العقارات في تونس :التونسي حلمه امتلاك منزل لكن الحلم يتحول الى كابوس

تونس – الجرأة نيوز:

يشهد قطاع العقارات ازمة خانقة كغيره من القطاعات الاخرى لكن الفارق الوحيد ان المصاعب التي يمر بها هذا القطاع لم تتسبب فيها حائجة كورونا أساسا بل انها زادتها حدة.

هذه الازمة ايضا ليست جديدة فهي سابقة ل 2011 التي صارت مرجعا بالنسبة لمن يحبذون المقارنة بين ما قبل الثورة وما بعدها .

بالنسبة للمواطن فان حلمه ان يمتلك منزلا او كما يسميه التونسي قبر الحياة لأنه يمثل له الاطمئنان النفسي والاستقرار الاسري من ناحية ولأنه ايضا يريحه من “غول” الكراء الذي شهد ارتفاعا كبيرا ومتواصلا في العقد الاخير.

الاسباب في هذا كثيرة منها موجة الاستقرار في تونس من قبل الليبيين جراء الحريب الاهلية الدائرة على اراضيهم .

السبب الآخر ان الاغلبية باتت تفضل الاستقرار في المدن الكبرى حيث توفر فرص الشغل وهذا احدث ضغطا  على الطلب.

 

أزمة من وجه اخر

 

قد يتصور البعض ان ارتفاع سعر العقارات بوجه عام والمساكن بوجه خاص سببه قلة المساكن مقارنة بعدد  الاسر وهذا الاعتقاد خاطئ لان هناك نسبة كبيرة من المنازل غير شاغرة خاصة في المدن الكبرى بما في ذلك العاصمة وسوسة وصفاقس وغيرها .

من ذلك ان هناك الكثير من العقارات التي تعتبر قديمة أي شيدت منذ عقود تحوي شققا كثيرا مقفلة وغير مأهولة.

 

أسباب ارتفاع اسعار العقارات

 

رغم ان الطلب بات محدودا على شراء المساكن بسبب الغلاء فان لهذا اسبابا .

فمن الاجحاف والظلم اتهام اصحاب الشركات العقارية والمقاولين بكونهم يعمدون الى رفع الاسعار رغبة في الربح السريع فالربح او طلب الربح امر عادي وطبيعي في أي استثمار لكن كل صاحب نشاط يريد ان يخفض في اسعاره ليشجع على الاستهلاك والشراء لكن هناك معضلات كثيرة امام الشركات العقارية منها ارتفاع اسعار مواد البناء وفقدانها في احيان كثيرة مما يضطرهم للحصول عليها من السوق السوداء أي البيع بغير السعر الحقيقي خاصة بالنسبة للإسمنت والحديد.

السبب الاخر هو ارتفاع تكلفة اليد العاملة حيث ان اجرة العامل العادي تضاعفت فما بالك بالمختص ان كان في البناء او الدهان او الكهرباء وغيره.

اصحاب القطاع يشكون من معضلة اخرى وهي الرفع المتواصل للاداءات والضرائب .

اضافة الى هذا كله هناك سبب آخر يتمثل في عدم تشجيع البنوك على شراء العقارات من خلال مزيد تعقيد اجراءات الحصول على قرض سكني .

بالنسبة للدولة اتخذت جملة من الاجراءات لإنقاذ القطاع منها ما عرف بمشروع المسكن الاول وهو اساسا لدعم العائلات التونسية للحصول على شقة .

لكن مع هذا تبقى مسألة رفع الاداءات والضرائب اهم عائق امان تخفيض الاسعار .

 

التونسي وحلم المنزل

 

كل عائلة تونسية ونحن نتحدث هنا عن الطبقتين المتوسطة ومحدودة الدخل ترنو لامتلاك منزل لأنه هو العامل الاساسي للاستقرار لكن في خضم الصعوبات الكبيرة وضرب القدرة الشرائية ارتفاع الاسعار بشكل عام فان التونسي لم يعد يجد الفائض لتحقيق حلمه  الذي يتحول في كثير من الاحيان الى كابوس يحكم عليه بان يبقى مصيره مرتبطا بالكراء وهو خيار يستهلك نسبة كبيرة من المدخول الذي يتصاعد ويتزايد باستمرار خاصة مع الجشع الكبير الذي بات يمارسه اصحاب المناول أي الملاك.

في السابق كانت الدولة تتدخل في هذا النجال من خلال انجاز مشاريع لخدمة المواطن أي انها اجتماعية ليست غايتها ربحية لكن في السنوات الاخيرة اندثرت مثل هذه المشاريع وصارت الدولة نفسها تمارس عقلية الربح على المواطن .

فالمنازل التي صارت تشيد تجارية أي منجزة في الاساس لمن دخلهم مرتفع ولم يعد هناك مجال تقريبا لمحدودي الدخل للتمتع بها.

بل اكثر من هذا فليس هناك اجراءات جادة لدعم اصحاب القطاع العقاري لمساعدتهم والتكفل بنسبة من الانفاقات وهذا يكون اولا لصالح انقاذ القطاع ثم لصالح المواطن.

 

محمد عبد المؤمن

هذا المقال نشر في الجرأة الأسبوعية:

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى