الاعدام في تونس: نفذ 135 حكما منذ الاستقلال جلها في فترة بورقيبة و مئات الاحكام مجمدة منذ سنوات
تونس – الجرأة الأسبوعية : محمد عبد المؤمن
عاد الجدل مجددا حول تطبيق حكم الاعدام في تونس على خلفية جرائم بشعة حصلت في الفترة الاخيرة وايضا لكون الإجرام والعنف ارتفعت وتيرته بشكل كبير وخطير .
الجدل سببه ان المحاكم في تونس مازالت تصدر احكام الاعدام خاصة في قضايا القتل العمد والاغتصاب والعنف الذي يؤدي الى الموت والسرقة والبراكاجات باستخدام العنف المفرط .
هذا الجدل لم يعد حقوقيا سياسيا فقط بل تعداه الى المستوى الشعبي حيث ان الرأي العام بات يطالب بالعودة الى تنفيذه لردع المجرمين.
السؤال الذي يطرح هو: هل ان الاعدام يردع المجرمين؟
موقف الشرع انه رادع وفق حكم القصاص وهو منزل في القرآن لكن الحقوقيين لهم موقف آخر كونه لا يمكن سلب الحياة مهما كانت الاسباب.
تاريخ الاعدام في تونس
منذ الاستقلال تم تنفيذ 135 حكم اعدام في بلادنا جلها في فترة حكم الرئيس الراحل الاسبق الحبيب بورقيبة.
فبورقيبة كانت لديه قناعة كون التساهل يمس من هيبة الدولة ويفتح المجال للاجرام وتفشيه وان صدر حكم فيجب تفعيله.
في القانون التونسي فان حكم الاعدام لا ينفذ الا بعد امضاء رئيس الجمهورية عليه أي موافقته وقد عمد بورقيبة الى الامضاء على جل الاحكام باستثناء حالات قليلة جدا هي 3 منها في قضية راعي غنم وضع عمودا حديديا في سكة ما تسبب في حادث قطار وقد كان بلا قصد منه والحالتان الثانية والثالثة تتعلق باحكام اعدام فيما عرف بقضية انقلاب 1963 أي مجموعة لزهر الشرايطي .
في عهد بورقيبة تم تنفيذ 129 حكم اعدام بالتمام والكمال.
بعد 7 نوفمبر تواصلت احكام الاعدام لكن اغلبها لم يكن ينفذ الا قليلا جدا منها فيما تعلق بقضية ارهابية .
آخر حكم اعدام كان سنة 1991 لمجرم خطير عرف بسفاح نابل وقد اغتصب وقتل 14 طفلا وقد رأى رئيس الجمهورية حينها انه يستحق الاعدام خاصة وان الرأي العام لن يقبل باقل من ذلك.
معاهدة دولية
امضت تونس على معادلة دولية تلتزم بموجبها بعدم تنفيذ احكام الاعدام وايقافها رغم ان المحاكم واصلت اصدار مثل هذه الاحكام باعتبار ان القانون لم يتغير ومازالت المجلة الجنائية تحوي فصولا حول عقوبة الاعدام.
والايقاف كان بأن تصدر المحاكم احكامها لكن رئيس الجمهورية يمتنع عن الامضاء عليها باعتبار امضائه شرط لذلك والا فان الحكم لا يطبق.
وضع المحكوم بالإعدام
وضعية المحكومين بالإعدام مخصوصة في السجون فهم قابعون في زنزانات لا يغادرونها ولا يسمح لهم بزيارات اي ان الامر عبارة عن حكم مؤبد أي السجن مدى الحياة .
لكن بعد 2011 تم تعديل الاجراءات وصارت وزارة العدل تسمح بزيارات الاهل المقربين للمحكوم بالإعدام وفق نظام وضع .
عودة الجدل الى هذا الموضوع سببه تفشي للجريمة بشكل كبير ومتصاعد وهو ما حرك الرأي العام كون عدم تفعيل حكم الاعدام هو ما فتح الباب على تفاقم الظاهرة.
رئيس الجمهورية تدخل مؤخرا في الموضوع واكد ان احكام الاعدام يجب ان تنفذ على القاتلين لينالوا جزاءهم وان لكل مجتمع خصوصياته.
هذا الموقف ألب عليه المنظمات الحقوقية وبعض السياسيين ممن يرون ان الاعدام يتنافى مع الميثاق العالمي لحقوق الانسان وان تونس ملزمة بالتقيد بالمعاهدة التي امضت عليها وهي ايقاف الاعدامات وقد كان ذلك بضغوط غربية.
بالنسبة للرأي العان فانه لم يعد يقبل في جله التسامح مع المجرمين ويرى ان الاعدام هو حماية للمجتمع من هؤلاء المرضى الخطرين وهو كلام منطقي فمن يقتل مرة متعمدا سيكررها مرة ومرات اخرى مادام يردك ان الحياة لن تسلب منه.
هذا المقال نشر في الجرأة الأسبوعية