الفة يوسف في المقبرة …. ما الحكاية ؟
+ منذ عشر سنوات دخلت المقبرة ثاني أيّام العيد، أذكر ذاك الرّجل المرتدي قميصا يصرخ بوجهي:
-غطّي راسك راك في الجبّانة…
وأذكر نظرات البعض المنكسرة لا تجرؤ على معارضته ولا مناقشته…
طبعا، لم آبه له، وطلبت منه أن يهتمّ بشؤونه دون شؤون سواه…
+ منذ عشر سنوات قصدت محلاّ لحلق شعري ونمص حاجبيّ، وأذكر المرأة الّتي قالت للحلاّقة وكأنّي لا أستحقّ أن توجّه لي حديثها: “ما تعرفش اللي تعمل فيه حرام؟”
+ منذ عشر سنوات، كان بعضهم ينظر إلى كلّ امرأة ترتدي تبّانا أو فستانا بحمّالات وكأنّها ارتكبت جرما شنيعا…ومنهم من تجرّأ على العبارة السّحريّة: “استر روحك”…
منذ عشر سنوات، انتشرت مظاهر “تديّن” شكليّ غدت موضة أغرت كثيرا من الشّباب…لكنّها لم تنجح في تحسين الأخلاق ولا تطهير القلوب إذ لا علاقة لها بهذا ولا ذاك…
شئا أم أبينا، ضمر “التّديّن” الشّكليّ المتّصل بالإسلام السّياسي في تونس…ولكنّ غياب الحسّ النّقديّ في مجتمعاتنا يجعلها قابلة لأن تقع في “فخّ” أيّ إيديولوجيا أخرى…وغياب التّنمية النّفسيّة والرّوحانيّة يجعل العلاقة بين الحياة اليوميّة والقيم الإنسانيّة شبه منعدمة…
تتغيّر المجتمعات لكن في غياب أيّ رؤية فكريّة استشرافيّة واضحة، فإنّها تظلّ كالمركب في مهبّ الرّياح لا تعرف بأيّ ميناء سترسو…