في خطوة استراتيجية تستهدف تحسين ظروف الطلبة التونسيين داخل الجامعات، أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن حزمة من الإصلاحات الجامعية الجوهرية التي تمسّ المنح، والسكن، والحياة الثقافية.
هذه التعديلات تعكس رؤية جديدة تسعى لجعل الطالب محورًا فعليًا في المنظومة التعليمية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير مناخ جامعي أكثر إنسانية واستقلالية.
مراجعة شروط المنح الجامعية: الإنصاف قبل كل شيء
أكد الوزير منصف بوكثير أن تونس بصدد مراجعة الأمر المنظم للمنح الجامعية عبر رفع سقف الدخل السنوي المحدد سابقًا، بما يسمح لفئات جديدة بالاستفادة من الدعم المالي.
هذا التوسيع المنتظر يُعد خطوة مهمة في اتجاه تقليص الفوارق الاجتماعية بين الطلبة، وخاصة القادمين من المناطق الداخلية أو الفئات ذات الدخل المحدود.
السكن الجامعي: تمديد فترات الإقامة وتحفيز الاستثمار
ضمن توجه الوزارة لدعم استمرارية المسار الجامعي، تم التمديد في حق السكن من سنة إلى سنتين للطلبة، ومن عامين إلى ثلاثة للطالبات، دعمًا لاستقرارهن واستقلاليتهن.
كما كشفت الوزارة عن نيتها مراجعة كراس الشروط للمبيتات لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في البنية التحتية الجامعية، خصوصًا في ظل الطلب المتزايد على السكن.
الهدف هو تحسين الجودة، السلامة، والسعة الاستيعابية للمبيتات الجامعية، بما يضمن للطالب مناخًا ملائمًا للدراسة والإبداع.
الجامعة فضاء ثقافي لا مجرد صفوف دراسية
في توجه ثقافي غير مسبوق، يتم إعداد أمر حكومي ينظم العلاقة بين الجامعة والحياة الثقافية، وذلك بالشراكة مع دور الثقافة، الجمعيات، والبلديات.
هذا النص يسعى لتحويل الجامعة من فضاء تعليمي تقليدي إلى مختبر للإبداع، الحوار، والتكوين الثقافي، ويكرس دور الطالب كمواطن فاعل لا مجرد متلقٍّ للمعرفة.
كرامة، استقلالية، وعدالة: جوهر الإصلاح
الإصلاحات الأخيرة تكشف عن رؤية شاملة للطالب، تنظر إليه كإنسان متكامل يحتاج إلى دعم مادي، نفسي، وثقافي ليزدهر.
وترى الوزارة أن الكرامة والاستقلالية وتكافؤ الفرص هي المبادئ التي يجب أن تحكم السياسات الجامعية، بعيدًا عن الحسابات البيروقراطية الجافة.
لكن الرهان الأكبر يبقى في تفعيل هذه الإصلاحات على أرض الواقع، وضمان وصول آثارها الملموسة إلى آلاف الطلبة قبل بداية الموسم الجامعي الجديد.