أمام القضاء: شهادة مؤثرة لشاب أصيب بعجز جنسي خلال تعذيبه بمقر وزارة الداخلية
نظرت هيئة الدائرة الجنائية المختصة في النظر في قضايا العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس، في القضية عدد 21 المتعلقة بالمرحوم حسن المباركي وحضر شقيقه بن علي بن صالح المباركي وبعض رفاقه ولم يحضر أيّ من المنسوب إليهم الانتهاك ومن بينهم علي الطيّاري (متوفي)ومحمّد الحاجّي وإدريس قيقة وأحمد بالنّور..
شهادة ..
وبالسّماع لصالح المباركي شقيق المرحوم حسن المباركي أفاد أنّه سافر إلى بغداد سنة 1972 بغية مواصلة الدّراسة في اللغة الأنقليزية ثمّ التحق به شقيقه المرحوم حسن سنة 1973 لدراسة علوم الإدارة وعاد إلى تونس خلال سنة 1978 في حين عاد شقيقه خلال سنة 1983 .
وأضاف أن شقيقه خلال دراسته ببغداد ترأّس الاتحاد العام لطّلبة تونس وسكريتارية الطّلبة العرب ببغداد، ونظرا لكون النّظام الحاكم بتونس كانت له عيون تتابع التونسيّين بالخارج نقلت معلومات عن نشاط شقيقه للسّلط الأمنيّة التونسية، وبمجرّد عودة شقيقه المرحوم إلى البلاد التونسية يوم 29 أوت 1983 استدعي إلى وزارة الدّاخلية وتحديدا فرقة أمن الدّولة للتحرّي معه، وكان المجيب رافقه يومها إلى وزارة الدّاخلية والتقاه مساء في حدود الخامسة والنّصف وقد عاين آثارا من التّعذيب على وجهه وتمزّقا بجلد القدمين وكان شقيقه المرحوم أعلمه أنّه تمّ بحثه بخصوص انتمائه لحزب البعث ونشاطاته السّياسية حين إقامته ببغداد وكان تعرّض للتّعذيب أثناء البحث كإخضاعه لوضع الدّجاجة المصلية والضّرب بالفلقة حدّ الإغماء عليه وحين يستفيق يخضع لنفس الممارسات، موضحا أنّ شقيقه طلب منه العودة لوزارة الدّاخلية في اليوم الموالي وخضع مجدّدا إلى نفس التّعذيب لانتزاع اعترافات له بانتمائه لحزب البعث ونشاطاته السياسية .
كما ذكر أنّ من بين أساليب التّعذيب التي تعرّض لها شقيقه كان يطلب منه رفع كرسي بيديه لساعات وعندما يهمّ بإنزاله يقع ضربه بعصى مسطحة على مؤخّرته وكان المجيب عاين آثار حمرة شديدة على مستوى مؤخّرة شقيقه وكانت تلك البقعة الحمراء تفرز ما يشبه السّائل الشفّاف بسبب الضّرب موضحا أنّ جلاّد شقيقه وبأسلوب تهكمي خاطب شقيقه قائلا يمكنك بعد فترة التّعذيب تحرير قصّة تحت عنوان “قصّتي مع الكرسي” كما ذكر شقيق الضّحية أنّه لاحظ آثار الضّرب على مختلف جسم شقيقه ومن تأثيرات ذلك أصبح غير قادر على الجلوس والمشي ومع ذلك طلب منه العودة للبحث يوم 01 سبتمبر 1983 وللمرّة الثّالثة وكان رافقه مرّة أخرى إلى وزارة الدّاخلية.
وفي نفس السياق، أكّد أن شقيقه قتل تحت التّعذيب وأنّه في نفس اليوم الذي رافق فيه شقيقه إلى وزارة الدّاخلية عاد أدراجه إلى حيث كان يسكن وشقيقه بشقة بالمنزه 1 وبمجرّد وصوله إلى العمارة عاين ببابها جثّة ممدّدة ومغطّاة بورق الصّحف ما لبث أن عرف أنّها تعود لشقيقه استدعي وزوجته حينها إلى مركز الأمن بالمنزه 1 حيث أعلموه أنّ شقيقه ألقى بنفسه من سطح العمارة المذكورة وأمروه بالتوجّه إلى المحكمة والتّصريح بأنّ شقيقه أقدم على الانتحار وقاموا بتهديده في صورة الرّفض أو التّصريح والإدلاء بخلاف ذلك، فإنّه سيلقى نفس المصير، مبينا أنّ سيّارة إسعاف نقلت جثّة شقيقه إلى قسم الطبّ الشرعي بمستشفى شارل نيكول لغاية التّشريح وتمّ تسليمهم الجثّة يوم 03 سبتمبر 1983 وتمّ نقلها إلى الرّديف أين تقيم العائلة الكبرى، مرافقة بالأمن وشهدت الجنازة حضورا كثيفا من المواطنين من مختلف الجهات وكذلك حضور أمني كبير…
وبيّن أنّ العائلة لم تستلم نسخة من تقرير الطب الشرعي ولا البحث الأمني ولا البحث التحقيقي في الغرض ولم تسع للحصول على ذلك بسبب حالة الرّعب التي كانت تعيشها وخوفا من الملاحقة الأمنية والتنكيل بها ناهيك أنّ زوجته فقدت جنينها بسبب الواقعة المذكورة..
وختم الشقيق شهادته أنّه بدوره وبعد أشهر على قتل شقيقه تمّ استدعائه إلى مقر وزارة الداخلية وبحثه من قبل إدارة أمن الدّولة بخصوص انتمائه إلى حزب البعث العربي الاشتراكي وما إذا كان له نشاط في العراق أو في البلاد التونسية وكان أخضع لأنواع شتّى من التعذيب ما ألحق به ضررا بدنيّا جسيما تسبّب له في العجز الجنسي وله تقريرا طبّيا مفصّلا في الغرض ذاكرا أن من بين معذّبيه وشقيقه يذكر المنسوب إليه الانتهاك الهالك علي الطّيّاري ونفر آخر يدعى اليوسفي أو اليونسي ورئيسهم المدعو محمد الحاجي…
هذا و تم السّماع إلى شهادات العديد من رفاق المرحوم حسن المباركي تمحورت جلّها حول المضايقات و الإنتهاكات الّتي طالت المرحوم وتعدّته إلى جلّ أعضاء الحركة الفكرية آنذاك….
وقد تم تأجيل القضية وتحديد موعد لها إثر الجلسة .
المصدر: المجلة قبل الاولى