كواليس السياسة : تشكيل الحكومة…مفاوضات معلنة وأخرى «تحت الطاولة» هي الأهم

اغلب التصريحات التي يدلي بها قياديو الاحزاب تصب في خانة مصلحة الوطن وان الوطن فوق الاحزاب لكن التجارب السابقة في 2011 و 2014 علمتنا انه لا مفاوضات دون شروط ومساومات واوراق قد تغير المعادلة.

فالسياسة ليست ابدا ذلك العالم المثالي الطوباوي الذي ترسمه لنا الأحزاب بل هي فن التفاوض وعقد الصفقات لكن الاختلاف ان هناك صفقات معلنة كما حدث في 2014 بين الشيخين واخرى خفية كما حصل في 2011 والتي وصل بمقتضاها المرزوقي للرئاسة دون انتخابات وهدا لا يقلل من قيمة الرحل لكننا ننقل الواقع.

اليوم هناك بوادرتغيير في المشهد يسميه البعض كونه جذري لكن الوضعية على حقيقتها لا تحتمل هذا التقييم والوصف فالتغير موجود صحيح لكنه ليس جذريا.

النهضة والاكراهات القديمة الجديدة

منذ خسارتها في الانتخابات الرئاسية بدأت النهضة في اطلاق وترويج خطاب جديد يراوح بين الثوري والواقعي .

مع العلم هنا ان الكثيرين يتهمونها بكونها تخلت عن مبادئ الثورة ودخلت في صفقة مع النظام القديم ممثلا في نداء تونس.

هذا الخطاب صرح به المنصف المرزوقي والتيار واتهمتها به حتى الجبهة الشعبية وغيرهم.

مؤخرا ارسل ائتلاف الكرامة رسالة بنفس هذا المضمون وقال عبد اللطيف العلوي كونهم هم من دفعوا النهضة لتغيير خطابها والرجوع الى التموقع في خط الثورة.

طبعا النهضة تنكر هذا وتؤكد كونها تحالفت مع نداء تونس والذي كان الغنوشي يسميه قبل الصفقة مع قائد السبسي بكون النظام القديم ثم صار اثناء الصفقة شريك مسؤول لكنه الان عاد نظاما قديما.

بعيدا عن الاحكام الانفعالية فان عقد الصفقات بما فيها الخفية وتغيير الخطاب هو سنة جامعة للأحزاب بل السياسة هي هذا اي لكل مقام مقال.

النهضة اليوم باتت ترفع شعارات الثورة مجددا وهذا هو الوضع اما لماذا فهو سؤال قد يمكون ثانويا لان السبب معروف.

من هذا المنطلق تدخل النهضة في مفاوضات تشكيل الحكومة والتي تسميها الى الان غير رسمية ولا ندري متى ستتحول الى رسمية؟!

مفهوم المفاوصات الرسمية هو الوصول لاتفاقات وبقاء مسائلة شكلية يتم الاتفاق حولها وهي تتعلق بالنسب وتوزيع المناصب والصلاحيات.

بالنسبة للنهضة باعتبارها الحزب الفائز فهي التي تعرض المقترحات وايضا الشروط والاخر يجيب ولديها هنا ورقة مهمة تستغلها وهي خوف اغلب الاطراف من اعادة الانتخابات لان الوضع والمعادلة قد تتغير او تنقلب كليا.

بالنسبة للأطراف الاخرى فهي راغبة في المشاركة في السلطة لكنها تتحمل لعبة عض الاصابع قدر المستطاع لتحسين الشروط وترفع في سقف المطالب ما امكنها ذلك.

بالتالي علينا ترك المثاليات جانبا فالسلطة حلوة ومغرية كنا يقال.

السؤال هنا : هل ما يصلنا من معطيات هو ما يحصل فقط؟

بالتأكيد لا . فإلى جانب المفاوضات الظاهرة العلنية هناك جانب آخر خفي او لنقل يجري تحت الطاولة وهو الاهم فالمسؤوليات ليست توزيع مناصب اساسا بل توزيع صلاحيات فيمكن ان يعطى حزب وزارات لكنه لا يعطى صلاحيات وهذه معضلة التيار الاساسية مع النهضة .

فالخلاف بينهما حول الصلاحيات وهم يرفضون تكرار تجربة 2011 ضمن الترويكا حيث وجدوا ان لهم حقائب وزارية لكن ليس لهم صلاحيات حقيقية.

بالنسبة لائتلاف الكرامة فهو في خانة واحدة مع النهضة اي نفس العائلة لكن مع فارق وهو فورة الشباب وقلة الخبرة السياسية في ادارة الدولة و دواليبها.

اما غير هذا فكلاهما يميني التوجه والخلافات لا تتعدى التفاصيل.

محمد عبد المؤمن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!