الفسفاط : قطاع ينتج ذهبا سيطرت عليه المافيات والفاسدين والفوضى

تونس – الجرأة الأسبوعية

دائما ما يبرر السياسيون فشلهم في ادارة الدولة وتحريك عجلة الاقتصاد بكون تونس دولة فقيرة وامكانياتها منعدمة وليست لها ثروات تذكر.

هذا التبرير غير حقيقي ولم يكن يوما صحيحا ففي فترة ما قبل الثورة كان الاقتصاد التونسي يستشهد به في النجاح والنمو لكن اليوم صرنا مثالا للفشل والاخفاق.

 صحيح ان تونس لا تمتلك ثروات نفطية او غازية كبيرة لكنها في المقابل تمتلك ثروات اخرى مهمة منها الفسفاط حيث كانت تونس الى حدود 2010 من اهم منتاي العالم.

بل ان الميزة تتجاوز الانتاج السنوي الذي كان في حدود 8 مليون طنا الى ميزة اخرى وهي جودة الفسفاط الذي تنتجه بلادنا مقارنة مع منتوج دول اخرى.

للأسف اليوم بات الفسفاط عبئا على الدولة حيث ان شركة فسفاط قفصة وملحقااتها خاصة المجمع الكميائي بقابس صارت تعاني من ازمات مزمنة بل لا نبالغ انها حاليا في وضعية افلاس او لنخفف الامر فنقول شبه افلاس.

المغرب تستغل الفرصة

تعد المغرب من اكبر منتجي الفسفاط في العالم لكن الكميات ليست وحدها التي تميز هذا البلد بل اسلوب الانتاج والانضباط حيث ان هذا البلد القريب وضع استراتيجية متينة ومدروسة لإنتاج الفسفاط وتسويقه عالميا وهو يطور من خطته باستمرار.

ابتعاد تونس عن السوق العالمية فتح المجال للمغرب لتتفرد به حيث ان المغرب اليوم يخطط لتحقيق 30 مليون طنا سنويا وبعد عقد يريد الوصل الى 50 مليون طنا أي انه يريد الاستحواذ على الاسواق العالمية.

بالنسبة لتونس فإنها خسرت اسواقها كلها بل وصل الامر الى الاستيراد من الجزائر وروسيا .

بلادنا اليوم في افضل  الحالات تحقق ربع الانتاج الحقيقي لكن حتى هذا المنتج القليل لا يجد في احيان كثيرة طرقا لنقله وتصنيعه ايضا حيث ان النقابات والتحركات الاحتجاجية اوقفت العمل كليا لا في الحوض المنجمي فقط بل وأيضا في المجمع الكيميائي.

بارونات الفساد

نقل الفسفاط بات معضلة كبيرة منذ 2011 حيث ان لوبيات فساد تعمد الى تعطيل حركة القطارات بما فيها التي اشتريت من الخارج بالعملة الصعبة وكلفت الدولة والمجموعة الوطنية مليارات ملقاة وتحولت الى خردة والسبب تحويل النقل الى شركات خاصة عبر الشاحنات فالمهم هو ان يربح المستكرشون.

كل هذا يحصل والدولة والحكومة تتفرج من 10 سنوات وغير قادرة على ايجاد الحل بل ان الحلول التي فعلت هي في الحقيقة ازمات جديدة انضافت على غرار اغراق الشركة بالآلاف من العمالة الزائدة وتأسيس وبعث شركات البستنة وهم قوة عاطلة تتلقى اجورا على عطالتها  .

قوة الدولة

حل معضلة الفسفاط لم يعد ممكنا بالطرق  التي جربت لعقد من الزمن فكلما تم تعيين مجموعة كونها تعمل وهي لا تعمل انضافت طلبات جديدة حتى صار ما يتم تحقيقه  من موارد يذهب الى الاجور والامتيازات .

لينضاف الى هذا ملف اخر وهو الفساد الذي نخر الشركة وتوابعها.

للعلم هنا فان كل حكومة تأتي تعد بكونها ستحل معضلة الفسفاط وستعيده الى بريقه كما كان قبل 2011 لكن بعد فترة وجيزة يتم اكتشاف كون ما قيل هو مجرد  وعود والسبب غياب الارادة السياسية وحسابات ضيقة اضرت بالدولة واضعفتها امام المافيات واللوبيات والنقابات .

فشركة بحجم شركة فسفاط قفصة اليوم يتحكم فيها بضعة عشرات هم قادرون على وقف الانتاج ووقف القطارات وتكبيد الدولة المليارات كخسائر .

السؤال الذي يطرح:

الى متى ستتمر هذا الحالة المزرية ومتى ستتحرك الدولة بصرامة لإيقاف هذا العبث وهذه الفوضى التي استفحلت بشكل خطير جدا لم يعد معه السكوت ممكنا؟

للعلم هنا فان الحيث عن الفسفاط لا يشمل الحوض المنجمي بقفصة فقط بل ان هناك مخزونا كبيرا في جهة الكاف لم يستغل الى الان مطلقا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!