إيران الإسلاميّة القوّة القادمة بالسّرعة القصوى

بقلم: محمد الرّصافي المقداد

جدّية النظام الإسلامي الإيراني في تحقيق مشاريعه الأمنية والدفاعية، بدت واضحة من خلال مسيرته الإعدادية، منذ أن تعرّض لعدوان عسكري، ظاهره نظام صدّام البعثي، ولكنه في حقيقته وواقعه، حرب دولية مفتوحة بإيعاز أمريكي، ردّا على الإهانة التي وجّهها له شباب إيران الجامعي، بعد احتجاز طاقم سفارته بطهران، وكان واضحا أن مسعى هؤلاء المتحالفين، تجاوز ردّ الإعتبار لأمريكا، إلى محاولة إسقاط النظام الإسلامي، وكان ذلك العدوان، ثاني محاولة أمريكية لتوجيه ضربة لإيران، بعد عملية مخلب النسر، التي أفشلتها عاصفة هوجاء بصحراء طبس.

بحثت إيران عن مزود أسلحة لقواتها العسكرية، لكن بحثها كان يصطدم دائما بالتجاهل من المعسكرين الشرقي والغربي، فتحددت مواردها التسليحية، من باب السوق السوداء، بما يعني أن القيمة لمشترياتها المحدودة نوعا وكمّا، ستكون أضعاف أثمانها، من أجل ذلك اتجهت همة القيادة المشرفة على حظوظ بلادها، إلى البدء في مرحلة الإبتكار والتصنيع، فسعت إليه كوادرها بعزيمة الرجال المؤمنين بأهدافهم المشروعة، وتقدموا في شتى مجالاته بسرعة غير متوقعة.

ما يمكن قوله الآن بخصوص إيران – ونحن الآن على فاصل أيام من ذكرى انتصار ثورتها – أن هذه التجربة الإسلامية قد حققت نجاحا غير مسبوق، في حسن إدارة الأزمات التي عاشتها، وفي مواجهة أعدائها الذين بذلوا قصارى جهودهم في إلحاق الأذى بها، وفي طليعة هؤلاء الأعداء أمريكا والكيان الصهيوني، وعملاؤهم من دول الخليج الثلاثة، ومع ذلك، فإن ما فرض على إيران الاسلامية من عقوبات، بتحريض صهيوني خليجي، لم يتوصّل إلى كبح جماح إيران في شيء من صناعاتها العسكرية. 

لقد بلغت إيران اليوم من الإمكانات التكنولوجية مبلغا، جعلها تفرض نفسها كقوة عسكرية كبيرة، ليس في المنطقة فقط بل وفي العالم أيضا، بما حققته من إنجازات دفاعية، جديرة بالإهتمام والمتابعة، إيمانا من القيادة الاسلامية، بأن الإعتماد على الذّات، شرط أساسي في تحقيق ما من شأنه أن يردع الأعداء عن ارتكاب حماقة، يستهدفون بها المشروع الإسلامي. 

تعدد التجارب والمناورات العسكرية وتنوعها، تؤكّد على جدّية المشرفين على القوات الساهرة على أمن إيران، برا وبحرا وجوا، وقد اثبتت هذه القوات بمختلف اذرعها، قوة أصبح يحسب لها العدو ألف حساب وحساب، وايران غير مستعجلة في هذا المجال، عاملة بصبر وهدوء ويقين، حاملة معها مشاريعها الاسلامية مضحية من أجلها بكل الإغراءات المرصودة لها لو تخلت عن قضية فلسطين، ودخلت فيما دخلت فيه الدول المعنونة اسلاميا، لصبّت أمريكا وقوى الغرب والصهيونية عليها الدّنيا صبّا، ولحكّمتها في باقي العالم الإسلامي.

لقد شهدت مناورات الرسول الأعظم (ص) في نسختها ال15، التي اقيمت خلال الأيام الماضية من هذا الأسبوع، كشفا جديدا عن قدرات إيران العسكرية، في الصواريخ البالستية من طراز جديد مزودة برؤوس حربية منفصلة ورادار، تستغرق وقتا أقل من سابقاتها في التحضير والاطلاق، فقد أعلن قائد القوة الجو فضائية في الحرس الثوري الإيراني، العميد أمير علي حاجي زادة، في تصريحات أدلى بها اليوم الجمعة، ولادة “قوة جديدة” في الحرس الثوري بسبب دمج قوتين عسكريتين.

وبحسب تصريحات حاجي زادة، تولدت لدى الحرس الثوري الإيراني قوة جديدة من خلال الجمع بين القدرات الصاروخية الجديدة من جهة وبين الطائرات المسيرة واستخدام تكنولوجيا الذكاء الصناعي من جهة أخرى، في عمليات محاكاة للهجوم على نقاط القوة والتحصينات الدفاعية للعدو”.

وحول المناورات التي أجرتها إيران، اليوم الجمعة، أشار حاجي زادة إلى أن منظومة الطائرات الإيرانية المسيرة قد دمرت الدفاعات الجوية للعدو، ليتم لاحقا إطلاق صواريخ لتدمير مواقع العدو الأساسية (الافتراضية في المناورات).(1)

وفي نفس الإطار وبمنتهى الثقة والقوة، أكد قائد القوة الجو فضائية في حرس الثورة الإيراني أمير علي حاجي زادة أن القوات الإيرانية قادرة على ضرب جميع القواعد الأميركية في المنطقة وتدميرها خلال لحظة واحدة.

وفي مقابلة له مع التلفزيون الإيراني، قال حاجي زاده إنه “رغم امتلاك الأميركيين للقوة إلا أن حرس الثورة تعلموا كيف يحاربونهم وبإمكانهم ضربهم وتدمير دفاعاتهم، وتوجيه ضربة شديدة لهم، عبر إطلاق 500 صاروخ في آن واحد بنحو لا يمكن تعويض خسارتهم”.

وعن خسائر الأميركيين بعد ضرب إيران لقاعدة “عين الأسد” في العراق، قال حاجي زادة: “الأميركيون قالوا في اليوم الأول إنه لم يحصل أي شيء، ثم قالوا لقد أصيب ستة أشخاص بارتجاج دماغي، ثم قالوا أصيب عشرة أشخاص، ثم قالوا عشرين شخصاً حتى وصل الرقم إلى 110 أشخاص، كيف يعقل أن يصاب 110 أشخاص بارتجاج دماغي، ولم يقتل أي واحد منهم”.

لكنه أكد أنه “لقد قتل منهم بالفعل، العراقيون الذين كانوا هناك ممن وضعوا الجثث في الأكياس قدموا لنا تقارير بهذا الشأن، الأميركيون أخرجوا كل شيء إلى الخارج في الساعة الأولى للضربة”. (2)

لقد طرأ حادث اثناء المناورة، تمثل في اقتراب غواصة تبين أنها أمريكية، من مجال المناورات محاولة للتجسس عليها ومراقبة مراحلها عن قرب، لكن الرادارات الإيرانية اكتشفتها بسرعة وقامت بمحاصرتها واجبارها على الإنسحاب، وأوضح العميد البحري في الجيش الايراني (حمزة علي كاوياني)، أن القطع البحرية كانت قد وجهت تحذيرات شديدة اللهجة إلى طاقم الغواصة، ما أجبرهم على الابتعاد عن مكان العمليات.

هذا ورصدت يوم الخميس الماضي وحدات الجيش الإيراني غواصة مجهولة الهوية، حاولت الاقتراب من منطقة العمليات، حيث كانت تجري مناورات في مياه بحر عمان وسواحل “كنارك”، جنوب غرب إيران، وأجبرتها على التراجع، وكشفت البحرية الإيرانية عن واحدة من أضخم وأهم سفنها وهي “مكران”، خلال المناورة، وتزن 121 ألف طن، وهي جزء من مشروع إنشاء قاعدة بحرية، في شمال المحيط الهندي، وذكرت العلاقات العامة للجيش الإيراني، أن أنواعاً مختلفة من صواريخ كروز البحرية أطلقت، من السواحل والسفن الحربية المشاركة في المناورات، وأصابت أهدافها بدقة شمال المحيط الهندي.(3)

ويستمر الإعداد الإسلامي في إيران، في ظل غيبوبة كاملة من بقية الأطراف الاسلامية، ذات العلاقة بفلسطين وقضيتها العادلة، لتصل به إلى مستويات عالية من التحضير، شعارها أن امتلاك القوة شرط أساسي، في تحقيق العزة والكرامة وانجاح القضايا العالقة.

المراجع

1 – الحرس الثوري يعلن عن ولادة قوة جديدة في ايران بسبب دمج سلاحين

arabic.sputniknews.com/world/202101151047809002-

2 – إيران تؤكد قدرتها على تدمير القواعد الأميركية في المنطقة خلال لحظة واحدة

 www.al-abdal.net/26938

3 – قرب منطقة مناوراته.. الجيش الإيراني يحاصر غواصة أميركية

https://www.al-abdal.net/26947/

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!