الوزير السابق الصادق شعبان يدعو الى احداث بحر داخلي في الصحراء
من الذكريات الجميلة تلك التي عشتها في علاقة مباشرة مع الرئيس الراحل زين العابدين بن علي على رأس معهد الدراسات الاستراتيجية .
كان لي الحظ بأن كلفت بوضع اسس المعهد و تعاونت فيه مع كبار المختصين دون حواجز سياسية و أشرفت على وضع حوالي 20 دراسة استشرافية … دراسات حقيقية لا ذر رماد …
اذكر منها اثنتان ، واحدة اسمها ( مستقبل آخر للصحراء – في سنة 1999 ) و الثانية ( 40 ل 40 ، و تعني استنباط ل 40 مشروع مهيكِل بكسر الكاف structurants لتونس في افاق 2040 – و ذلك في سنة 2008 )
كان المشرف عامر الحرشاني رحمه الله ، و ثلة اخرى من كبار الجامعيين و المهندسين ، و معي في ادارة المعهد خالد قدور و خالد السلامي ،و هما من افضل من أدار معي المعهد .
كل دراسة انتهت الى كمية من المشاريع المفصلة، مع ورقة استثمارية حول كل مشروع ، احيلت كلها لرئيس الحكومة محمد الغنوشي اطال الله عمره للتعمق و دراسة الجدوى و التفعيل … و قاموا بالعديد منها … و لا نعرف الان في اي خزانة تنام من خزائن هؤلاء الذين قالوا عنهم أزلام .
من المشاريع التي جذبت انتباهي هي احداث بحر داخلي في الصحراء ، يعم سبخة الجريد و سبخة الغرسة … حوالي 12 الف كلم 2 … و يكون ذلك بفتح قناة من خليج قابس ( الاغلب الصخيرة ) الى السبخات التونسية ، و دون شك تعمم على السبخات الجزائرية .
لكن استبعدنا المشروع لشكوك في القابلية الجيولوجية و في الكلفة و لأسباب جيوسترتيجية … و اقترحنا على الرئيس بن على تشكيل فريق خاص رفيع المستوى للتعمق …
على الأجيال الحالية اليوم أن تتعمق الفكرة و تراجع القابلية و تقيم المنافع و المخاطر … لان المعطيات تغيرت ، و الترابط بالصحراء قد يصبح ضرورة استراتيجية و مصدر اقتصاد جديد …
من تاثيرات المشروع مثلا رفع معدل الأمطار في المنطقة بحوالي 200 مم في السنة ، اي ان كل المنطقة الداخلية الجنوبية سوف تقدم على تغيرات جذرية .
انعكاسات المشروع كبيرة و متنوعة : فلاحة أخرى و سياحة أخرى و نقل بحري لاعماق الصحراء التونسية و الجزائرية …
كانت اياما حلوة و كنا نتحدث فيها عن التاريخ القديم لتونس و كيف ان صحراء تونس كانت خضراء و الشواطي المتوسطية الى حدود قفصة و سمك التن إلى اليوم يزور الخليج بحثا عن المياه القديمة الدافئة…
ما اذكره هو ان المشروع يعود الى بداية 1882 و قام به رودار Roudaire من القيادة العسكرية الفرنسية عن الجانب الجزائري المحتل انذاك ، لغرض تغطية بحيرات اخرى متاخمة في الجزائر ، و تم التخلي عنه لارتفاع الكلفة .
اعيد مع ليسبس lisseps ( مهندس قناة السويس ) بعد ذلك في بداية القرن العشرين و لم يعتمد .
Jules Verne
كتب ذلك ال l’invasion de la mer متاثرا بالفكرة
المعطيات تشير الى ان ما عدا شط الغرسة الذي يصل عمقه إلى 17 متر تحت سطح البحر فإن المساحة الأكبر و خاصة شط الجريد يرتفع ب 15 متر على سطح البحر . اما شط ملهير milrhir بالجزائر فيصل الى 30 م تحت سطح البحر .
و ما كتب في ذلك الوقت ان حجم مياه البحر التي يجب جلبها تفوق 200 مليار متر مكعب و تحتاج إلى 10 سنوات تعبئة بماء البحر بواسطة قناة طولها 480 كلم بعرض 30 متر و عمق 14 متر .
ما اجمل تلك الأيام، و كم كانت مثيرة …
ا.د الصادق شعبان
Ridha Mellouli et 74 autres personnes
30 commentaires
11 partages
J’aime
Commenter
Partager