خواطر كتبها لكم الاستاذ الطاهر بوسمة/ عندما يستعمل الرئيس حقه بتقدير وحساب

كتب الطاهر بوسمة :

تفاجأ بعضنا من اختيار رئيس الجمهورية لمن سيشكل الحكومة المقبلة مبتعدا عمن رشحتهم الاحزاب التي دونت اسماءهم كتابة.لقد اجاز الدستور لرئيس الجمهورية الاختيار في حالات عددها الدستور واعطاه حرية كاملة فيمن يراه صالحا من تلك العروض او من خارجها وهو ما لا يمكن منازعه في اختياره ذلك لان قراره يدخل ضمن سلطته التقديرية التي ليس لاحد نقاشها.

لذا يبقى لتلك الاحزاب الممثلة في مجلس النواب كامل الحرية في استعمال حقها وذلك بحجب الثقة عنها ان لم يرضها ذلك.

انها الديموقراطية التي اخترناها والتي يجب علينا إتباعها للآخر اذا اردنا ان نحترم قانون اللعبة المحددة مسبقا.

وعندها تبقى النتيجة التي على كل طرف من الاطراف تحملها بما لها من سلطة خولها لها الدستور الذي يجب ان يبقي المصدر والحكم.

وعلى سبيل النقاش يمكن لي ان اتوسع واذكر بحقوق الاحزاب التي اودعت لائحة لوم ضد الحكومة قبل أن يتعجل رئيسها بتقديم استقالته للرئيس تلافيا لنتائج ما يعلمها الا الله.

فهل كانت تلك الاستقالة عن حسن نية أم كانت هروبا من النتائج التي ستتبع تلك اللائحة.

لقد اختلف رجال القانون الدستوري في تأويل تلك الحالة وهل الدجاجة كانت سابقة أم البيضة، وبقي الجواب عن ذلك السؤال معلقا.

أقول بسذاجة بإن التمشي الذي جرى تغلبت عليه المجاملة ولم تقع مواصلته للنهاية بحجة انه لم تشكل عندنا بعد محكمة دستورية لتبت في الخلاف.

.ثم أما كان علينا ان نجرب مسارنا للنهاية لنعرف على عيوبنا ونقيم دخولنا في احترام دستورنا ونغير ما كان فيه من شطط ان لزم لان الديموقراطية متشعبة وصعبة المراس بخلاف الانظمة الشمولية التي تعودنا عليها وشبعنا منها ولم نكن زمنها فيها من المواطنين في بلدنا، بل كنا رعايا أو اقل من ذلك.

لذا وبما ان الاحزاب التي اظهرت احترازها بحجة أو بأخرى انه كان اختياره من خارج الذين شرحتهم له كتابة في انحراف.

فأقول لاصحابها عليهم بالرجوع على نفسهم بعدما فرطوا في حقهم وواجبهم الذي تعهدوا به لناخبيهم وسوف يدفعون ثمنه غاليا وحدهم في اول مناسبة إذا قدر وحل المجلس ان شاء الله لأننا لم تر منه ما يسر او يشرف وبات ساحة للتعطيل وللخصام وهتكا حتى للأعراض.

واتصور انهم سيقبلون صاغرين بمنح ثقتهم هذه المرة أيضا لأنهم يدركون المصير الذي ينتظر بعضهم إذا فقدوا حصانتهم المتمسكين بها. والايام بيننا.

ولكن الذي بات ينتظرنا هو فقدان الاغلبية عند الحاجة لانه لم تعد توجد قيادة تجمعها، وستبدأ المزيدات في كل قانون أو شأن ذي بال، وربما يشل المجلس أو يدخل في سبات ويفقد دوره الذي كان محور السياسة والقرار عملا بما خصه به الدستور الذي اعتبره أصل السلطات.

كل ذلك ونحن في وضع اقتصادي ومالي سيء للغاية وعلى ابواب الافلاس ولن تتمكن اي حكومة مهما كانت من القيام بالإصلاحات التي باتت ضرورية ومطلبا للمانحين والمقرضين الذين لا يهمهم ما يحدث من هزات أو انتفاضات.

رأينا ذلك سابقا لمرات ومرات في زمن حكم بورقيبة وفي عز الاوقات، وبالتحديد في حكم الهادي نويرة وما جرى له فيه يوم الخميس الاسود، وبعده في زمن حكم محمد مزالي في ثورة الرغيف التي خسر فيها الجولة، ولو بعد التفاف عليها وتأجيل نهايته بالإقالة وشق الصحراء لسنوات أدركتها.

ذلك الذي اخشاه ولا اتمنى ان اراه بعد ثورة نظيفة قامت ضد الطغيان ودخول متردد في زمرة الشعوب التي قطعت مع الفساد والقهر والاستعباد، ولله الامر من قبل ومن بعد في كل حال.

                                                     الحمامات في 27 جويلية 2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!