” بي بي سي” تنشر تقريرا عن الدعارة بتونس
نشر موقع شبكة “بي بي سي” البريطانية اليوم السبت 28 سبتمبر 2019 تفريرا مصورا حول بيوت الدعارة في تونس بعد الثورة وما جد خلال السنوات التي تلتها من أحداث تهم هذه البيوت والعاملات فيها ، بدءا بسنة 2011 التي شهدت انفلاتا أمنيا تبعته قرارات وصفت بـ “الثورية” منها غلق كل بيوت الدعارة القانونية باستثناء العاصمة وصفاقس .
وقدم التقرير شهادات لبائعات هوى ، حول كيفية علق بيوت الدعارة والعنف الذي تعرضن له من قبل ” مجموعات متشددة” ، وكشفت احداهن في شهادتها انها تعرضت لتعنيف اوقعها في غيبوبة ومكثت فترة طويلة في المستشفى ، وكيف احيل جل من كن في بيوت الدعارة الى الشارع “منبوذات من المجتمع”.
وكشف التقرير عن وجود 300 عاملة جنس قبل الثورة كن يعملن بأكثر من 10 مراكز مرخص لها بتونس .
ولفت الموقع إلى وجود “دعارة غير مرخصة وسرية ويمكن أن تواجه عاملة الجنس التي تعمل بشكل غير مرخص للسجن لمدة تصل إلى سنتين في حال تمت إدانتها”.
ونقل الموقع عن “اميرة ” وهي أم غير متزوجة تبلغ من العمر 25 سنة قولها ” عندما بدأت بمزاولة المهنة قبل خمس سنوات، كانت هناك حوالي 120 عاملة في هذا المجال، ورويداً رويداً، بدأوا بطرد العاملات لأبسط خطأ يرتكبنه….أتوقع مواجهة نفس المصير يوماً ما. نحمد الله أننا كنا قادرات على إعالة أطفالنا ودفع إيجار بيوتنا…لم يعد الأمر كذلك الآن، في الواقع، لا أملك شيئاً آخر، إذا طردونا من المنزل، فإلى أين سنذهب؟”.
وتحدث الموقع مع “نادية ” التي قال انها مطلقة تبلغ من العمر 40 عاماً” مشيرا إلى أن ردها على الاسئلة كان سلسا والى أنها عملت في بيوت الدعارة المرخص لها في جميع أنحاء البلاد والى أنها تعرضت لاعتداء عام 2011 من قبل المتشددين في صفاقس خلال موجة احتجاجات عنيفة طالبت بإغلاق بيوت الدعارة غير المرخص لها في العديد من المدن.
وأشارت نادية إلى أنها واجهت صعوبة في العودة إلى بيوت الدعارة الرسمية حالما تعافت من الإصابات التي لحقت بها وإلى أنها عادت للعمل بشكل غير قانوني في الشوارع.
ولفت الموقع إلى أن عاملات الجنس غير المرخص لهن تعرضن لمخاطر عديدة، لأنهن معرضات للأمراض الجنسية المعدية إذا امتنعن عن استخدام الواقي الذكري لافتا في نفس الوقت الى أنهن عرضة للايقاف إذا حملن الواقي الذكري في حقائبهن مذكرا بأن الأمن في تونس يعتبر ذلك دليلاً دامغاً على ممارستهن للبغاء.
وقالت نادية : “الأمر ليس كما كنا في بيت دعارة مرخص، كانت هناك طبيبة تقوم بالفحوص الطبية أسبوعياً، وواقي أنثوي وسيدة تراقب الإجراءات”.
واضافت : “جاءني زبون، وبعد أن مارس الجنس معي، سرق أموالي وضربني وحاول خنقي”، مشية إلى مناطق من جسدها قائلة: ” كما ترون، جسدي مليء بالكدمات، وأنفي مكسور، والآن عندما يأتيني زبون، أشعر بالخوف لأنه لا يوجد من يمكنه مساندتي وحمايتي”.
من جهة أخرى نقل الموقع عن وحيد الفرشيشي أستاذ القانون بجامعة قرطاج وكبير المدافعين عن الحقوق الشخصية قوله “إن موضوع البغاء في تونس تسبب في شرخ عميق بين الناشطين في البلاد” مؤكدا على وجود معارضة لمهنة الدعارة حتى من قبل المدافعات عن حقوق النساء رغم كل الحملات والدعوات المطالبة بالإصلاح القانوني لضمان الحريات الفردية، بما في ذلك الدعوات الليبرالية لإلغاء تجريم المثلية الجنسية.
وأبرز أن “العديد من النشطاء في الحقل السياسي والمجتمع المدني يدعمون فكرة إغلاق بيوت الدعارة المرخص لها، لأنهم يعتبرون البغاء نوعاً جديداً من العبودية، أو الاتجار بالبشر، لكن إذا أغلقنا كل هذه الأماكن وتم تطبيق قانون العقوبات التونسي، فهذا يعني إيداع جميع تلك النساء في السجن، فما الحل؟”.
واكد الموقع أنه تم استبدال عقوبة السجن بغرامة مالية قدرها 500 دينار لكل من الزبون وبائعة الهوى في مشروع قانون جديد سينظر فيه البرلمان بعد الانتخابات التشريعية المرتقبة وأن استبدال السجن بغرامة كبيرة لا يلقَى تأييداً على أرض الواقع.
في هذا الإطار تحدث موقع “بي بي سي” مع بثينة عويساوي التي قال انها تدير جمعية البغاء في صفاقس ناقلا عنها قولها : “هذا غير منطقي في ظل البطالة المتفشية والظروف الاقتصادية الراهنة”.
ولفتت إلى تراجع فرص العمل في مجال البغاء غير المرخص وإلى أنه لم يعد لدى الزبائن المال وأصبحوا أقل جرأة في مواجهة السلفيين الى جانب وجود منافسة قوية بسبب دخول مزيد من النساء هذا المجال نتيجة الأحوال الاقتصادية المتردية.
وأوضحت أن قيمة الغرامة كبيرة جداً متابعة ” من أين ستحصل بائعة الهوى على هذا المبلغ ؟ فهي تتلقى ما بين 15 و20 ديناراً عن كل زبون”.
ونقل الموقع أيضا عن محرزية العبيدي، المترشحة للانتخابات التشريعية عن حزب النهضة : “لا أتقبل فكرة إلغاء تجريم الجريمة، والسماح بجميع أنواع الأعمال والسلوكات في المجتمع، إذا تم انتهاك أسس مجتمعنا وقيمه، فستنهار الأسرة وسيتم تدمير القيم التي نربي أطفالنا عليها”.
وأردف الموقع ” مع أنها ليست من أنصار بيوت الدعارة المرخص لها، فإنها تتساءل عن البدائل للعاملات فيها، “كيف يمكننا تأمين الرعاية الصحية والسكن والطعام والمعيشة لهن؟”.
وتضيف: “حتى لو مُنحن وظائف مثلاً، وجعلنا المجتمع يتقبلهن بطريقة ما، فالأمر لا يتعلق فقط بالقوانين والقرارات السياسية، بل بتغيير العقليات في المقام الأول”.
وتقول نبيلة التي تم مؤخراً إغلاق بيت دعارة كانت تديره: “حتى لو ذهبت للعمل في مطعم لتنظيف الأطباق، بعد يوم أو يومين، سيقولون إن هذه المرأة عملت سابقاً في بيت للدعارة وسيقول لي المدير، آسف لا أستطيع توظيفك وفي الوقت نفسه، ليس لدى الكثير من الآمال المستقبلية من الصعب تقبُّل عائلتنا لنا مجدداً وإذا تم طردي من بيت الدعارة فمصيري الشارع والتسول على باب المسجد من أجل طفلي، آمل أن يكونوا رحماء بنا”.