك فرصة مهمة للإصلاح ومواجهة المعضلات بجدية لان اعضاء الحكومة بعيدون عن تأثيرات السياسيين والاحزاب ومن وراءهم من اصحاب نفوذ ولوبيات مأثرة تبحث عن مصالحها فقط .
هذا النجاح صعب لكنه ممكن ان كان رئيس الحكومة رئيسا لكل التونسيين ولم يخضع لسلطة الاحزاب وتدخلاتها وعمل على كبح جموحها في الرغبة في السلطة والتدخل في دائرة القرارات تحت أي ذريعة كانت مثل احداث توازن سياسي او توسيع الحزام الحزبي حول الحكومة فهي تعلات وحجج للتدخل في السلطة ونيل نصيب من الكعكة وقد جرب الامر مرات عديدة مع حكومات سابقة والنتيجة كانت كارثية.
فالشاهد مثلا الذي رفع شعار الحرب على الفساد وجد نفسه محاصرا بنفوذ الاحزاب والسياسيين الذين حولوا المعركة الى تصفية حسابات وانتقام وازاحة المنافسين .
بينما وجد آخرون في السلطة وسيلة للهروب من المحاسبة والمحاكمة .
قفة المواطن هي عنوان النجاح لحكومة المشيشي كما كانت من قبل عنوان الفشل لحكومات سابقة اما الشعارات والخطب فلن تقنع المواطن بل هي لا تعنيه اصلا فقد شبع منها في العشر سنوات الاخيرة وصار مطلبه ” هاتوا بضاعتكم لأحكم عليكم”.
لكنها بضاعة بالأفعال لا بالكلام .
محمد عبد المؤمن