بكل جرأة يكتبها محمد عبد المؤمن : الدولة الديمقراطية ليست دولة ضعيفة …حان الوقت لوضع حد للتسيب

تونس – الجرأة الأسبوعية :

كتب محمد عبد المؤمن:

منذ 2011 وتونس تعيش التجربة الديمقراطية ونقول هنا تجربة لأن منظومة الحكم القمعية ليس فيها فترات تعلم واختبار بل هي انقال الى السرعة القصوى مباشرة واستعمال آليات الدولة واجهزتها لفرض كل شيء  بالقوة ان كانت مشروعة او غير مشروعة.

في النظام الديمقراطي الدولة ليست ضعيفة ولكنها لا تستخدم قوتها الا وفق ضوابط وقوانين ووفق ما ينص عليه الدستور فهي تمتلك نفس آليات القوة والعنف التي تمتلكها الدولة الديكتاتورية لكن الفرق  في الاستخدام في الأولى هي مقننة وفي الثانية هي خاضعة لرغبات الشخص او القلة.

خلال التجربة الديمقراطية هذه زاد منسوب الحريات ان كانت شخصية او جماعية وهذا مطلوب بل لا ديمقراطية من دون حرية في جميع المجالات بما في ذلك في الرأي لكن.

ولكن هذه مهمة جدا لأنها مربط الفرس كما يقال.

الحرية لا تعني التسيب وتحويل الدولة الى متفرج على ما يحصل.

ففي تونس اليوم يمكن لمجموعة قليلة ان توقف قطاعا كاملا يقوم عليه اقتصاد البلاد ويعد موردا مهما للعملة الصعبة وللتشغيل.

الامثلة كثيرة منها قطاع الفسفاط الذي دمر وانهار بسبب التسيب والفوضى والتجرؤ على الدولة وايضا لغياب الارادة السياسية لوضع حد لكل هذه الممارسات.

القطاع هو النفط حيث ان مطالب مشروعة تحول الى ممارسات غير مشروعة فحملات من قبيل سكر الفانا ولا سماح للشركات بالعمل والنشاط هو اعتداء على الدولة ذاتها والدولة الديمقراطية لا تخضع للابتزاز والشروط ولا مفاوضات في وضع مركب غير طبيعي الدولة تتحاور لكن من موقع قوة وبلا شروط تفرض عليها من أي جهة كانت وتكون.

وجه آخر للتسيب نرصده ونراه ونعاينه ليس من الآن ربل منذ سنوات وهو عقلية الافلات من العقاب .

هذه العقلية هي التي نشرت الفوضى والتجاسر على الدولة ومؤسساتها وانتشار العنف والجريمة .

هنا يجب ان نسمي الاشياء بمسمياتها فالفساد ليس نهب اموال الدولة والمجموعة الوطنية فقط  بل التقصير ايضا واستغلال المنصب .

هنا نريد ان نسأل :

من يسأل الموظف الكبير والرفيع والسامي من اين لك هذا

من يسأل عون الديوانة من اين لك هذا

من يسأل الامني والقاضي ومؤسس جمعية من اين لك هذا

ليس هذا فقط بل من يسأل السياسي والاحزاب والمنظمات من اين لك هذا

الكل في حصانة من هذا السؤال وكأنه بات من المحرمات والكبائر والكثيرون راضين سعداء بهذا الوضع فكل ” ادبر في راسو” والامور ماشية في العنبر ويبقى الوضع على ما هو عليه.

تواصل هذه السياسية وهذه العقلية هو الخطر الاكبر والحل ليس في تكوين الهيئات وانفاق المليارات عليها ولا في بعث وزارة لمحاربة الفساد لنكتشف كونها خضعت للفساد او هربت منه خائفة.

الحل ليس في شعارات رنانة تطلق في خطابات .

الحل في ان يدرك المسؤولون واصحاب القرار كون الديمقراطية لا تعني ضعف الدولة وان من خشي على منصبه ان حرك ملفات كبيرة وخطيرة فلن يبقى طويلا في المنصب وسيغادره لان المقياس هو الفشل والنجاح وليس الخطابات والوعود.

اليوم تتولى امر تونس حكومة تكنوقراط اداريين  ويعول عليهم كونهم غير معنيين بضغوط الاحزاب لكن هذا الامر نسبي لان رئيس الحكومة نفسه محاصر بضغوط الاحزاب واملاءاتها ولاءاتها وتدخلاتها .

هذه الحكومة جاءت في فترة صعبة جدا بسبب جائحة كورونا وهي ليست جائحة صحية فقط بل واقتصادية والصعوبات التي تواجهها معلومة والجميع يدركها لكنها في نهاية المطاف لن تحميها من تحمل تبعات الفشل فوظيفة من يحكم ان ينجح لا ان يبرر سبب فشله او يجد الأعذار لتبرير ذلك.

هذا الامر رأيناه مع حكومات سابقة بعضها كان يتعلل بالتركة التي خلفها النظام السابق وبعضها تقدم قليلا ليتحدث عن سوء ادارة من سبقه  لكنها شماعات لم تعد تنفع .

ليس امام هذه الحكومة الا خياران هما  ان تنجح او ان تنجح وليس هناك امر ثالث.

نشر هذا المقال في الجرأة الأسبوعية

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى