ما تغافل عنه المترشحون للسلطة: استنزاف لموارد الدولة من خلال المواد المدعمة من شركات خاصة ونزل وامتيازات الشركات الوهمية

الجرأة نيوز /محمد عبد المؤمن

أيام قليلة تفصلنا عن نهاية الحملات الانتخابية ويوم الاقتراع لتحديد الفائز تم خلالها الاستماع لكل المتنافسين تكلموا خلالها ورفعوا الشعارات ومنها محاربة الفساد.

لكن المتأمل في كل ما قالوه يجد انهم لا يمسون العمق ونكاد نقول كونهم غير مطلعين على ملفات الفساد الحقيقية والجدية بل هي انشائيات يقولونها للاستهلاك والترويج لا غير.

سنطرح اليوم ملفات فسد واهدار للمال العام وموارد الدولة بشكل خطير  تتعلقان بمنظومة الدعم والشركات الوهمية التي تسمى مصدرة كليا وجزئيا لنفهم حجم الفساد الذي يحصل..

المشكل ليس في الدعم الذي يتلقاه المواطن

أولا علينا ان نشير كون المشكل لا يتمثل ولا يرتبط بالدعم في حد ذاته لأنه سياسة اجتماعية اختارتها الدولة للحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطن وبالتالي الحفاظ على توازن المجتمع اي تسهيل حياة اغلب مكوناته وهم الطبقة الوسطى ثم الطبقة محدودة الدخل .

هذا الخيار لم تتخذه بلادنا في سبعينات القرن الماضي عبثا بل بعد دراسة وتأن.

من حينها نجح هذا الخيار في تحقيق اهدافه لكن بعد ذلك وخاصة في فترة النظام السابق بدأ الفساد ينخر المجتمع ومن صوره توجيه المنتجات المدعومة من الدولة والتي تخصص للاستهلاك الاسري حصرا الى مجالات اخرى وهي استثمارية ربحية.

ابرز مثال على ذلك مادة السكر وهي مادة اساسية عند الاسر التونسية لكن للأسف فإنها صارت تذهب بكميات كبيرة نحو الشركات الصناعية التي تستخدم السكر كمادة رئيسية في منتوجهم.

هذا الامر وفق خبراء يكلف ميزانية الدولة 150مليارا سنويا يتحملها صندوق الدعم لكن عوض معالجة هذه المعضلة وهذا الخلل نرى ان التوجه يسير نحو تقليص قيمة ونسبة الدعم في هذه المادة ما يعنتي الرفع في سعرها للعموم.

هذه المعضلة لا يعاني منها الدعم المخصص لهذا المنتوج فقط بل هي تمتد الى مواد استهلاكية ضرورية اخرى مثل الزيت النباتي والقهوة والشاي والدقيق وغيرها.

بالتالي علينا ان نتصور مقدار ما يتحمله صندوق الدعم من تكلفة بسبب الخلل في منظومة الدعم لا في الدعم ذاته.

الوجه الثاني لاهدار الموارد بسبب ضعف منظومة المراقبة والتحكم في مسالك التوزيع بما في ذلك في المحروقات حيث نرى أن اسطول السيارات التي على ملك الدولة يتكلف سنويا المليارات من دون قدرة على تفعيل سياسة ترشيدية صارمة .

تحيل الشركات الأجنبية

المجال الآخر لاهدار الموارد هو جزء لا يستهان به من الشركات الوهمية وجلها اما انها اجنبية او انها مصنفة كونها مصدرة لكنها في الحقيقة شركات وهمية ولا وجود لها الا على الورق ومع ذلك فانها تحصل على امتيازات باسم التشجيع على الاستثمار في حين أنه تشجيع على نهب.

الافلات من العقاب

السؤال المحوري الذي يطرح هنا هو : بغفض النظر عن تعداد الأمثلة هو لماذا تفشى الفساد في بلادنا الى هذه الدرجة؟

الجواب هو ان هناك عقلية انتشرت وهي “ثقافة ” الافلات من العقاب.

مثل هذه الملفات هي التي من المفترض ان يتحدث عنها المترشحون للسلطة ان كان في الانتخابات الرئاسية او التشريعية لا تلك الوعود الجوفاء والكلام الفضفاض .

مثل هذه الملفات هي التي يجب ان تشملها الحرب على الفساد لا القاء القبض على شخص او شخصين واحداث جلبة اعلامية فالدول التي ضربت الفساد ومنظومة الفساد في العمق فعلت ذلك في صمت ثم اعطت النتائج لمواطنيها لان ما يعنيهم هو النتيجة وليس “البروباغندا” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!