أمريكا وايران وتركيا… واقع جديد يتشكل في المنطقة يتحكم فيه لاعبون كبار

تونس – الجرأة نيوز : محمد عبد المؤمن

عندما اطلقت الولايات المتحدة مشروعها للسيطرة على المنطقة العربية والاسلامية باستخدام كل الطرق كان تخطيط المحافظين الجدد وفي مقدمتهم رامسفيلد وكونوداليزا رايس وجملة من المنظرين لسياسة السيطرة هي تمرير المخطط بيسر .

هذا التمرير من المنظرين كان يؤمن بكون الخسائر في الطرف الآخر ستكون كبيرة لكن ما لم يتم وضعه في الاعتبار هو الخسائر في الطرف الامريكي ذاته.

المشروع اطلق عليه الشرق الاوسط الكبير وآليته كانت الفوضى الهدامة.

اما الشعار الذي رفع فهو فرض الديمقراطية لكنها الديمقراطية التي ترضي امريكما وتخدم مصالحها في المنطقة.

في ذلك الوقت كانت روسيا تلملم جراحها بينما كانت الصين تبني قوتها الاقتصادية وليست لها رغبة الدخول في المواجهات أو المعارك.

ما يعني ان الساحة كانت مفتوحة للامريكان ليفرضوا كلمتهم.

مخططهم هذا دمر دولا واسقط انظمة وفعلا انتشرت الفوضى الهدامة لكن هل حققت الولايات المتحدة اهدافها؟

مع مجيئ اوباما أظهر الامر وكأن الادارة الامريكية تريد اصلاح اخطائها لكن المشكل انها لم تدرك اخطاءها الحقيقية وتصورت ان المشكل في الآخرين وليس فيها أي ان التعالي الامريكي هو ذاته لكنهم ارادوا تغيير الاساليب.

اوباما كان مجرد رمز جيء به لتحسين صورة الولايات المتحدة في العالم بعد ان تشوهت الصورة في العراق وافغانستان وفلسطين .

أمريكا التي دمرت بلدانا تريد ان تظهر كونها حارسة الاخلاق وحقوق النسان والمثاليات في العالم لكن الحقيقة ان أمريكا تبقى دائما هي المصالح ولو على حساب الشعوب والبلدان الاخرى.

فترة ترامب

ما يمكن ان نتحدث عنه بمجيئ ترامب هو ان امريكا اقتنعت كونها لم تعد القوة الوحيدة في العالم وان سياسة القطب الواحد انتهت حتى وان لم ترد اظهار ذلك.

عالميا يرى الكثير من الخبراء ان الصين في طريقها لإزاحة الولايات المتحدة عن عرشها او على الاقل اقناعها كونها لم تعد المسيطرة وبوليس العالم .

الدور الروسي هنا مهم جدا فروسيا وريثة الاتحاد السوفياتي عادت بقوة في اوكرانيا وفي سوريا وفي مناطق اخرى في المحيطات حيث معارك السيطرة محتدمة لكن بصمت.

المنطقة تتغير

ارادت الولايات المتحدة في مشروعها ان توظف أطرافا اخرى لمعارك بالوكالة في عدة مناطق ومنها الشرق الاوسط وراهنت عليها كقوى مؤثرة لكن الحقيقة غير هذا فقد بان جليا ان رهاناتها كانت خاسرة .

أمريكا اليوم اضطرت لتغيير أساليبها لكن اهدافها ذاتها وبقدر ما حاولت استرجاع الماضي ونقصد ما بعد سقوط الاتحاد السوفياتي الا ان الزمن لا يعود الى الوراء فالعالم يتغير وايضا منطقة الشرق الاوسط تتغير.

في المنطقة حاليا قوتان تدرك امريكا ان التعامل معهما يجب ان يكون مخصوصا ونقصد ايران وتركيا.

فمع تركيا هي تتقابل مع قوة سنية استطاعت ان تفتك السيطرة والتأثير من المملكة العربية السعودية ونقصد التأثير على العالم السني وهو تأثير ناعم له آلياته و منها نشر الثقافة والبروباغندا من خلال الصورة وايضا الاقتصاد.

السيل الجارف للدراما التركية مثلا ليس بريئا وليس للتسلية ولتحقيق ارباح فقط بل له وجه آخر وهو تغيير الوعي والعلاقة بها في العالم العربي .

وهو ما جنته فوائد اقتصادية من خلال تغلغل منتجاتها في الاسواق العربية .

بالنسبة لإيران فأمريكا تدرك انها تتعامل مع طرف لا يتنازل عن حقوقه مطلقا ومستعد للمواجهة من اجلها.

كما انه طرف لا يتخلى عن المبادئ التي يحملها ولا يبرم الصفقات في هذا الاتجاه.

هذه النتيجة جاءت بعد الاختبار بالعقوبات التي استمرت لسنوات لكنها لم تزد الطرف الاخر الا اصرارا على الصمود بل المواجهة.

امريكا مع ايران دخلت في معادلة جديدة وهي واحدة بواحدة فكل عدوان يقابله رد ولا تنازل في هذا .

بل اكثر من هذا فالعقوبات والضغوط الاقتصادية رغم شدتها الا انها لم تمنع تقوية النفوذ خارجيا .

مسألة النفوذ هذه مهمة جدا في العلاقة بين امريكا وايران أي اننا ازاء صراع فيلة كما يقال أي صراع قوة وقوة اخرى وليس طرف قوي وطرف يحاول الصمود كما تعودت واشنطن.

هذا الاصرار بدأت تظهر نتائجه في التنازلات التي تريد تقديمها ادارة بايدن في خصوص الملف النووي فهي تريد اتفاقا لكنها تصمد لتكسب نقاطا وهي تدرك كما الكل يدركون انها ستقبل في نهاية المطاف .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى