أكثر من 5 الاف مليار تُفلت سنويا من خزائن تونس في شكل تدفقات مالية غير شرعية
ابرزت معطيات دراسة اعدتها لجنة التحاليل المالية التابعة للبنك المركزي التونسي ان ازيد من حوالي نصف التدفّقات المالية بالعملة الأجنبية الواردة نقدا، تذهب مباشرة الى سوق الصّرف السوداء حيث يتمّ استثمارها في الاقتصاد الموازي، و بحسب ذات الدراسة فقد تم اكتشاف ضعف استقطاب المسالك الرسمية للصرف مقابل تعاظم نفوذ سوق الصرف الموازية.
و تشهد الساحة المالية التونسية تفاقم نشاط الصرف الموازي وعمليات التهريب وغيرها من الجنح الديوانية والصرفية ذات العلاقة بالتهرّب الديواني والصرفي على اعتبار أنّ نسبة 42% من تدفقات العملة الاجنبية المصرّح بها لدى الديوانة -وفق مخرجات الدراسة- لا يتمّ دمجها بالساحة المالية الرسمية التونسية وقد تكون موجّهة نحو تمويل الاقتصاد الموازي وجملة الأنشطة غير الشرعية المتّصلة به كالجريمة المنظّمة والإرهاب والتهريب.
ويُفلت سنويا حوالي 1.7 مليار دولار من خزائن تونس على شاكلة تدفقات مالية غير شرعية، يمرّ جزء منها عبر المؤسسات المالية من خلال الاستناد الى فواتير ووثائق مفتعلة بعضها لا يخلو من بصمات مسؤولين رفيعين في هذه المؤسسات.
و اثبتت الدراسة ان نسبة عمليات الايداعات النقدية بالساحة المصرفية الرسمية مقارنة بالمبلغ الجملي لعمليات التصريح بالعملة الاجنبية عند الدخول يبلغ فقط 9% مما يعكس عدم قدرة المنظومة القانونية الحالية و اجهزة الرقابة التابعة للدولة على السيطرة على جزء هام من النقد السائل من العملة الاجنبية.
كما سجّلت البنوك التونسية خلال ذات الفترة نحو 901 عملية إبدال عملة أجنبية الى دينارات لدى البنوك بقيمة جملية بلغت حوالي 8 مليون دينار موزعة على 14 بنكا. ويتبيّن لللجنة المذكورة أنّ عمليات إبدال العملة الاجنبية بالمصارف التونسية مقارنة بحجم عمليات التصريح بالعملة الاجنبية المورّدة مثّلت نسبة ضئيلة جدا لا تتجاوز 1% على مدى فترة الدراسة
هذه البيانات الاحصائية تشير بشكل جليّ الى أنّ استقطاب البنوك التونسية لعمليات بيع العملة الاجنبية ضعيف جدا بل يكاد يكون منعدما رغم عدم وجود إجراءات ترتيبية صارمة أو متشددة في هذا المجال، حيث أنّه، في أقصى الحالات، لا يُطلب من الحريف الّا بطاقة التعريف الوطنية، في حال تجاوز مبلغ العملة المراد إحالته بالبيع 5000 د.ت أو تصريحا ديوانيا في توريد عملة أجنبية، إذا تجاوز المبلغ 10 آلاف د ت.
و عموما مثلت هذه العملية النموذجية لللجنة التونسية للتحاليل المالية مسار تدقيق ميداني شارك في إنجازه وطنيا جهات إنفاذ القانون (وزارة الداخلية والإدارة العامة للديوانة) و كافة البنوك بالساحة المالية التونسية. هذه العملية امتدّت على مدى شهرين متتاليين.
و يعتبر الهدف الرئيسي من المسار تقييم المنظومة التونسية لغسل الأموال و تمويل الإرهاب و فهم نطاق و مخاطر النقل المادي للأموال عبر الحدود التونسية أي المبالغ بالعملة الصعبة التي تدخل تونس و تغادرها نقدا عبر الحدود دون المرور بمؤسسات مصرفية و بنكية او اجراء تحويلات في الغرض. و خلصت العملية الى ان الساحة المالية التونسية باتت منطقة عبور للأموال، حيث تمر الاموال نقدا عبر تونس لاستغلالها لاحقا في عمليات التحويل الى بلدان الوجهة و هي ليبيا و الجزائر بالاساس.