بكل جرأة يكتبها محمد عبد المؤمن/تونس…من ديكتاتورية بن علي الى ديكتاتورية الفاسدين

تونس – الجرأة الأسبوعية :

بات مصطلح الانقلاب العسكري وتدخل الجيش يتكرر كثيرا خلال هذه الفترة في وسائل الإعلام وفي منصات التواصل الاجتماعي.

هذا الخطاب الجديد القديم لا يمكن ارجاعه الى المؤامرة فقط أي ان هناك من يريدون استعادة الماضي من خلال حكم عسكري يحلمون به هو في الحقيقة لن يتجاوز مخيلاتهم المريضة لكن هناك سبب آخر له .

ما نعنيه هنا هو حالة اليأس والاحباط التي صار عليها المواطن التونسي الذي سئم من كل شيء.

وعندما نقول كل شيء فالأمر مقصود وليس مبالغة

التونسي اليوم سئم انتشار الفساد وعدم المحاسبة وسئم طغمة السياسيين الحمقى الانتهازيين الذين لا تعنيهم الا مصالحهم وقد ثبت له ان ما قالوه في حملاتهم الانتخابية لم يكن الا شعارات وكذب وبهتان سرعان ما كشف وفضح رغم الوجوه الملائكية التي يرسمونها في الاعلام.

فالأعداء صاروا اصدقاء بل احبابا وان فرقتهم الايديولوجيا والفكر فان المصالح جمعتهم وقربت بينهم وهات ” يا بوس وتعنيق” و” مشيلي نمشيلك واعطيني نعطيك”

هذا هو دينهم . المصلحة والحفاظ على السلطة والجاه والنفوذ والثروة.

اما الموطن فله رب كريم  .

دعوات الانقلاب هذه التي تروج في شكل اسئلة او تحاليل او فرضيات ليست بريئة بالمرة والبراءة هنا هي من اشخاص جمعتهم المصالح فتحكموا في الوضع وصاروا في صدر المجلس والمشهد وان لم ترضهم القسمة هددوا بنسف كامل اللعبة وان لزم الامر تغيير كل قوانينها.

بلغة أخرى أوضح شعارهم ” معاكم في القسمة والا نحرم”

هؤلاء كانوا نكرات واصفارا فتحولوا فجأة بفضل الثورة التي تمردوا عليها وخانوها الى مشاهير وشخصيات عامة وسياسيين ونجوما وايضا اصحاب مال وجاه.

ما طرح من احدى الاذاعات للمواطن في شكل سؤال  هل انت مع انقلاب ام لا يمكن ان نجد له مبررا يفسره وهو ان المواطن نفسه بات يبحث عن الخلاص بأي طريقة كانت بل ان السياسيين الذين يتصدرون المشهد ” كرهوه” في السياسة وفي الديمقراطية بل حتى في الثورة لانهم ببساطة جعلوا منها ثروة .

في تونس اليوم انتقلنا من ديكتاتورية الفرد والقلة الى ديكتاتورية قد تكون اخطر بكثير هي ديكتاتورية الفساد واللوبيات والعصابات ومصاصي الدماء الذين لا يحييون الا في الفوضى والتسيب وضعف الدولة.

من المهم هنا ان نطرح سؤالا قد يكون اهم بكثير من هل انت مع انقلاب ام لا وهو : هل انت مع منح صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية لضرب الفساد والفاسدين؟

هذا السؤال مشروع لأمرين على الاقل :

الاول ان قيس سعيد هو محل ثقة التونسيين او اغلبهم على الاقل .

الثاني ان هذا المسؤول الذي انتخبه الشعب لا صلاحيات تذكر له بل ليس له الحق حتى في محاسبة عمدة فهو وفق الدستور الذي وصفوه بكونه افضل دستور في العالم ولا ندري وفق أي مقياس ليست له صلاحيات الا في الشؤون الخارجية والدفاع أي الشؤون مع الدول الاخرى والبروتوكولات .

 بمعنى آخر اريد له ان يكون صورة لتونس في الخارج وايضا صورة في الداخل فقط أما السلطة الحقيقية فهي بيد رئيس الحكومة وهو مسؤول خاضع اراد ام  كره الى الأحزاب وهو ما يرجعنا الى المربع الأول أي الانتهازيين حتى وان رفعوا شعارات الطهارة الزائفة .

من هنا يكون المطلب الصحيح: هل انت مع تغيير النظام السياسي ام لا ؟

هذا المطلب لا علاقة له بالتوجهات السياسية أوالايديولوجية  ولا بالموقف من سياسي معين او حزب محدد بل بمستقبل البلاد فقد ثبت بعد عشر سنوات من الثورة كون تونس  لا يمكن ان تنجح في ظل النظام البرلماني الذي شتت السلطات وجعل القرار بيد احزاب لم ترتق الى مستوى ثورة ويبدو انها لن ترتقي مطلقا  فالبلاد اليوم في حاجة الى شخص يمسك بزمام الأمور لكن مع ضمان عدم التخلي عن الخيار الديمقراطي.

نشر هذا المقال في الجرأة الأسبوعية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!