كتب علي عمري/ العنف ضد المرأة في زمن كورونا… كابوس التفكك الأسري في غياب المناعة الذكورية ..!

بقلم علي عمري*

إن ما يدفعنا إلى مزيد التوغل في صفحات هذا الملف وتجريم هذه الظاهرة المتجددة والمطروحة اليوم بحدة وإستنفار هي التقارير المحملة بنسب وإحصائيات مثيرة للريبة والتي سجلت من قبل منظمات المجتمع المدني والإتحادات النسوية والجمعيات الحقوقية منذ بداية الحجر الصحي العام بسبب الوباء المستجد “كورونا” .

على رأس هذه المنظمات المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وقد أثبتت سطور هذه التقارير وأرقامها أن جزءا ممتدا من المجتمع التونسي رسب في أول تجربة تواصل مطول بين الجنسين، حيث أخفق الإنسان عموما في الحفاظ على أنثاه بل ودفع العلاقة برمتها نحو مزيد الهشاشة والتمزق …

عمليا، نسبة العنف المسلطة ضد المرأة في تونس تضاعفت 7 مرات مع بداية الحجر الصحي العام أي بمعدل إمراة تتعرض للتعنيف كل 45 دق رغم أننا نتحدث هنا عن دولة تعتبر بمنأى نسبي عن التصنيف العالمي للمجتمعات المضطهدة لحقوق المرأة وخارج قائمة الدول الاشد خطرا على حياتها على غرار باكستان، اليمن، الكونغو وغيرها، ليطفو على السطح مجددا وجه آخر من وجوه الرق والإستعباد وربما هو الوجه الأشد حلكة .. فالمرأة اليوم كغيرها من الشرائح الإجتماعية المقموعة (العمال، أطفال الشوارع، الطبقات الشعبية المفقرة ..) لم تكترث لها الأنظمة الرأسمالية ولم تطوق جيدا منافذ العنف المسلط عليها سواء كان لفظيا، جسديا أو إجتماعيا رغم ما يمنحه القانون من صلاحيات للقيام بذلك ومن أهم ما تم سنه في علاقة بهذه المسألة القانون الأساسي عدد 58 لسنة 2017 المؤرخ في 11 أوت 2017 والقاضي بتقليص نسب العنف ومحاسبة كل مرتكب لهذه الجريمة، لتجد نفسها بالتالي قد سقطت في الثنائيات المتضادة وأبشعها أن تختار بين التفكك الأسري أو اكتساب المناعة الذكورية والإلتفاف حول نفسها وملازمة الصمت وعدم الإفصاح بشيء مما يدعونا إلى التفكير مليا وتوقع حجم النسب المسكوت عنها والغير معلنة من قبل الضحايا نفسهن .. عموما أغلب ما يدعوهن إلى التستر عن مظاهر العنف داخل الأسرة هو محاولتهن حماية العلاقة العائلية خاصة إذا كان لديهن أطفال أما خارج الأسرة فقضايا الإغتصاب والتحرش قد دقت ناقوس الخطر منذ سنوات في غياب تام للسلط المعنية والحماية والحيطة الإجتماعية … ببساطة، إن قدر المرأة التونسبة على مر التاريخ يختصر في موت المناضلات والحقوقيات تحت تعذيب المستعمر أو التعذيب السياسي الدكتاتوري أو أن تجلد النساء معنويا وماديا داخل السجن الذكوري المسيج بأرذل طقوس الإيتيقا الإجتماعية .. ليست المرأة فزاعة يفر منها الرجال نحو المقاهي والملاهي وليست آلة عمل منزلي تعمل تحت الضغوط والشتائم دونما عرفان او إلتفافة شكر وإنما هي العاملة الكادحة والكادر النوعي المساهم في بناء المجتمع التونسي .. هي إذن جزء لا يتجزأ من سياق شعبي يحاول ترميم الشرخ الأكبر في جدار الديمقراطية .. فمتى يسقط المجتمع عنها أدوات العنف والتعنيف بعيدا عن مدار المساواة المتذبذبة والحريات المتعددة نظريا ..!؟

*ناشط سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!