محمد الرصافي المقداد يكتب / اغتيال قاسم سليماني بداية زمن أفول نجم أمريكا

بقلم / محمد الرصافي المقداد :

ما تروّجه أمريكا على نفسها، وما يتشدّق به المهووسون بها، وتبّع استكبارها على هذا العالم، انها القوّة العظمى التي لا تقهر، وقد تسبب لها ذلك، ولهؤلاء الذين نسوا الله، نشوء عقلية تؤمن باستحالة منازلتها والانتصار عليها، لذلك عربدت بسياساتها وقواتها العسكرية، في مختلف انحاء العالم، كأنما المالكة والمتصرّفة الوحيدة فيه، قد ارتكبت من الجرائم الفظيعة في غير مكان، ما يضع حكامها وقادة جيشها، تحت طائلة محكمة الجنايات الدولية كمجرمي حرب، ومع ذلك بقيت على علوّها واستكبارها، غير عابئة بالقوانين والاعراف الدولية، مستمرّة في عدوانها، ولا تقيم وزنا لتنديد أو استنكار، بل أنها تنقض ما الزمت به نفسها، كلما تهيّأ لها خلافه دون حياء أو خجل، وهذا طبع متأصّل في قادتها، وجبلّة متوارثة بينهم.

ودون أن نستبعد التأثير الصهيوني على قادتها، بعدما أظهروا علاماته خلال زياراتهم الى فلسطين المحتلة والقدس، يبدو الساسة الأمريكيين ميالين للصهينة، من كونهم أمريكيين، من المفروض أن تهمّهم مصلحة بلادهم قبل كل شيء، لكنهم آثروا أن يكونوا الى جانب الكيان الصهيوني، حماة له وخدما لنزواته الخبيثة، واعتداءاته المتكررة على الفلسطينيين ودول الجوار.

أمريكا المعتدّة بقوتها والغبيّة بتصرفاتها، وقعت في فخ التحريض الصهيوني على إيران، وأعتقد تماما أنها أصبحت أسيرته، بعد عملية الاغتيال الجبانة، التي استهدفت قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني ومرافقيه من قادة الحشد الشعبي العراقي، وهم خارجون من مطار بغداد بعد استقبال رسمي، وهي وإن حاولت التخلص من وقعتها بإرسال رسائل عبر السفارة السويسرية بطهران، ووسطاء من الخليج (سلطنة عمان ودولة قطر)، طالبة عدم الرد على عملية الاغتيال مقابل رفع العقوبات، لكن هيهات ان تجد هذه الدعوات اذانا صاغية، فقد سبق السيف العذل.

 

فلأوّل مرة اجتمع قائد الثورة الاسلامية الإمام الخامنئي، بالمجلس الاعلى للأمن القومي الإيراني، بعد تصريحه بأن المجرمين سيلقون ردّا حاسما، هو أشد مرارة مما اقترفوه بالإغتيال الغادر الجبان، بمعنى أن جميع الوساطات قد سقطت، وسدت أمامها منافذ القبول، اعلانا بأن العبث والعربدة والاجرام الأمريكي يجب أ يوقف عند حده، وبالأسلوب الذي يفهمه الأمريكيون، ويعيه قادتهم المتعجرفون.

الرئيس الامريكي ترامب عاد مرة اخرى يتهدد ايران، بأسلوب اكثر تعاسة وحمقا من ذي قبل، متوهّما انه بإمكانه ان يثنيها عن عزمها في الردّ المستحق، على جريمة اغتيال احد كبار قادتها العسكريين وهو اللواء قاسم سليماني، كاشفا بحمق غير مسبوق نيّته قصف مواقع ثقافية وتاريخية إيرانية ضمن الاهداف التي انتخبها للرد على ايران في صورة ضربها لقواعد القوات الامريكية التي نفذت عملية الاغتيال ومن تورطت فيها، وهذا التهديد يؤكد حقيقة ترامب في أنه بلغ انحطاطا اخلاقيا كشف عن عقدة أنه في بلد لقيط منبتّ تاريخيا، سطحيا غير متجذر في عمق التاريخ، ما دفعه الى ابراز عقدته من تاريخ ايران، وهو بلا تاريخ تقريبا.

عقدة الغرور الترامبية ستصطدم بحقيقة اسمها ايران كرأس حربة اسلامية مع مشروع مقاومتها الذي اجهدت امريكا ما قبل ترامب نفسها على ايقاف نموّه وانتهى به الرئيس الامريكي الحالي الى وضع المأزق والورطة، قد فتح به عهدا جديدا من المواجهة، لا اعتقد أنه سيخرج منه بفائدة تذكر لبلاده، بل يبدو انها آخر ورقات أمريكية وصهيونية، ستتسبب لبلاده وللكيان الصهيوني، ولكل من سيقحم نفسه في المواجهة، بعواقب غير محمودة بالمرّة.

اذا هي حرب فعل وردّة فعل، قد تتوسع الى حرب اقليمية، وقد تنخرط فيها دول أخرى، كالصين وروسيا وكوريا الشمالية، تعتبر نفسها الهدف الموالي لأمريكا، لو انتصرت فيها، وهذا احتمال غير مستبعد، وهذا الانخراط لو تحقق، فستتحول الحرب الاقليمية الى حرب كونية، تأكل الاخضر واليابس، وهذا ما لم يحسب له الرئيس الامريكي الأحمق اي حساب.

ويبدو الرئيس الامريكي مستخفا بالقوة العسكرية الايرانية، وهذا ما سيلحق بعسكره هزيمة مبدئية، إن كانوا بنفس التفكير والقناعة، فقوة ايران العسكرية اصبحت اليوم كبيرة، قد حذر منها عدد من الخبراء العسكريين الامريكيين، ودعوا الى عدم الاستهانة بها، وأن الاهداف العسكرية الامريكية ال35 المجتمعة حول ايران، يسهل على القوات الايرانية تحييدها جميعا في يوم واحد، ووجود جميع اهداف الكيان الصهيوني تحت مرمى الصواريخ الايرانية، وصواريخ المقاومة عامل مهم آخر، يصبّ الى جانب الثأر الايراني، ومشاركة المقاومة فيه كحزب الله وكتائب المقاومة الاسلامية العراقية، أمر أصبح معلوما ومفروغا منه.

لذلك يمكن أن نستخلص أنه من الحمق بما كان، أن يتمادى ترامب في غلطته الفادحة ويفتح على قواته المنتشرة حول ايران، وخصوصا على الكيان الصهيوني أبواب جهنم، ومن الوارد جدا الحاق هزيمة نكراء به، وانهاء احتلاله لفلسطين، والمقاومون لن يرضوا بغير هذه النتيجة، وغير مستبعد أيضا سقوط أمريكا من موقعها كقوة كبرى، الى اسفل سافلين، ومن يدري لعل نبوءة الفكي الفرنسي نوستراداموس Nostradamus 1503/1566 م، بزوال البلد الجديد على أيدي الفرس، ستتحقق بحماقة ترامب.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!