بكل جرأة يكتبها محمد عبد المؤمن / الثورة التي تحولت الى ثروة والنضال الذي تحول الى ” بزنس” 

كتب محمد عبد المؤمن :

هل يمكن ان نقارن بين المشهد السياسي الذي كان في 2011 اثر سقوط نظام المخلوع والمشهد السياسي حاليا؟

بالتأكيد لا .

اسماء كثيرة غابت واخرى همشت وثالثة تقاوم  من اجل البقاء لكن بصعوبة كبيرة.

تونس اليوم مختلفة كليا عن تونس في 2011 ومن يتصدرون المشهد اليوم لا علاقة لهم بثورة 2011 فكثير منهم جملة من المتسلقين والانتهازيين الذين استخدموا ذكاءهم لإعادة رسكلة انفسهم واخذ مكانهم في القطار الذي يلقي كل مرة بشخصية بل ويرميها غير آسف عليها.

حتى الذين بقوا في المشهد بطريقة او بأخرى اما انهم ناشطوا فيسبوك او انهم تأقلموا مع الوضع.

حالة الاحباط التي رأينا عليها محمد عبو وهو مجرد مثال امر طبيعي جدا لان شخصيات غيره كثير تعيش نفس الحالة لكنها تصمت وتخفي.

اين مصطفى بن جعفر والدكتور المنصف المرزقي .

اين سهام بن سدرين وحمة الهمامي ونجيب الشابي .

تونس اليوم فيها بن تيشة وبسيس وفيها القروي ومحمد الغرياني وعبير موسي هؤلاء وغيرهم من استفادوا من الثورة.

معذرة لان الحديث الصحيح ليس عن الثورة فقدر رحلت الثورة وسنجدها يوما في كتب التاريخ  يقرأ عنها ابناؤنا واحفادنا وسيجدون الاسماء غير الاسماء لان  التاريخ وكما عهدنا يكتبه المنتصرون.

تاريخ تونس السابق كتبه محمد الصياح وفيه المجاهد الأكبر صاحب الفضل على تونس وانه الوحيد الذي ناضل وهو من اخرج الفرنسيس .

تاريخ تونس كتبه زبانية بن علي جعلوا تونس في زمنه معجزة اقتصادية ولم يشغلهم كونه كان زعيم عصابة الاربعين حراميا.

تونس اليوم تئن بين تجار الدين والمتلونون الذين خلا لهم الجو والوضع فسرحوا ومرحوا كما يشاؤون.

لنسأل سؤالا يتبادر الى ذهن كل تونسي :

ما الذي اوصلنا الى ما نحن فيه؟

بمعنى آخر لماذا تونس اليوم بهذه الصورة؟

عوامل كثيرة خلقت هذا.

اولها ان التجربة الديمقراطية كانت وليدة وانقاد الشعب نحو الشعبوية ومن قال انا ظل الله في الارض صدقه القوم وساروا معه وبعضهم مازال يسير مغمض العينين.

تونس اليوم ايضا تعاني من طغمة استبدلت النضال وقد كان من اجل ايديولوجيا لا غير بمرض السلطة ومن ذاق حلاوة السلطة والجاه وتمتع بها صار صعبا عليه ان يتركها.

تونس اليوم ايضا تعاني من فكر احمق ساذج صور اصحابه ان الشخص هو الملهم وأنه صانع ربيع تونس وانه لولاه فستضيع البلاد ويضيع العباد.

هي عقلية الراعي والرعية وهي ايضا العقلية الشرقية التي تنبني على تقديس الاب فهو الحاكم والمسيطر وولي الامر .

الاب قد يكون بيولوجيا وقد يكون ايديولوجيا او دينيا او بأكثر دقة تجن على الدين.

قد يقول قائل ان الوضع سيتغير.

نعم سيتغير لكن هل من الضروري ان يتغير بنفس الطريقة أي ان ننتظر ان يرحل جيل كامل ليتغير.

تونس اليوم في حاجة الى الفكر الجمعي ونبذ الفردانية ان كانت غنوشية او قيسية او قروية . كلهم سواء الوان مختلفة لكن المضمون واحد فكلهم ” قارين عند نفس المدب” .

عندما خرجت بريطانيا من الحرب العالمية الثانية مدمرة لم تصنع تمثالا لتشرشل صانع نصرها بل شكرته واتت بغيره فهو زعيم حرب اما بعد الحرب فهي في حاجة لعمل جماعي لا مكان فيه لتقديس الاشخاص .

اوباما كان من اكثر الرؤساء الامريكيين شعبية ولو ترشح لفترة رئاسية ثالثة لفاز لكنها الديمقراطية  والدستور .

انتهت اللعبة .غادر السلطة شكر الله سعيك.

اما عندنا فمازال الاشكال في نطاق الحزب الواحد . هل اخرج ام لا اخرج.

لو تركت فان حزبي سيضيع ويتشتت ويتمزق.

تلك هي اخطر معضلة تواجه الديمقراطية التونسية اليوم . عقلية الفرد وانانية الفرد .

نشر هذا المقال في الجراة الأسبوعية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!