«البراكاجات» : ظاهرة تتصاعد فهل صار العنف منتشرا في مجتمعنا التونسي؟

الجرأة نيوز: محمد عبد المؤمن

بعد الثورة دخل المجتمع التونسي مرحلة انتقال جذري ليس سياسيا فقط بل الأهم اقتصاديا واجتماعيا والمعروف ان الشعوب في المراحل الانتقالية تمر بمعضلة تتعلق بالقيم والأخلاق خاصة مع ضعف المنظومة الأمنية و الدولة.

لكن هل أن تسع سنوات لم تكن كافية ليعود المجتمع التونسي لاستقراره وتوازنه؟

الجواب في العموم ان التوازن الامني يسير بخطى ثابتة لكن هذا لا يكفي لان المسألة لا تطرح من جانبها الامني فقط.

“البراكاجات” وجه لأخطر الجرائم

مصطلح “براكاج” يحيل على السرقة وافتكاك أملاك الغير باستخدام العنف و التهديد به أي انها اعتداء غير مخطط له ضد شخص بعينه بل ان الصدفة هي الاساس هنا فالشخص المعتدي في نيته افتكاك وسلب احد المارة ما يملك لكن من دون قصدية شخص بعينه وهو ما يعرف شرعا بقطع الطريق او الحرابة وهي مصنفة شرعا من اعمال الفساد في الارض وفي القانون اعتداء على النفس البشرية وتهديد حياتها وممتلكاتها.

في العموم فان البراكاج هو عنف شديد بل هو مصنف كأخطر الجرائم  لذلك فقد تشدد القانون في التعامل معه حيث تسلط اقصى العقوبات على المعتدي اي الجاني.

من هنا فان تزايد البراكاجات مرتبط بتزايد وتصاعد ظاهرة العنف في مجتمعنا التونسي الى درجة ان المختصين في علم الاجتماع باتوا يسمون المجتمع بكونه بات يعاني من استفحال ظاهرة العنف والعنف الشديد.

الحديث عن العنف يقودنا للحديث عن الجريمة بمعناها الواسع اي الاعتداء على النفس البشرية والاملاك ووفق القضايا المنشورة والتي قضي فيها فانها تتوزع بين اعتداء على النساء والاطفال وايضا على الاشخاص المجهولين وايضا المحددين كما تندرج في خانة الجرائم تعاطي وتوزيع المخدرات والاعتداء على الملك العام والقتل بقصد او جراء عنف مستخدم.

ضمن هذا كله اي العنف والجريمة نجد “البراكاج” والذي تتضرر منه النساء اكثر من غيرهن نظرا لعدم قدرتهن على الدفاع عن انفسهن والهدف سلبهن مصوغهن او حقائبهن وعادة ما تتم العملية من قبل شخصين الاول يتولى السلب والثاني يقود دراجة نارية للفرار.

كما يتعرض الرجال للبراكاج في الطرق وخاصة ليلا وفي ساعات النهار الاولى .

لكن الخطير في الأمر اننا بتنا نرصد عمليات براكاج تتم في وصح النهار وفي اماكن عامة بما فيها قرب المساحات التجارية الكبرى وهنا يحضر دور الاجهزة الامنية للردع وحماية المواطنين.

أرقام

يمكن العودة أولا لإحصائيات تعتبر متكاملة متعلقة بالجريمة في تونس ومعدلاتها هي ارقام العام 2016حيث تم إحصاء حوالي 59500جريمة في الثلث الاول فقط منها قرابة الالف اعتداء عنيف على نفس بشريةو92جريمة قتل عمد .

هذه الارقام رغم أنها مرتفعة الا ان الظاهرة تزايدت بعد ذلك رغم تحسن الأداء الأمني خاصة في 2018 و 2019 وهو ما يعني أن تزايد العنف ونسبة الجرائم ليس سببها تقصير أمني أو ضعف المنظومة بل يمكن ربط الامر بتدهور الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية

يرى المختصون في علم الاجتماع انه لا يمكن الفصل بين ارتفاع معدل الجريمة في بلادنا ومنها البراكاجات وتزايد نسب البطالة لدى الشباب وايضا الفقر فهناك فئة من الشباب او حتى الكهول يجدون انفسهم في وضعيات مادية صعبة مع انغلاق كل امل في تحسينها فيلجؤون الى الخيارات الاسهل لكنها تكلف غاليا للمعتدي وايضا للمعتدى عليه.

براكاجات في وسائل النقل

الظاهرة الأخرى التي تزايدت ان لم نقل انها انتشرت في بلادنا هي عمليات العنف والجريمة في وسائل النقل العمومي وهنا نقصد الحافلات والمترو والقطارات حيث صارت تحصل عمليات سلب اما عن طريق اشخاص منفردين او بواسطة مجموعات وهو ما يجعل منها جريمة منظمة ومدروسة بل وصل الامر الى حصول هجمات جماعية بأسلحة بيضاء في المترو خاصة والقيام بسلب الركاب وادخال الرعب في نفوسهم.

هذه الاعتداءات مازالت تحصل بكثرة رغم الزيادة في عدد الاعوان المكلفين بالأمن وهو ما بات يهدد استقرار المجتمع ككل لان الفقر والبطالة لن تكون تبريرا مطلقا لمثل هذه الجرائم فهي تفسير ولن تكون ابدا تبريرا.

نوعية أخرى من الجرائم بدأت تظهر وهي اقتحام البنوك والسطو عليها في عز النهار وحتى داخل مدن كبرى وهو ما يعني أن ظاهرة العنف والجرائم تتصاعد وتتطور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى