متى يتم وقف المحاكمات الجائرة وغير الدستورية امام محكمة المحاسبات …دعوة لرئيس الجمهورية بالتدخل لوقف المهزلة
كانت الهيئة الوطنية للمجتمع المدني قد وجهت قبل فترة رسالة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد طالبة منه التدخل بغاية إيقاف المحاكمات الانتخابية التي جرت أمام دائرة المحاسبات محكمة المحاسبات حاليا في حق الشباب والمعطلين عن العمل والفقراء وغيرهم دون احترام لشروط المحاكمة العادلة.
كما طالبت بالتخفيض في الخطايا المشطة مثلما هو الشأن بالنسبة لانتخابات 2011 وبملاءمة القانون الانتخابي مع أحكام الفصل 117 من الدستور وفيما يلي نص الرسالة الموجهة الى الرؤساء الثلاث.
هذا الموضع يتعلق بمخالفات في الحملات الانتخابية جلها نتيجة لعدم معرفة او عن حسن نية لكن التعامل معها كان ممن كانوا يحكمون هو منتهى الشدة في العقوبات المسلطة.
“لا يخفى ان الفصل 98 من القانون عدد 16 لسنة 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء نص بوضوح، قبل تحويره بمقتضى القانون عدد 7 لسنة 2017، على ما يلي :”إذا لم يتم إيداع الحساب المالي لقائمة أو مترشح أو حزب تتولى محكمة المحاسبات التنبيه على الجهة المخالفة وإمهالها مدة ثلاثين يوما. وفي صورة عدم إيداع الحساب خلال هذا الأجل، تقضي محكمة المحاسبات بتحميلها خطية تساوي خمسة وعشرين ضعفا لسقف الإنفاق…”. اما الفصل 100 من نفس القانون فقد نص بوضوح على ما يلي : “تسلّط العقوبات المالية الواردة في هذا الفرع على الحزب السياسي المعني إن كانت المخالفة الموجبة للعقاب مرتكبة من قبل حزب سياسي وتسلّط على أعضاء قائمة المترشحين بالتضامن فيما بينهم إن كانت المخالفة الموجبة للعقاب مرتكبة من قبل قائمة مترشحة”.
وباعتبار ان القائمة المستقلة ليس لها الشخصية القانونية وليس لها ممثل قانوني وباعتبار المسؤولية التضامنية بين اعضاء القائمة المستقلة فان التنبيه الوارد بالفصل 98 في صياغته القديمة وجب ان يوجه بالنسبة للمترشحين في اطار قائمات مستقلة لانتخابات 2014 الى كل اعضاء القائمة المستقلة وهو ما لم تقم به النيابة العمومية بدائرة المحاسبات حين اكتفت بالتنبيه على رئيس القائمة المستقلة دون سواه مخالفة بذلك الضمانات الواردة بالفصل 98 في صياغته القديمة أي قبل التحوير المدخل على القانون الانتخابي خلال سنة 2017.
فقد تم توجيه التنبيه المشار اليه بالفصل 98 من القانون الانتخابي من قبل النيابة العمومية بدائرة المحاسبات الى “رئيس القائمة” وليس كل اعضاء القائمة المستقلة فردا فردا خلافا لاحكام الفصول 86 و98 و100 من القانون الانتخابي الذي ينص بوضوح على ضرورة التنبيه على كل اعضاء القائمة المستقلة وهذا الخلل الجوهري يجعل اجل التسوية مفتوحا. فبقية اعضاء القائمة المستقلة من حقهم التنبيه عليهم شخصيا طالما ان العقوبة تسلط عليهم بالتضامن وعلى القائمة التي ليست لها الشخصية القانونية على خلاف الحزب. هل يعقل منطقا وقانونا ان يتم تحميل المسؤولية بالتضامن لبقية اعضاء القائمة المستقلة من اجل خطا لم يرتكبوه علما ان القانون الانتخابي لم يؤهلهم لمسك حسابات القائمة مثلما هو الشان بالنسبة لرئيس القائمة المؤهل الوحيد قانونا لتلك المهمة ؟
ايضا، تم تحديد مهام دائرة المحاسبات بوضوح بمقتضى الفصل 117 من الدستور الذي نص على ما يلي :” تختصّ محكمة المحاسبات بمراقبة حسن التصرّف في المال العام، وفقا لمبادئ الشرعية والنجاعة والشفافية، وتقضي في حسابات المحاسبين العموميين، وتقيّم طرق التصرف وتزجر الأخطاء المتعلقة به، وتساعد السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية على رقابة تنفيذ قوانين المالية وغلق الميزانية…”. طبقا لتلك الاحكام، لا يجوز لدائرة المحاسبات القضاء في المخالفات الانتخابية باعتبار ان القانون الانتخابي اسند لها اختصاصا جديدا بصفة مخالفة للفصل 117 من الدستور.
ورغم تدخل المشرع في اطار القانون عدد 7 لسنة 2017 لتحوير الفصل 98 من القانون الانتخابي للتخفيض في الخطية المالية في حدود 10 مرات المبلغ الاقصى للمساعدة العمومية التي تقدمها الدولة بالدائرة المعنية أي بما قدره 103 الف دينارا الا ان ذاك المبلغ يعد مشطا وغير متناسب مع الخطا الشكلي. ذاك التحوير ابقى على الطابع المشط للعقوبة التي تتعلق باخطاء شكلية لم تلحق اضرارا بالخزينة العامة. فقد نص الفصل 16 من المرسوم عدد 91 لسنة 2011 المتعلق بمراقبة دائرة المحاسبات للحملة الانتخابية على انه “يمكن” لدائرة المحاسبات تطبيق خطية على من لا يودع وثائق ودفاتر الحملة الانتخابية تتراوح بين 1000 و5000 دينارا وليس 103 الف دينارا.
من هنا فان المطلوب من رئيس الجمهورية التدخل لايقاف المحاكمات الجائرة في حق الشباب والمعطلين عن العمل والفقراء وغيرهم الذين ترشحوا في اطار قوائم مستقلة خاصة سنة 2014 والمبادرة بالتخفيض في الخطايا المشطة مثلما هو الشأن بالنسبة لانتخابات 2011 وملاءمة القانون الانتخابي مع احكام الفصل 117 من الدستور”.
عقوبة جماعية متعمدة
حرص واضعو القانون الانتخابي غير الدستوري على التنصيص على عقوبات مالية خيالية ومشطة من اجل اخطاء شكلية بسيطة (عدم ايداع المحاسبة في الاجل) من شانها جعل غير المنتمين لاحزاب كبرى يعزفون عن الترشح للانتخابات والكفر بها مثلما نلاحظه اليوم من خلال ضعف التسجيل بالانتخابات.
وللدلالة على نيتهم المبيتة التي يراد منها الاقصاء والاحتكار والتطهير والتنكيل بمن تخول له نفسه الترشح للمناصب العامة في اطار قائمات مستقلة، يكفي معرفة ان من لا يرجع المنحة الانتخابية التي تصرفها الدولة لا يتعرض لاي عقاب في حين ان من لا يودع وثائق المحاسبة والحملة الانتخابية لدى دائرة المحاسبات في اجل 45 يوما بعد الاعلان النهائي عن نتائج الانتخابات وبعد التنبيه عليه ومنحه 30 يوما ليقوم بذلك بالنسبة لانتخابات 2014 يتعرض لخطية مالية تساوي 50 مرة سقف الانفاق الانتخابي أي ما ما يفوق مليارا بالنسبة للقائمة الواحدة بالنسبة للقائمات المستقلة..
وبعد ان علمت الحكومة بالمجزرة المرتكبة في حق المترشحين للانتخابات وبحالة الفزع والهستيريا التي انتابتهم وكادت تودي بحياة البعض منهم (جلطة او سكتة قلبية بالنسبة لولاية جندوبة) بعد تسلمهم القرارات الوقتية الصادرة ضدهم عن دائرة المحاسبات دون احترام للضمانات بالنسبة للقائمات المستقلة، قررت مراجعة الفصل 98 المشار اليه اعلاه في اطار القانون عدد 7 لسنة 2017 الذي تمم ونقح القانون الانتخابي لسنة 2014 لتحذف التنبيه بثلاثين يوما بالنسبة للانتخابات اللاحقة او الموالية للتحوير وتخفض الخطية المالية في حدود 10 مرات المبلغ الاقصى للمساعدة العمومية التي تقدمها الدولة بالدائرة المعنية وهذا ايضا مبلغ مشط لا يتناسب مع الخطا الشكلي يصل الى 103 الف دينارا. ذاك التحوير ابقى على الطابع الانتقامي للعقوبة التي تتعلق باخطاء شكلية لم تلحق اضرارا بالخزينة العامة.
نص الفصل 98 من القانون عدد 16 لسنة 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء بوضوح على ما يلي :”إذا لم يتم إيداع الحساب المالي لقائمة أو مترشح أو حزب تتولى محكمة المحاسبات التنبيه على الجهة المخالفة وإمهالها مدة ثلاثين يوما. وفي صورة عدم إيداع الحساب خلال هذا الأجل، تقضي محكمة المحاسبات بتحميلها خطية تساوي خمسة وعشرين ضعفا لسقف الإنفاق…”.
اما الفصل 100 من نفس القانون فقد نص بوضوح على ما يلي : “تسلّط العقوبات المالية الواردة في هذا الفرع على الحزب السياسي المعني إن كانت المخالفة الموجبة للعقاب مرتكبة من قبل حزب سياسي وتسلّط على أعضاء قائمة المترشحين بالتضامن فيما بينهم إن كانت المخالفة الموجبة للعقاب مرتكبة من قبل قائمة مترشحة”..
وباعتبار ان القائمة ليس لها الشخصية القانونية وليس لها ممثل قانوني وباعتبار المسؤولية التضامنية بين اعضاء القائمة فان التنبيه الوارد بالفصل 98 في صياغته القديمة وجب ان يوجه الى كل اعضاء القائمة المستقلة وهو ما لم تقم به دائرة المحاسبات حين اكتفت بالتنبيه على رئيس القائمة المستقلة دون سواه ضاربة بذلك عرض الحائط الضمانات الواردة بالفصل 98 في صياغته القديمة أي قبل التحوير المدخل على القانون الانتخابي خلال سنة 2017. هل يعقل منطقا وقانونا ان يتم تحميل المسؤولية بالتضامن لبقية اعضاء القائمة المستقلة من اجل خطا لم يرتكبوه علما ان القانون الانتخابي لم يؤهلهم لمسك حسابات القائمة مثلما هو الشان بالنسبة لرئيس القائمة المؤهل الوحيد قانونا لتلك المهمة ؟
الملفت للنظر ان التنبيه المشار اليه بالفصل 98 من القانون الانتخابي لم توجهه النيابة العمومية بدائرة المحاسبات الا الى “رئيس القائمة” وليس كل اعضاء القائمة المستقلة فردا فردا في خرق صارخ لاحكام الفصلين 86 و98 من القانون الانتخابي الذي ينص بوضوح على ضرورة التنبيه على كل اعضاء القائمة المستقلة وهذا الخلل الجوهري يجعل القرار الوقتي لاغيا. فبقية اعضاء القائمة المستقلة من حقهم التنبيه عليهم شخصيا طالما ان العقوبة تسلط عليهم بالتضامن وعلى القائمة التي ليست لها الشخصية القانونية على خلاف الحزب.
فحتى يكون القرار الوقتي الصادر عن دائرة المحاسبات سليما، وجب التنبيه على “القائمة المترشحة” او “الجهة المخالفة” وباعتبار ان القائمة المستقلة ليست لها الشخصية القانونية مثلما هو الشان بالنسبة للحزب فانه يجب التنبيه على كل اعضاء القائمة المستقلة بصفة شخصية بالنسبة للقائمات المستقلة. فاذا ما تم ايداع الوثائق المطلوبة لدى دائرة المحاسبات بعد صدور القرار الوقتي وقبل التنبيه على كل اعضاء القائمة المستقلة، يصبح القرار الوقتي لاغيا باعتبار انه اتخذ في خرق لاجراء التنبيه الذي يعد جوهريا..
اضافة الى عدم تمكن “المخالفين” من الاطلاع على ملفاتهم لدى كتابة الدائرة اذ تاكد ان اغلب عناوينهم المبعوثة من قبل هيئة الانتخابات خاطئة وكذلك من التاكد من اجراءات توجيه التنبيه عليهم بصفة سليمة والتي تعد جوهرية واساسية نتيجة تضارب المصالح باعتبار ان التنبيه يصدر عن دائرة المحاسبات، لم تتوفر لهم شروط محاكمة عادلة خاصة من خلال عدم تمكين محاميي الضحايا من الاطلاع على الملفات للتثبت من سلامة الاجراءات المتعلقة خاصة بالتنبيه وعناوين الضحايا التي غالبا ما تكون خاطئة وكذلك من خلال امكانية التاويل والتطبيق الخاطئ لاحكام الفصلين 86 و98 من القانون الانتخابي بخصوص مسالة التنبيه على كل اعضاء القائمة المستقلة..