رسالة غير عادية لرئيس الجمهورية قيس سعيد

وجهت القاضية احلام قوبعة من هيئة خبراء مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة وممثلة المرصد بولاية صفاقس  رسالة لرئيس الدولة جاء فيها:

سيدي رئيس الجمهورية تحية تونسية و بعد ،

مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الناس متسترا ليتعرف أخبار رعيته فرأى عجوزا فسلم عليها وقال لها ما فعل عمر؟ قالت : لا جزاه الله عني خيرا . قال : ولم ؟ ، قالت : لأنه – والله – ما نالني من عطائه منذ وُلي أمر المؤمنين دينار ولا درهم فقال لها : وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع؟ قالت : سبحان الله ! والله ما ظننت أن أحدا يولّى عمل الناس ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها. فبكى عمر ثم قال: وا عمراه ! كل أحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر. ثم قال لها: يا أمة الله ، بكم تبيعني ظلامتك من عمر؟ فإني أرحمه من النار قالت: لا تهزأ بنا يرحمك الله

فقال لها : لست بهزاء…. ولم يزل بها حتى اشترى ظلامتها بخمسة وعشرين دينارا

وبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما فقالا : السلام عليك يا أمير المؤمنين. فوضعت العجوز يدها على رأسها وقالت : واسوأتاه أشتمت أمير المؤمنين في وجهه ! فقال لها عمر : لا بأس عليك رحمك الله، ثم طلب رقعة يكتب فيها فلم يجد ، فقطع قطعة من ثوبه وكتب فيها

” بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى عمر من فلانة ظلامتها منذ ولي إلى يوم كذا وكذا بخمسة وعشرين دينارا ، فما تدعى عند وقوفه في المحشر بين يدي الله تعالى فعمر منه بريء ” وشهد على ذلك علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود ورفع عمر الكتاب إلى ولده وقال( إذا أنا مت فاجعله في كفني ، ألقى به ربي)

سيدي رئيس الجمهورية ،

نحن في تونس الابية لنا ثلاث رئاسات و لعل ذلك من حسن حظكم و سوء حظنا ، فقد تقتسمون دين إحدى عشر مليون تونسي فيخف وزره على كل واحد منكم .

سيدي رئيس الجمهورية إنني مواطنة عادية ، تونسية الولادة و النشأة و التعلّم ، لي جنسية واحدة و وطن واحد و علم واحد.

إلا أن تونس يا سيدي تحتضر و كذلك الملايين من التونسيين ، فالعملة صارت فقرا ، و الشعار صار جهلا ، و لا زال سيرها يصوّب نحو الوراء …

تونس لم تعد تونس و لم يعد فيها العيش يطيب و لا يحلو فيها البقاء و لا يحلو السكن .

شباب ألقى بنفسه للهلاك ، بحر و مخدر و بطالة و إجرام فأي خلاص له من تلك المحن ؟

و الفقر يا سيدي رئيس الجمهورية مد جذوره فينا فصرت ترى من تجاوز عمره السبعين يجمع قوارير البلاستيك علها تفك ضيقه و تريحه من بعض الأنين

أو تسد الرمق ، فلا منحة تقاعد و لا تغطية صحية و لا اجتماعية و لا سقفا ، فأي كرامة له و لأمثاله …ويل لكم من رب الفلق .

سيدي رئيس الجمهورية ،هل أتاك حديث شعب صار حديث الجميع ؟

شعبك يستجدي أو هم يستجدون باسمه ، مالا و لقاحا و دواء …و أجورا .

و حكومات أجنبية أمعنت في إذلاله….

يا سيدي رئيس الجمهورية ، هل لديكم حلا قد يخرجنا مما نحن فيه ؟ نحن قطعا لا حاجة لنا بصواريخ منصوبة على منصات اطلاقها ، فقد أطلقوها فينا من قبلكم أولاد الحلال و ما بقي شيء يصلح للتدمير.

سيدي ، كلنا يعلم المشكل و أصل المشكل و تاريخ المشكل ، و لكن كلنا لا يعلم أي سبيل لحل المشكل .

ارهاب و افلات من العقاب ، فساد نخر البلاد ، قانون لا يسري على كل العباد ، ساسة لم يطلها قفل الأصفاد.

و الحمد لله يا سيدي رئيس الجمهورية ، لنا ثلاث رئاسات عمّقت فينا الأزمات و أذاقتنا الويلات و النكسات و اليوم تتاجر بأرواحنا و بالحياة !

أين اللقاح يا سيدي رئيس الجمهورية ؟ التونسيون يموتون بالمئات يدفعون لقاء فشلكم الأعزاء و العزيزات ، أبناء و جدّات و آباء و أمهات.

هل تنامون جيدا يا سيدي رئيس الجمهورية ؟ ثلاثتكم ؟ و هل يهدهد جفونكم السبات ؟

يا سيدي رئيس الجمهورية أنتم الحل لكل الخلافات ، أو يفترض أنكم كذلك ، و لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكونوا سببا لما بأرواحنا من ندبات.

يا سيدي ، ليس لنا شك في نزاهتكم و نقاء سريرتكم و حبكم لهذه البلاد ، و لكن ياسيدي ، ما هكذا تُقاد البلاد !

تعميق الهوّة ليس حلا ، و توسيع الأزمة ليس حلا ، و افتعال الخلافات ليس حلا ! لقد سئمنا يا سيدي ، فرفقا بنا !

انتم رئيس لكل التونسيين و انتم الحل لهذه البلاد ، و كلنا يا سيدي على دراية بما يحاك لهذا الوطن من مؤامرات و كلنا يدرك هوية المتآمرين و غاياتهم و أساليبهم القذرة سواء كانوا في الداخل أو الخارج .

نحن يا سيدي صرنا شعبا منهكا مادّيا و اجتماعيا و صحيا و نفسيا و جسديا و ثقافيا و تعليميا …

لقد أتى علينا تطاحن الساسة و فساد يعضهم و غباء البقية ، فلتقدّموا يا سيدي التضحيات و التنازلات ، فتونس يهددها شبح الإفلاس و الموت .

اصنعوا ودّا بينكم حتى و لم كان مزيّفا ، لإنقاذ ما بقي من هذه البلاد ، تناسوا الأحقاد و انخرطوا في خدمة شعب تآكلت أحلامه و اندثرت ، و لا تستعجلوا يا سيدي الخطوات فالوضع يفرض عليكم التريث و الرصانة و لن ينفع البلاد انغلاق و لا عناد .

و إليكم يا سيدي بعض المقترحات و هي مجرد رؤوس أقلام لكم و لغيركم  :

1-في السياسة :الحوار و لا شيء غيره فقدرنا أن نتعايش مع التفكير في مبادرة سياسية تمكنكم من الدخول للبرلمان .

2- في الصحة : توفير اللقاحات بصفة مستعجلة لكل المواطنين و نظرا لشح موارد الدولة فأقترح تخصيص جزء من الميزانيات المرصودة للتنمية لشراء اللقاح أو توفير هذا الأخير لقاء دفع مبلغ مالي رمزي مع الإبقاء على المجانية للمعوزين

3-في الاقتصاد : و حتى يمكن استئناف الدورة الاقتصادية عاجلا :

* تأميم أو عسكرة مواقع إنتاج الفسفاط

* إلغاء كل أشكال الرُّخص و تعويضها بكراس الشروط

* إيجاد آليات لإدخال التجارة الموازية في الدورة الاقتصادية

* رفع الدعم عن المواد الاساسية مع إقرار زيادات في أجور من يستحقها

* دعم القطاع الخاص

* مراجعة التشريع الجبائي

* إيجاد إطار تشريعي يحافظ على ممارسة الحق النقابي دون الاضرار بالمصالح الاقتصادية للمؤسسة

* تحرير التجارة و الانخراط في المنظومة الدّولية العصرية المتعلقة بالتبادل التجاري و آليات الدفع

‎العمل الفوري على إيجاد آليات لتشريك القطاع الخاص في تسيير المرافق العمومية و استحداث آليات لمراقبة الصفقات العمومية التي صارت تشكل منفذا لسرقة المال العمومي

سيدي رئيس الجمهورية ، أعذر ثرثرتي و تقبل كلامي بصدر رحب و كلي يقين بأن ما كتبتُه سيجد لديكم آذانا صاغية .

دمتم بألف خير

الإمضاء ابنة تونس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى