أيام رمضانية في دمشق / مراسل الجرأة نيوز من سوريا محمد الرصافي المقداد : في بلاد الشّام تطيب الصلاة والصيام 

دمشق – سوريا : الجرأة نيوز : محمد الرصافي المقداد

لا شك في أن للعبادة باختلاف أنواعها، آثار بالغة  وعميقة على الروح، وهي التي تجعل العبد مدركا كنه وجوده، ساعيا إلى ربه بقدر أدائها، وباعتبار تميز الصيام على سائر العبادات بخصوصية ستر الأجر فيه، فإن لذلك دلالة على قيمته العظيمة.

وللعبادة في بلاد الشام من صلاة وصيام نكهة خاصة، وتمتاز عن غيرها من البلدان الإسلامية، بهذه الأماكن العبادية الأثرية الرّائعة، المنتشرة في أنحاء مدنها وأريافها، لتزيد من روحانية المتعبد، استكانة وخشوعا لله، قد يتفاجأ الزائر لتلك البقاع أوّل مرة، وهو قريب من الجامع الأموي، بآذان فريد، لم يسمعه من قبل في مكان آخر، آذان جماعي ينطلق من مكبر صوت الجامع ليتحف الأسماع، بتردد عقائدي يهز المشاعر .. الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر.. أشهد أن لا إله إلا الله.. اشهد أن لا إله الا الله.. أشهد أن محمدا رسول الله.. أشهد أن محمدا رسوله الله.. فيهرع المصلون إلى إقامة الصلاة التي هي عمود الدين، ويقومون لله في مواقيته ودور عبادته قانتين.

في ريف دمشق

في ريف دمشق الجنوبي معلم تاريخي إسلامي، يعتبر رمزا للعزة والإباء، ومفخرة كل مؤمن ومؤمنة، ينتصب مقام عقيلة بني هاشم، السيدة زينب بنت علي وفاطمة عليهم السلام، بقبته الذهبية ومئذنتيه البديعتين، ليظهر للرائي على بعد أميال، بشكله الخلاب وزينته البديعة، معلم أثريّ اسلامي يحوي قبر امرأة، سجّلت حضورها وبصمت بصمودها وصبرها، حادثة أليمة في تاريخنا الإسلامي جدّت سنة 61 هجرية، كانت هي وأخوها أبو عبد الله الحسين وأبو الفضل العباس عليهم السلام وبقية أهل بيت النبوّة عليهم السلام، ومن تبعهم في ثورتهم الإسلامية ضدّ طاغية عصرهم يزيد بن معاوية.

في هذا المكان الذي يتوافد اليه محبو أهل البيت عليهم السلام من كل حدب وصوب، باختلاف بلدانهم وألوانهم ولغاتهم، ليجددوا عهدهم بالولاء لمن أوصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بموالاتهم واتباع صراطهم ولو اجتمع الناس على خلافهم، وأعتقد أن كلمات النبي صلى الله عليه وآله وسلم للصحابي الجليل عمار بن ياسر رضوان الله عليه، كافية لمن ألقى السّمع وهو شهيد: (يا عمار، اذا رأيت عليّا سلك واديا، ورأيت الناس سلكوا واديا، فاسلك الوادي الذي سلكه علي، فإنه لن يدلك على ردى، ولن يخرجك من هدى)(1)

لرمضان سحر روحاني في سوريا

وتشاء الأقدار أن يتوافق سفري إلى بلاد الشام، بحلول شهر رمضان المعظّم، ولهذا الشهر اعتبار وروحانية لدى أهلها، خصوصا الأماكن الأثرية وحتى الأحياء ذات الطابع القديم وكالأحياء المحيطة بالجامع الاموي وفيها أيضا مقام السيدة رقية بنت الحسين عليها السلام الذي بنته إيران بحب واتقان، جعلت منه موقعا متميّزا بهندسته المعمارية البديعة، فمن لم يزر هذه الصّبيّة المظلومة فقد فاتته بركة لا يمكنه ان يقدّرها.

في شهر رمضان يطيب الصّيام عند المقامين المذكورين، وبين أفنية أهل بيت النبوّة، تحلو الصّلاة ويطيب الدّعاء والتهجّد، لقد بدأ العدّ التنازلي للشهر الكريم، ودخل المسلمون في فريضة، رغبة في نوال ثواب لا يعلمه سوى الله: ( كل عمل ابن آدم له الا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به.)(2)

والصيام فضلا عن آثاره المعنوية التي تترك فعلها في الأنفس، له آثار تربوية بها تتوطّد أواصر القربى وتتمتّن الجيرة والصداقة بين الأهالي، فيكون مصداق شهر الرّحمة والتّعاون، هذه الشام قد فتحت ذراعيها لأهلها وزوّارها، تكنفهم بعبق أصالتها، وتدعوهم إلى فرصة غنم ما أعدّه الله لعباده في هذا الشهر الكريم من جزاء مستور مقداره، جعلنا الله وإياكم ممن وفد اليه فكتب من الصائمين المأجورين، رمضان كريم.

 المراجع

1 – تاريخ دمشق ابن عساكر ج42ص472/تاريخ بغداد الخطيب البغدادي ج13ص186/187/ كنز العمال المتقي الهندي ح 32972 / المناقب الخوارزمي الفصل الثامن ص57 الادّعاء بتضعيف هذه الرواية وردّها باطل ومن فعل ذلك فهو من الذين رضي بأن يكون مع مبغضي الإمام علي عليه السلام، وسيرة عمار بن ياسر وملازمته الكاملة لمولاه علي عليه السلام، تغني عن الردّ على هؤلاء المرضى.

2- صحيح البخاري كتاب اللباس باب ما يذكر في المسك ج7ص164ح5927/ صحيح مسلم كتاب الصيام  باب فضل الصيام ج3ص158ح1151