النساء الديموقرطيات :”إلغاء المهر وجعل رئاسة العائلة مشتركة للزوجين، والتخفيف من مهام النساء المنزلية”

اصدرت جمعية النساء الديمقراطيات بلاغا  بمناسبة عيد المرأة جاء فيه :
نحيي اليوم الذّكرى السادسة والستين لصدور مجلة الأحوال الشخصية والنقاش حول حقوق النساء والمساواة لم يحسم بعد، فقد مثلت هذه القضية ومازالت محور النقاش الرئيسي بين الحركة النسوية ومختلف الفاعلين السياسيين.
ولئن اتّخذ الاحتفال بيوم 13 أوت أبعادًا مختلفة بحسب الحكّام والأوضاع السّياسية ، على الصّعيد الرّسمي وعلى صعيد المجتمع المدني، فقد اعتبرته الحركة النسوية دائمًا فرصة للمطالبة بإلغاء القوانين التميزية وبالمزيد من الحقوق والإنجازات للنساء التونسيات في تنوعهن وتعددهن .
لقد عبّرت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات في بياناتها ومن خلال أنشطتها المختلفة عن التزامها بالعمل من أجل تحقيق المساواة التامّة والفعلية بين الجنسين بناءً على مبدأ أن هذه الحقوق جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، وأن مواطنتهن الكاملة تعتمد على وضعهن داخل الأسرة. لذلك اعتبرت أن مجلّة الاحوال الشّخصية التي أعدّت مكسبا للنساء اثر صدورها، لم تعد في مستوى انتظارات التونسيات والتونسيين و كرست مع الوقت نموذج العائلة الابوية و بقيت بعيدة عن مطلبنا الرئيسي و هو المساواة وعدم التمييز، ولم نتوانى عن نقدها والمطالبة بتطويرها وملائمتها مع المواثيق الدّولية التي صادقت عليها الدولة التونسية. إن المحافظة على رئاسة العائلة للزوج وانفراد الأب بالولاية على الأطفال هو خير دليل على التمسك بالنموذج الأبوي للعائلة التونسية ، إضافة الى باب المواريث ، الذي طالما انتقدته الحركة النسوية وفرضته كموضوع للنقاش المجتمعي والسياسي. ففي خضم الأحداث المتواترة والضّبابية السياسية وغياب الأفق ، يحق لنا اليوم كنسويات وكحركة نسوية تجندت للدّفاع عن هذا المطلب أن نذكّر الفاعلين السياسيين بأن التمسّك بالدّيمقراطية والعدالة الاجتماعية يستوجب تفعيل مبدا المساواة والتوزيع العادل للثروات في جميع المجالات وفي كل الفضاءات بدءا بالفضاء العائلي .
وقناعة منّا بأن الديمقراطية والحرّيات لا يمكن ضمانها دون المشاركة الفعّالة للنساء وانخراطهن في الحياة العامة، فإننا نواصل مطالبتنا بضرورة حماية النساء في الفضاء الخاص والعام من كل أنواع العنف والتمييز المسلّط عليهن، والتخفيف من مهامهنّ المنزلية التي تحرمهن من هذه المشاركة من خلال توفير الوسائل والبنية التحتية والمرافق اللاّزمة (دور الحضانة ورياض الأطفال) وهنا ندعو المجالس البلدية لإرجاع مشروع روضة البلدية في أقرب الآجال بأسعار في متناول المتساكنين وتمكين الفئات الهشة من التسجيل المجاني.
إننا اليوم، وبعد الاستفتاء على الدستور الذي سيدخل حيز التنفيذ قريبًا بمقاصده وما يطرحه من إشكاليات وفي انتظار قانون انتخابي يهدّد باستبعاد النساء من المجال السياسي خصوصا اذا ما وقع تبني طريقة الاقتراع على الأفراد والتراجع عن مبدأ التناصف، نتساءل عن معنى المواطنة الفعلية للنساء أمام هذه التحديات ، و نعبّر عن تخوّفاتنا من إمكانية التّراجع عن الحقوق والحرّيات العامّة والفردية وعمّا تحقّق في مجال المساواة بين الجنسين، خاصة ونحن نعاين تواتر الاعتداءات على النّساء وتلفيق التّهم ضدّهن ونجدد بهذه المناسبة تضامننا ودعمنا للصديقة آمال علوي رئيسة بلدية طبرقة والقاضيات اللّواتي شوهت سمعتهن ووقع التنكيل بهن والاعتداء على حياتهن الشخصية و على حقوقهن الأساسية .
يحق لنا أن نتساءل اليوم عن الحقوق المكتسبة للنساء فأين نحن من تطبيق القانون عدد58 لسنة 2017 وأين الإجراءات التي كان من المفروض أن تتخذها مختلف الوزارات فيما يخص الوقاية والحماية
والتعهد بالنساء ضحايا العنف ومتابعة المعتدين؟وأين الإجراءات العاجلة التي وعدت بها الحكومة لوضع حدّ للتفقير وتدهور المقدرة الشرائية لمواجهة الأزمة الاقتصادية الخانقة والتضخم المالي المطرد الذي تتكبده العائلات التونسية وخاصة منها الفقيرة؟؟
أمام هذه التّحديات المتّسمة بضرب الحقوق والحريات وغياب أي بصيص أمل في إيجاد الحلول الاقتصادية والاجتماعية، فإننا نحن النساء الديمقراطيات نعبّر عن انشغالنا العميق بتشعب الأزمة الاقتصادية وعن استيائنا لمواصلة التمشي المنفرد وعدم الاصغاء للرأي المخالف ونعلن:
– تمسكنا بالدّولة المدنية القائمة على أساس المساواة والحرية والكرامة والمواطنة والعدالة الاجتماعية لتخليص النساء من تقديس التّمييز باسم الهوية والشريعة وتجزئة حقوقهن الكونية وإقرار مبدأ المساواة التامة والفعلية بين الجنسين .
– ضرورة مراجعة وتعديل مجلة الأحوال الشخصية لتتلاءم مع المواثيق الدّولية المصادق عنها وفي مقدمتها الاتفاقية الدّولية للقضاء على التمييز ضد المرأة ،وذلك عبر إلغاء المهر وجعل رئاسة العائلة مشتركة للزوجين وإلغاء التمييز على أساس الدين في النسب واللقب والحضانة والولاية والإرث.
– التمسك بمبدأ التناصف الافقي والعمودي وإقراره في القانون الانتخابي وتيسير سبل نفاذ النساء إلى مواقع القرار داخل الهيئات والمجالس المنتخبة وغير المنتخبة في الداخل والخارج.
– التعجيل بتفعيل التدابير اللاّزمة في القانون عدد 58 لسنة 2017 من وقاية وتعهد وحماية و تتبع المعتدين والمطالبة بسياسة جزائية قائمة على اعتبار حماية ضحايا العنف والقضاء على الإفلات من العقاب إحدى أولوياتها الملحّة .
– تخصيص الميزانيات الواضحة والكافية للتعهد العمومي بالنساء ضحايا العنف ومرافقتهن الشاملة ومتعددة القطاعات.
– تفعيل الميزانية القائمة على المساواة بين الجنسين والجهات والفئات مركزيا وجهويا ومحليا.
– وضع منوال تنمية ضامن للعدالة الاجتماعية و القضاء على تأنيث الفقر و تهميش الجهات و النساء.
أخيرا نرفع تحية نضالية لكلّ نساء تونس الصّامدات والباقيات على العهد ،ونثمّن ونعترف بنضالات رائداتنا في الحركة النسوية اللّواتي عبّدن لنا طريق المساواة والحرية و خضن عديد المعارك في الكرامة ومقاومة الفقر ورافقن بثبات صاحبات الحقوق والناجيات من ضحايا العنف والتسلط كما لم يغفلن يوما الدفاع عن نساء تونس الكادحات و عن مكتسباتهن في كل المحطات والمنعرجات التي لاح فيها تهديد المكتسبات الديمقراطية والنسوية.
عن الجمعية التونسية
للنساء الديمقراطيات
نائلة الزغلامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى