الكتاب المدرسي قنبلة عربية موقوتة!
كتب أمين الزاوي في أندبندت:
لا يمكن للعالم أن يرتاح من الفكر الإسلامي المتطرف ومن الإرهاب كذراع عسكريَّة له إلا إذا أُعيد النظر في البرامج والمقررات المدرسيَّة بالعالم العربي والمغربي كله من دون استثناء.
ففي المدرسة، ومن نصوص البرامج التعليمية ينبتُ الإرهاب، وفيها تتم رعايته في عقول وقلوب التلاميذ من الحضانة إلى سن البكالوريا.
فهذه الكتب المدرسيَّة التي يغرق في مستنقعها الخطير الطفلُ منذ سن الحضانة (ثلاث سنوات) وحتى يتخرج في الثانوية (18 سنة) هي أكبر خطر يهدد البشريَّة جمعاء.
فمضامين ثلاث مواد على الأقل هي من تخرَّب عقل الطفل، ثم المراهق، ثم الشاب، وبالتالي تهيؤه ليصبح قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت وفي أي مكان، في البلدان الإسلامية أو أوروبا أو أميركا أو الصين، حسب ما يريد صانعو هذه البرامج، الذين في نهاية الأمر هم عبارة عن قوى تشتغل لصالح أحزاب سياسيَّة متطرفة سلفيَّة جهادية وإخوانية.
ولعل على رأس هذه المقررات التعليمية المدرسيَّة التي يجب إعادة النظر في جزء منها، وإلغاء بعضها كاملاً هي مقررات تدريس مادة التربية الإسلامية، ومادة التاريخ، ومادة الأدب واللغة العربية.
فمادة التربية الإسلامية التي أصبحت فرصةً لرعاة الفكر الإخواني والسلفي الجهادي لنشر أيديولوجيتهم الفاسدة، وقد أخرجوها عن هدفها الأساس وهو معرفة مبادئ الدين الإسلامي وقيم التسامح فيه التي تدعو إلى احترام الآخر، ووجهوها إلى مسارهم الذي هو العمل على بناء أرضية خصبة لأيديولوجيا الفاشية، تستهدف الطفل والمراهق لزرع كل أشكال الكراهية ضد الأديان الأخرى السماوية وغير السماوية وضد المرأة، وذلك بالتركيز على بعض الآيات والأحاديث النبوية وإخراجها عن سياقاتها التاريخية والسياسية والاجتماعية.
كما أن دروس التربية الإسلامية في المقررات المدرسية أصبحت فرصة لتمجيد الحرب واعتبار سفك الدماء بطولة، والاعتداء على غير المسلمين فتوحات، وعادت من خلال هذه الدروس فكرة “الجهاد” الذي أصبح موازياً للانتحار الذي يصيب كثيراً من الشباب الذين غُلّقت أمامهم أبواب الحياة فوجدوا في “الجهاد” انتحاراً دينياً يمنحهم حياة أخرى بحوريات وأنهار خمر وعسل، وما يتم حشو رؤوس الشباب به لجرهم إلى جحيم الإرهاب.
وكي يتصالح الطفل مع الموت ويبتعد عن الحياة تحوَّلت بعض الدروس إلى الحديث عن “صلاة الجنازة” و”عذاب القبر”، بل إن بعض المدارس يقوم المعلمون فيها بأخذ التلاميذ إلى المقابر فيما يسمى بالدروس التطبيقية! كل ذلك لتجفيف روح الطفل أو المراهق من كل بهجة الحياة، ووضعه على حافة الموت في انتظار ساعة الدفع به إلى “الجهاد” الإرهابي.
كما أن مقرر مادة التاريخ التي تقدم للتلاميذ في غالبيتها مغالطات كبيرة، إذ تعمل على التغطيَّة على تنوّع التاريخ القديم لبعض الشعوب، ففي شمال أفريقيا مثلاً تبدو دروس التاريخ المدرسية وقد مررت الممحاة على كامل تاريخ الأمازيغ وحضارتهم والذين هم أبناء هذه المنطقة، ويبدو التاريخ المغربي وكأنما بدأ بوصول الإسلام والعرب إلى شمال أفريقيا، وهو ما يجعل مسألة جرح الهُوية نازفاً باستمرار، والكذب على التاريخ لا يخدم سوى الوعي الديني الزائف، وهو لعبة سياسية تلعبها بعض القوى لربح الوقت ولتثبيت سلطتها على الشعوب.
كما أن التاريخ الذي يدرَّس ولا يُسمي الأسماء بمسمياتها فهو تاريخٌ مزيفٌ للحقائق، وهو ما يدرَّس لأبنائنا، فعلى سبيل المثال لا تتجرأ الكتب المدرسية في مادة التاريخ على القول إن الخلافة العثمانية التي حكمت العالم العربي وشمال أفريقيا مدة تزيد على ثلاثة قرون استعمارٌ إسلاميٌّ لا يختلف عن الاستعمارات الأخرى.