الفاضل‭ ‬الجزيري‭ ‬إستهلك‭ ‬نفسه‭ ‬وإستنفد‭ ‬قدراته‭

كتب : سمير الوافي

حشد‭ ‬مئات‭ ‬الراقصين‭ ‬والمغنين‭ ‬والمبخّرين‭ ‬فوق‭ ‬الركح‭ ‬لتبرير‭ ‬الكلفة‭…‬والإيهام‭ ‬بالضخامة‭ ‬والفخامة‭ ‬والحجم‭ ‬الفني‭…‬حيل‭ ‬مستهلكة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تنطلي‭ ‬ولا‭ ‬تكفي‭ ‬للإقتناع‭ ‬بالقيمة‭ ‬الفنية‭ ‬والجمالية‭ ‬للعرض‭ ‬الفني‭…‬بالعكس‭ ‬فهذا‭ ‬التكرار‭ ‬والإستسهال‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬الفاضل‭ ‬الجزيري‭ ‬إستهلك‭ ‬نفسه‭ ‬وإستنفد‭ ‬قدراته‭ ‬على‭ ‬إستكشاف‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬كنوز‭ ‬التراث‭…‬فأصبح‭ ‬يكرر‭ ‬نفسه‭ ‬ويستسهل‭ ‬الركح‭ ‬ويستبله‭ ‬جمهوره‭ ‬ويستبيح‭ ‬التراث‭ ‬ويستهلك‭ ‬نفسه‭…‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬نشاهده‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬الفاضل‭ ‬من‭ ‬التراث‭…‬والفاضل‭ ‬من‭ ‬النوبة‭ ‬والحضرة‭…‬والفاضل‭ ‬من‭ ‬الجزيري‭…!!!‬

وصل‭ ‬الجزيري‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬إبداعه‭ ‬وإلى‭ ‬ذروة‭ ‬قدراته‭ ‬في‭ ‬الحضرة‭ ‬والنوبة‭…‬فقاد‭ ‬في‭ ‬زمنه‭ ‬ثورة‭ ‬فنية‭ ‬وثقافية‭ ‬صنعت‭ ‬مزاجا‭ ‬شعبيا‭ ‬جديدا‭…‬وشكلت‭ ‬ذوقا‭ ‬جماهيريا‭ ‬مختلفا‭…‬وألهمت‭ ‬مبدعين‭ ‬آخرين‭ ‬حاول‭ ‬بعضهم‭ ‬تقليده‭…‬وحاول‭ ‬آخرون‭ ‬مواصلة‭ ‬ما‭ ‬بدأه‭ ‬والتفوق‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬ذلك‭…‬أما‭ ‬هو‭ ‬فقد‭ ‬ظل‭ ‬أسير‭ ‬رؤيته‭ ‬تلك‭ ‬ولم‭ ‬يتجدد‭ ‬ولم‭ ‬يتقدم‭…‬فحول‭ ‬النوبة‭ ‬والحضرة‭ ‬إلى‭ ‬مشروع‭ ‬تجاري‭ ‬مربح‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانتا‭ ‬مشروعا‭ ‬فنيا‭ ‬وثقافيا‭…‬وأصبح‭ ‬عاجزا‭ ‬عن‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬القمة‭ ‬التي‭ ‬وصل‭ ‬إليها‭…‬وتدحرج‭ ‬إلى‭ ‬التكرار‭ ‬والتشويه‭ ‬والإستهلاك‭…‬وفشل‭ ‬في‭ ‬التفوق‭ ‬على‭ ‬نفسه‭…!!!‬

لست‭ ‬مع‭ ‬إستغلال‭ ‬فشل‭ ‬عرض‭ ‬البارحة‭ ‬للتنكيل‭ ‬بإسم‭ ‬الفاضل‭ ‬الجزيري‭…‬والإنتقام‭ ‬من‭ ‬كبارنا‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬ننجح‭ ‬في‭ ‬إستنساخهم‭ ‬ولم‭ ‬نعط‭ ‬الفرص‭ ‬لغيرهم‭…‬وظلمناهم‭ ‬بالمبالغة‭ ‬في‭ ‬تقديسهم‭…‬وبالتسامح‭ ‬مع‭ ‬إخفاقاتهم‭…‬لكن‭ ‬الفاضل‭ ‬الجزيري‭ ‬أصبح‭ ‬يستسهل‭ ‬قرطاج‭ ‬ويستهتر‭ ‬بالركح‭ ‬العظيم‭…‬ويحاول‭ ‬تغطية‭ ‬ضعف‭ ‬المضمون‭ ‬بضخامة‭ ‬الشكل‭…‬وبالحشود‭ ‬التي‭ ‬تعتلي‭ ‬المسرح‭ ‬لتوهمنا‭ ‬بحجم‭ ‬العرض‭…‬فهل‭ ‬تكرار‭ ‬أغان‭ ‬وأنغام‭ ‬تراثية‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬توزيع‭ ‬جديد‭ ‬يستحق‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الهالة‭ ‬المفتعلة‭ !‬؟؟‭…‬وهل‭ ‬أن‭ ‬التراث‭ ‬الذي‭ ‬يشكّل‭ ‬هويتنا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬التغريب‭ ‬والتجديد‭ ‬والتهذيب‭ ‬بآلات‭ ‬موسيقية‭ ‬غريبة‭ ‬عن‭ ‬روحه‭ ‬وراقصين‭ ‬مودرن‭ ‬يغيرون‭ ‬مزاجه‭ ‬الأصيل‭ !‬؟؟‭…‬وهل‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يستحق‭ ‬هالة‭ ‬قرطاج‭ ‬ومئات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬العام‭ ‬وتقديس‭ ‬الجزيري‭ !‬؟؟

هل‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عشرات‭ ‬الفنانين‭ ‬التوانسة‭ ‬التي‭ ‬رُفضت‭ ‬مشاريعهم‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬بحجة‭ ‬أن‭ ‬تكاليفها‭ ‬باهظة‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬ربع‭ ‬قيمة‭ ‬الدعم‭ ‬الذي‭ ‬يناله‭ ‬الجزيري‭ !‬؟؟‭…‬وأن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬فنان‭ ‬تونسي‭ ‬يختصر‭ ‬حلمه‭ ‬ويتقشف‭ ‬في‭ ‬طموحه‭ ‬ويصغّر‭ ‬فكرته‭ ‬ومشروعه‭ ‬أو‭ ‬يدفع‭ ‬من‭ ‬جيبه‭ ‬لأن‭ ‬مهرجان‭ ‬قرطاج‭ ‬يفرض‭ ‬عليه‭ ‬مبلغا‭ ‬هزيلا‭ !‬؟؟‭ ‬وأن‭ ‬فنانا‭ ‬شابا‭ ‬وحالما‭ ‬وناجحا‭ ‬مثل‭ ‬مرتضى‭ ‬الفتيتي‭ ‬اضطر‭ ‬للدفع‭ ‬من‭ ‬جيبه‭ ‬فوق‭ ‬أجره‭ ‬لأن‭ ‬كلفة‭ ‬عرضه‭ ‬في‭ ‬قرطاج‭ ‬ضعف‭ ‬الأجر‭ ‬الذي‭ ‬اقترحوه‭ ‬عليه‭ !‬؟؟‭…‬وإسألوا‭ ‬رؤوف‭ ‬ماهر‭ ‬الذي‭ ‬يناضل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هوية‭ ‬الأغنية‭ ‬التونسية‭ ‬عن‭ ‬أجره‭ ‬السخيف‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬فكرته‭ ‬وحجم‭ ‬عرضه‭ ‬ووطنية‭ ‬مشروعه‭ !‬؟؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى