الجرائم الجنسية تتزايد في بلادنا بشكل مخيف: اغتصاب اعتداءات على قصر ومحارم وحتى أطفال…
باتت ظاهرة ارتفاع العنف بصورة عامة في بلادنا لافتة للانتباه خاصة في العشرية الاخيرة أي بعد الثورة والامر كان يفسر خاصة من المختصين في علم الاجتماع بكونه طبيعي فكل ثورة تعقبها مرحلة تسيب وتراجع قيمي وضعف للدولة ولأجهزتها الردعية.
لكن الملاحظ أن هذه الظاهرة تتفشى وتتصاعد اكثر لتنتقل الى مستوى آخر خطيرا وهو ارتفاع وتيرة الجرائم والاعتداءات الجنسية التي تتجاوز الجرائم التي نسمع عنها في مجتمعات كثيرة الى جرائم يمكن وصفها بشيء من التحفظ بكونها مستحدثة او على الاقل نسبتها تزايدت.
ما نعنيه هنا هو الجرائم الجنسية من تحرش الى اغتصاب الى اعتداءات على محارم واطفال وحتى ذكور.
فكم من خبر يتم تداوله عن انتهاء جلسة خمرية باعتداء جنسي على نديم او خبر عن اعتداء على طفل او قاصر وهي جرائم تتطلب وقفة تأمل عن سبب تزايدها.
الجرائم الجنسية
أهم مؤشر على تزايد الجرائم الجنسية في بلادنا أي التحرش والاعتداء والاغتصاب يمكن أن نرصده من خلال وسائل الإعلام حيث تزخر المواقع الاخبارية بأخبار تتعلق بهذا الصنف والتي كانت في السابق مرتبطة باعتداءات وضبط ثنائي في حالة زنا أو كشف بيوت الدعارة لكن الحالات لم تقف هنا بل انتقلت إلى أخرى جديدة منها الاعتداء على الأطفال والقصر وأيضا زنا المحارم بما في ذلك رصد عديد حالات الاغتصاب .
هذه الظاهرة يمكن تنزيلها ضمن ظاهرة أوسع وهي تفاقم العنف في مجتمعنا .
بالاعتماد على دراسة أعدها المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية فإن 15،7 بالمائة من حالات العنف الحاصلة في المجتمع جنسية أي ان نسبتها تضاهي الاعتداءات العنيفة من “براكاجات” وسرقة وعنف .
لكن رغم صرامة الآلية في الإحصاء المتعلقة بهذا الموضوع فهي تبقى نسبية وغير دقيقة لأن العنف والتجاوزات والجرائم الجنسية مرتبطة دائما بالسكوت عنها والاخفاء بسبب التقاليد كالخشية من الفضيحة لكل العائلة.
هذا الأمر يمكن ربطه بالاعتداء على الاطفال و الذكور حيث تبقى هذه الاعتداءات والجرائم مسكوت عنها خوفا من الفضيحة وتحت ضغط العادات المجتمعية لان المعتدي عليه يكون مدانا مثل المعتدي ان لم يكن أكثر
هناك مؤشرات هنا يمكن ربطها بتزايد هذا النوع من الجرائم وهو ما يمكن أن نطلق عليه المحفزات أي الأسباب المباشرة ومنها تزايد استهلاك المنشطات الجنسية وخاصة حبوب “الفياغرا” حيث أكدت دراسة أن معدل التوزيع الشهري لها وصل 45 ألفا والثاني ما أعلنه محرك البحث العملاق “قوقل” كون 5ملايين تونسي يزورون مواقع إباحية في السنة وأن 100ألف شخص يكتبون كلمة جنس يوميا.
المؤشر الثالث يشير كون النسبة الأكبر من هذه الاعتداءات تحصل في الفضاء العام والمقصود هنا التحرشات حيث حدد استطلاع لمركز الدراسات والبحوث والتوثيق والإعلام حول المرأة ان النسبة وصلت إلى 75بالمائة.
الأمر لا يقف هنا فمن أخطر أنواع الجرائم الجنسية تلك التي يتعرض لها أطفال وقصر حيث وصلت البلاغات في السنوات الثلاث الأخيرة حوالي 800 لكن هذا الرقم لا يشمل بالتأكيد الحالات المسكوت عنها اما من الضحية أو من العائلة.
المعطيات المتوفرة لدينا نشير كون 60 بالمائة من هذه البلاغات تم تحويلها إلى القضاء لكن رغم ذلك يصعب إثبات الجرم لغياب الأدلة وهي معضلة أخرى تنضاف تتمثل في صعوبة إثبات وقوع الاعتداء بسبب سهولة إخفاء ومسح الأدلة خاصة مع التقادم
فالعادة جرت ان المعتدى عليهم يخفون الجريمة بسبب الخوف او الخجل وبعد كشفها يكون اثباتها شبه مستحيل او مستحيلا فننتقل هنا الى الافلات من العقاب
زنا المحارم
الاعتداءات الجنسية باتت تحصل داخل بعض الاسر وهو ما يعرف بزنا المحارم وأيضا الاعتداءات الجنسية التي تقع في إطار العائلة حيث وصل معدل الإبلاغ السنوي لمراكز الإنجاب حوالي 30حالة مع العلم أنها حالات مرتبطة بالحمل ما يعني ان هذا الرقم لا يشمل الاعتداء على الأطفال الذكور وأيضا المسكوت عنه .
في تعاطيهم مع هذا الملف يرجع المختصون في علم النفس الأسباب إلى معطى أساسي وهو ان مرتكب الجرم يعاني من خلل نفسي يصل درجة المرض وهو ما يحوله إلى عنصر خطير في المجتمع.
لكن بغض النظر عن اعتبار الأمر ظاهرة أم لا فإن الثابت أن الجرائم الجنسية في مجتمعنا في تصاعد مستمر بما في ذلك الاعتداءات على الأطفال والقصر وأكبر خطر هنا هو معضلة الهروب والافلات من العقاب اما بسبب السكوت عن الجريمة خشية الفضيحة أو لعدم إمكانية إثبات الجرم بالدليل