كتب محمد الرصافي المقداد / من أسباب معاداة امريكا واسرائيل إيران

بقلم: محمد الرصافي المقداد

لم تكن ايران لتصل الى ما وصلت اليه، من تقدم علمي، وتطور تكنولوجي، وتفوق عسكري، لولا ثورتها الاسلامية التي قادها الامام الخميني، والتي غيرت نظام الحكم في ايران، من تابع وعميل لامريكا وبريطانيا، الى نظام آخر غير مسبوق، مستقل تماما عن القوى الاستكبارية (الامبريالية) -العاملة على استعباد واستغلال الشعوب – التي وقفت طويلا في وجه تقدم ونمو ايران، باذلة اقصى جهودها في عرقلة مسيرتها التنموية الثورية، العلمية والثقافية والاقتصادية، لكنه بعد مرور 41عاما، تبين ان مصداقية النظام الاسلامي، وليد تلك الثورة المباركة، متلاحمة مع ارادة الشعب الايراني، ظهرت أقوى من مؤامرات أعدائه، وبالسرعة القصوى التي بلغها طوال مسيرته، المحفوفة بالمخاطر والتضحيات الجسام، انجز خلالها جملة هامة من المكتسبات، أهلته لان تتنسم بلاده، مكانة استحقتها عن جدارة، جاءت بعد كدّ ومثابرة كبيرين، ولم تكن فيها منّة من أحد، سوى هذا الخالق العظيم، الذي استجاب لإرادة قوم سلمان المحمدي – كما وعد أوّل مرّة – فتحققت بمشيئته معجزة اسمها الجمهورية الاسلامية الايرانية .

من عاصر انتصار الثورة الاسلامية في ايران، وتتبع احداثها وعايش ايامها الحبلى بالأحداث، ادرك بلا شك تجذر تلك الثورة، في أوساط قواعدها الشعبية المسحوقة والمستضعفة، وهي التي دفعت من دمائها وتضحياتها، ثمنا لنصر إلهي حاسم، فريد من نوعه في تاريخ الثورات، ما كان ليتحقق لولا  العناية الالهية بقوم سلمان المحمدي. (وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم)(*)

ايران التي كانت معدودة من قبل تابعة لأمريكا وبريطانيا، خاضعة للاردة الصهيونية، فاقدة لاي روح تنافسية مع الغرب في تقدمه وتطوره العلمي في شتى المجالات اصبحت اليوم بعد اربعة عقود من الزمن من اشد المنافسين للدول الكبرى ….

يطول بنا الحديث عن ايران، والمستوى الكبير الذي بلغته، ولا يسع المجال لذكر كل انجازات مؤسساتها، لكنه تعميما لفائدة التعرف على هذا الاستثناء المعاصر والتجربة الفريدة، وجب علي أن اشير – لمن فطن التلميح – الى جملة مختصرة منها ترشد الباحث، وتدله على ما بلغته من مستوى تحصيل علمي وتقني، ولم يكن ذلك ليحصل، لولا الوعي الذي بلغه الشعب الايراني، مسنودا بقيادة حكيمة، متبصرة بدورها، وجسامة القيام به، عاملة وفق اطارها الاسلامي قيما ومبادئ واستحقاقات، صامدة في مواجهة التحديات والمخاطر، وما يجب مواجهته منها، خصوصا على المستوى الامني والدفاعي، والاستقرار الامني والقدرة الدفاعية للبلاد، هما اساس كل نمو وتقدم، ومن دونهما لا يستقر حال بلد محاط بالتهديدات، قد تناوشته دعايات الاعداء المغرضة داخليا وخارجيا، ومع ذلك ثبت على ميدان طموحاته ومشاريعه، فحقق منها الكثير، وفي زمن يعتبر قياسيا مقارنة بدول عديدة اخرى.

في هذا الاطار خاطب الامام الخامنئي شعبه بقوله: (يجب أن نكون أقوياء حتى لا تكون هناك حرب، وأقوياء لوقف تهديدات العدو.) بما معناه ان امتلاك القوة العسكرية، تعتبر ضمانا لعدم تفكير الاعداء في شن حرب على ايران، وبالتالي انهاء اي تهديد يستهدف امنها الداخلي، وهذا المطلب ملحّ ومصيري يهم جميع الدول التي لا تملك صناعة أسلحتها الدفاعية.

سياسة لي الذراع الايرانية التي تمارسها امريكا بضغط بلغ ذروته دون جدوى تذكر، لكن الذراع الايرانية صمدت، واثبتت انها ذراع قوية جدا – اخطأت في تقديرها أمريكا – وقوتها خرجت عن السيطرة الامريكية تماما، بإرادة نظام امتلك حاضنة شعبية واسعة، يستحيل عليها أن تغير منها شيئا، وجميع اعمالها العدوانية ضدها عبثية ومخاطرة.

لقد حققت ايران على مدى41 عاما جملة من الانجازات التي ما كان لها أن تبلغها لو بقيت في اطارها القديم من التبعية والعمالة لقوى الاستكبار العالمي، فعلى مستوى التصنيفات العالمية تبوّأت مراتب متقدمة جدا أثبتت نجاحا لنظام حكمها الساهر بكل طاقات مؤسساته على استكمال مسيرته التي اختارها عن قناعة واقترب اليوم من جني ثمارها، خصوصا وهو الذي وجهت قواته صفعة لأمريكا، ما كانت تجرؤ عليها اعتى دول العالم، بعد انكسار أمريكا في مستنقع فييتنام.

 

جامعتان ايرانيتان مصنفتان ضمن أحسن عشر جامعات عالمية، تؤكد مدى حرص ايران على مواكبة العلوم والدخول بجدية مجال المنافسة عليها، وتفوق ملحوظ ومتسارع في مجال الابحاث النووية  والنانو تكنولوجي، وصناعات عسكرية – بريّة وبحرية وجوّية – اثبتت قدرتها على توفير تجهيزات متطورة للجيش والقوى الامنية الايرانية، واجه بها بنجاح الارهاب التكفيري وساعد بها محور المقاومة، التي شكر قادتها على اختلاف تياراتهم الفكرية والعقائدية، يد الخير الإيرانية التي امتدت لهم، بينما باع القضية الفلسطينية أنظمة، تساقطت كورق الخريف، في فخ التطبيع مع الكيان الصهيوني.

من بركات الثورة الإيرانية ونظامها مجال الصواريخ البالستية، التي تفوقت فيه ايران وبرهنت على تقدم كبير فيه، من ذلك انها انشأت قاعدة جيو فضائية، لأطلاق الصواريخ الحاملة للأقمار الصناعية، اطلقت منها بنجاح أربعة الى حد الآن، ولها برنامج في مجال استكشاف الفضاء، وقد كانت ارسلت كبسولة مأهولة بقرد مرتين، واستعادتها سالمة، في مقدمة لإرسال رواد فضاء الى العالم الخارجي.

جدير بالذكر أن ايران هي البلد الاسلامي الوحيد الذي لا يزال متشبثا بإنهاء الوجود الصهيوني على ارض فلسطين باعتباره غدة سرطانية خطيرة يجب أن تستأصل تماما، بينما هامت السلطة الفلسطينية على وجهها وراء انظمة عربية، تريد انهاء الحق الفلسطيني الكامل، وتجره الى حل الدولتين، وأيّ دولتين؟

الخطوط الحمراء التي اخترقتها ايران، بتشجيع وتوجيه من نظامها الاسلامي، هي التي سببت لها مع أهدافها المعلنة، في أول انتصار الثورة، بمواجهة الاستكبار والصهيونية، كل المصاعب والعقبات التي اعترضتها من عدوّيها اللدودين، والى حد اليوم أثبتت التزاما ثابتا بما أعلنته، لم يتزحزح قيد أنملة، وهو بحدّ ذاته إنجاز كبير.

(*)عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزلت عليه سورة الجمعة ( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم (قال قلت: من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثا، وفينا سلمان الفارسي، وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ثم قال: لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال أو رجل من هؤلاء.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!