أكثر من 100 نائب يعيدون ترشحهم للبرلمان رغم أداء ضعيف وشبهات فساد تلاحق البعض منهم

يعيد 119 نائبا عن مجلس النواب المتخلي (2014 / 2019) الترشح للانتخابات التشريعية التي ستجري يوم الاحد القادم، 6 أكتوبر، رغم ضعف ادائهم وتواضع النتائج وحتى شبهات الفساد التي تلاحق البعض منهم.
ومن بين النواب الذين أعادوا ترشحهم، يوجد 32 نائبا من حزب النهضة و10 نائبا من حزب “نداء تونس” وهما الحزبان اللذان كونا الائتلاف الحاكم بعد انتخابات 2014 قبل أن يتشظى “النداء” إلى عدة أحزاب ويتفرق نوابه على عدة مكونات سياسية.
كما يعيد 17 نائبا في البرلمان كانوا قد غادروا المجلس، في بداية ولايته، لتولي حقائب وزارية في الحكومات المتتالية، ترشحهم اليوم للبرلمان القادم على غرار زياد العذاري الذي تقلد عدة حقائب وزارية لعل اخرها وزارة الاستثمار والتعاون الدولي والسيدة الونيسي التي شغلت منصب وزيرة للتكوين المهني والتشغيل وهما يعيدان الترشح مع حركتهم، الاول في سوسة والثانية في فرنسا.
وسار النائب السابق بالبرلمان المهدي بن غربية على نفس النهج، حيث تولى حقيبة العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان وهو يعيد الترشح اليوم عن حزب رئيس الحكومة الحالي ” تحيا تونس” ببنزرت.
ولم يثنه عن الترشح من جديد، مروره بالوزارة الذي خلف فشلا خاصة فيما يتعلق بمشروع القانون الخاص بهيئة الاتصال السمعي والبصري وحرية الاعلام الذي تصدت له الهياكل المهنية بما فيها نقابة الصحافيين والمجتمع المدني. وأجبر ذلك الحكومة على سحب القانون المذكور نظرا لضربه استقلالية هذه الهيئة الدستورية. كما اتهمته منظمة “أنا يقظ”، بالفساد والمحسوبية لأن الشركة التي يترأسها حظيت بالأولوية في النقل على متن الخطوط التونسية.
إصرار على إعادة الترشح رغم الاكتفاء بتسجيل الحضور في الفترة النيابية السابقة
و تعتبر “البوصلة” وهي منظمة غير حكومية تونسية تهتم بمراقبة العمل التشريعي و التنفيذي، أن الغيابات كانت احدى معضلات المجلس النيابي المغادر حيث كان تأثيرها “كارثيا على صورة المجلس وأدائه ” خلال الفترة النيابية السابقة حيث تراوحت نسبة الحضور في الجلسات العامة بين 72 و87 بالمائة.
ولم تتجاوز هذه النسبة 67 بالمائة في اللجان القارة التي تتولى دراسة القوانين والاستماع الى المختصين قبل احالتها على الجلسة العامة. و يوجد من ضمن 119 نائبا اعادوا الترشح من جديد من لم تتجاوز نسبة حضوره 25 بالمائة في الجلسات العامة و 6 بالمائة في اللجان القارة مثل رجل الاعمال المعروف والرئيس السابق للنجم الرياضي الساحلي، رضا شرف الدين.
فقد انتخب رضا شرف الدين الذي كان أيضا رئيسا للنجم الساحلي عن حزب “نداء تونس” خلال المدة النيابية 2014/2019. ورغم الحصيلة الضعيفة لمشاركته في المجلس المتخلي يعيد الترشح عن حزب “قلب تونس” الذي تأسس منذ ستة اشهر والذي يواجه مؤسسه صاحب قناة نسمة ورجل الاعمال نبيل القروي تهما بالفساد والتهرب الضريبي أدخلته السجن.
وقد استقطب هذا الحزب الجديد “قلب تونس “حتى رئيس كتلة النداء أحد مكوني الائتلاف الحاكم سفيان طوبال الذي لم تتجاوز نسبة حضوره في اللجان القارة 40 بالمائة مقابل 86 بالمائة في الجلسات العامة. ويعيد طوبال الذي تلاحقه شبهات فساد الترشح للبرلمان القادم عن جهة قفصة.

سياحة حزبية

أما بالنسبة لكتلة النهضة وهي الكتلة الاكثر التزاما بالحضور في المجلس، فيوجد من بين أعضائها، 32 نائبا يعيدون الترشح وممن تعود الناخب رؤيتهم في مجلس نواب الشعب طيلة الخماسية الماضية وحتى في المجلس التأسيسي وهم من القيادات المعروفة لهذا الحزب على غرار سمير ديلو عن دائرة بنزرت ويمينة الزغلامي في دائرة تونس 1 ونور الدين البحيري عن دائرة بن عروس والصحبي عتيق عن أريانة وعامر العريض في مدنين. كما يوجد من بين نواب النهضة عن جهة سليانة خلال المدة النيابية الفارطة زهير الرجبي, الذي يترشح من جديد في قائمة مستقلة وهي قائمة “الاقلاع”.
ورغم أن تغيير الكتلة النيابية والحزب يدخل في باب التنكر للالتزامات والوعود التي قطعت لفائدة الناخب، فإن 83 نائبا من ضمن 241 نائب الذين ضمهم المجلس تعاطوا ما سمي “بالسياحة الحزبية” حتى أن بعض النواب على غرار علي بالاخوة ودرة اليعقوبي غيرا انتمائهما على التوالي 5 و4 مرات.
ويعيد هذان النائبان اللذان صعدا للمجلس عن حزب “الاتحاد الوطني الحر” او ما سمي انذاك على سبيل التهكم بحزب “توا” الذي كان يراسه رجل الاعمال الفار إلى فرنسا سليم الرياحي، الترشح للمجلس الجديد عن حزب الامل في دائرتي بنزرت جندوبة .
و من الامثلة البارزة للنواب الذي يواصلون تعاطي السياحة الحزبية دون القيام بدورهم النيابي ولو حتى بالحضور، نجد رياض جعيدان الذي انتخب عن كتلة “الولاء للوطن” بفرنسا وهو يعيد الترشح عن “عيش تونسي” بنفس البلد، رغم ان نسبة حضوره للجلسات العامة لم تتجاوز طيلة الخمس سنوات الماضية ، 42 بالمائة وبلغت 26 بالمائة في اللجان القارة .
وتعتبر السياحة الحزبية احدى المعضلات التي عانت منها الحياة السياسية في تونس والتي “الحقت ضرر بالغا” بالمجلس النيابي السابق حسب “البوصلة”. كما يعتبر الاستاذ الجامعي والمحلل السياسي فريد العليبي أن هذه الظاهرة أضرت ليس فقط بصورة البرلمان وانما ايضا بصورة الاحزاب لدى عموم الشعب.
وقد دفع استفحال ظاهرة السياحة البرلمانية هذا المحلل للحديث في تصريح سابق لوكالة تونس افريقيا للانباء “عن ديمقراطية مغشوشة تقوم على البيع والشراء”. ويرى العليبي أن “الفساد لايضرب بعصاه الاقتصاد وحده وانما ايضا السياسة التي تحولت إلى ما يشبه التجارة الرابحة”
كما تدل الوضعية الاقتصادية والسياسية الصعبة التي الت اليها تونس حاليا على ضعف اداء المجلس النيابي المتخلي رغم عدم الاعتراف بذلك من قبل أهم الاحزاب الممثلة في هذا المجلس خاصة الائتلاف اللذي تكون ليحكم البلاد ( النهضة والنداء) ومختلف المكونات الحزبية المنبثقة عنه وهي ” تحيا تونس ” ومشروع تونس” و”امل” و”أمل تونس” و”قلب تونس”. وتواصل هذه الاحزاب بيع الاوهام للناخب التونسي ولازالت تعده بالرخاء والازدهار وتحسين مستوى العيش.

فشل سياسي واقتصادي

وتتحدث منظمة “البوصلة” التي تتولى رصد أعمال مجلس نواب الشعب عن حصيلة هزيلة للفترة النيابية السابقة 2014/2019 حتى بالنسبة للمجلس نفسه. فمن ضمن 72 مقترح قدمه النواب يتعلق بالحريات الفردية وتنظيم حالة الطوارئ وسبر الاراء، لم يتبن المجلس الا 9 مقترحات طيلة خمس سنوات.
وتشير “البوصلة” أيضا إلى الفشل الذريع الذي غلب على عمل المجلس خلال المدة النيابية الفارطة خاصة فيما يتعلق بتركيز الهيئات الدستورية خاصة المحكمة الدستورية رغم ما تكتسيه هذه المحكمة من أهمية قصوى في مسار الانتقال الديمقراطي . فباستثناء هيئة الانتخابات فشل المجلس في وتركيز وانتخاب أعضاء بقية الهيئات التي نص عليها الدستور وهي هيئة حقوق الانسان و الهيئة الدائمة للاتصال السمعي والبصري وهيئة التنمية المستدامة وحقوق الاجيال القادمة وهيئة الحوكمة الرشيدة ومقاومة الفساد.
وقد صادق المجلس خلال نيابته على 340 مشروع قانون يتعلق حوالي النصف منها ( 43 بالمائة) بالموافقة على القروض أو ضمان القروض في حين يمثل تبني الاتفاقيات الدولية 17 بالمائة منها.
ورغم وعود “النهضة”، “بالاقلاع الاقتصادي” وبنمو سنوي ب6 بالمائة وبالتصدي للبطالة ومعالجة الاختلال الجهوي ووعود “النداء” بنمو اقتصادي ب 5 بالمائة والتخفيض من البطالة الى 11 بالمائة وتحسين المقدرة الشرائية للمواطن، وجد الناخب التونسي نفسه أمام تضخم اقتصادي مصحوب بارتفاع في الاسعار وضنك في العيش فاق 2ر4 بالمائة سنة 2016 ليتجاوز حاليا 6 بالمائة
وعلى عكس ما كان يأمله الناخب التونسي، وقف المجلس النيابي المتخلي والكتل الرئيسية فيه، ضد أهم الاصلاحات الاقتصادية الهادفة لإضفاء مزيد الشفافية على الانشطة المالية. حيث عارض العديد من النواب قانون رفع السر المهني ثم رفع السر البنكي الذي لم يتم تبني الفصل المتعلق به إلا في قانون المالية 2019. كما وقف نواب النهضة والنداء ضد الترفيع في الاداء بالنسبة للمساحات التجارية الكبرى من 25 بالمائة فضلا عن تبنيهم لقانون المصالحة الادارية بدعوى أنه سيساهم في تحسين مناخ الاستثمار لكن الحقيقة غير ذلك.
ويفسر الملاحظون تسابق النواب نحو إعادة الترشح برغبتهم في المحافظة على الحصانة النيابية التي تجنبهم المثول أمام القضاء وتمكنهم من الافلات من العقاب خاصة أن طلبات رفع الحصانة اصطدمت بوجود خلاف إجرائي بين وزارة العدل والبرلمان ساهم في تغذيته نواب يحتمل تورطهم في قضايا مختلفة.
يذكر أنه تم خلال الحملة الانتخابية الحالية الاعلان عن تطبيقة جديدة صممها صاحب مؤسسة تونسي، لطفي سايبي بالتعاون مع “بوصلة”. وتمكن هذه التطبيقة التي يمكن إنزالها على الهاتف الجوال من متابعة اداء النواب ومعرفة تصويتهم //بالموافقة أو الرفض أو الامتناع عن التصويت// على القوانين المعروضة على أنظار المجلس.

وات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى